التقدم في العمر: أسئلة كثيرة ولا جواب واحدا

  • 8/16/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سؤال أصحو عليه يوميا في الأيام الأخيرة؟ هل يجب أن أبدأ بإجراء عمليات تجميل خفيفة على وجهي أم لا؟ حقنة بوتوكس في الجبين وحول العينين أو الشفتين، ماذا في ذلك؟ المنطق يقول إن لا شيء يضير أو يثير الخوف والتردد، فما الذي يجعل الأمور معقدة ومستعصية إلى هذا الحد، والحال أنني قابلت نساء كثيرات دخلن هذه التجربة وخرجنا منها سعيدات راضيات؟ حسم هذا السؤال سيحدد الكثير في المستقبل، فحقنة بوتوكس حول العينين، ستلحقها حقنة ثانية وثالثة ورابعة مما لا شك فيه، وما يرضينا اليوم لن يرضينا غدا، ولا بد أن تعقيدات أخرى وفرضيات وتدخلات جديدة ستكون محتمة. أما عدم البدء بهذا الأمر فمعناه أن أتابع التجاعيد يوميا وهي تستشري وتستفحل في أشد المناطق حساسية من الوجه، معناه أن أرى عيني الواسعتين تضيقان مع الوقت، وطبقة كثيفة من الجلد تتراخى فوقهما وتحجب الرؤية، وكمية من المياه تتراكم تحتهما كأنها مخزون احتياطي من الحزن. معناه أيضا أن تذهب ضحكتي المشرقة اللامعة وتتحول إلى ضحكة محتشمة خافتة، بعد أن تصبح كل ضحكة عملية شق مؤلمة في الجلد. معناه أيضا أن يشتد عبوس جبيني وتتراخى طاقته، ويذهب تبسطه وانفتاحه على الحياة وعلى الآخرين. هل أبدو حساسة أكثر من اللزوم؟ قد يكون كذلك، فمن تعود أن يختزل في وجهه كل طاقته، وحبه للحياة وتاريخه وأحلامه لا بد يفهم. من تعود أن يقول كل شيء بحركة صغيرة من عينه، يقبل ويرفض بضحكة، ينادي بنظرة ويصد بنظرة، يفتح قلبه ببسط جبينه ويغلق على نفسه أبواب العالم بتقطيبة صغيرة. الوجه مرآة، لكن بعض الوجوه أنهار جارية، موجة خلف موجة، وحركة وراء حركة، عالم يجري بلا توقف، وحياة تتدفق جارفة وراءها كل شيء. تبدو فكرة الاعتياد على الزمن مرعبة حقا، لكنها مغرية أيضا على نحو ما. التجاعيد لا تحدث في الجلد فقط كما يبدو لنا، لكنها تحدث في الروح. كل خط حول العينين هو نهج جديد للرؤية والتفكر، وكل انشقاق حول الشفتين هو محاولة لسحب المزيد من الهواء في عالم يضيق. ومع ذلك، مع ذلك، تغريني كثيرا الرغبة في ترك كل شيء لفعل الزمن، للطبيعة التي منحت وصنعت، وكونت الأنسجة وملأتها بالهواء، ثم أنضجت، وفتنت، والآن تأتي لتسحب رويدا رويدا خيط الهواء والماء والحياة من الأوردة واللحم. الحكمة من الزمن واضحة، والرغبة في الاستسلام لها قوية جدا، لكن فكرة الجمال أيضا قاهرة، ولا تقل قوة. الجمال بمعنى القبول، السحر والفتنة، أن تدور الأعناق عندما تمر، وأن تتركز عليك أعين النساء قبل الرجال. جملة رددتها كثيرا على من يعرفونني: إذا أردت أن تعرفي إن كنت تبدوين جميلة أم لا فانتبهي لرد فعل النساء وليس الرجال. الرجل ينبهر بأي بهرج مزيف وغير حقيقي. المرأة تعرف الجمال المتأصل عند المرأة وتميزه. في النهاية، لا أعرف إن كنت سأحسم أمري بخصوص هذا الأمر أم أنني سأظل أطرح السؤال نفسه كل يوم على نفسي. الأجوبة ليست مهمة كما نعرف جميعا. الأسئلة هدف في حد ذاتها، ومادام هناك ما يشغلنا ويملأ ذهننا بعلامات استفهام كثيرة ويؤرق تفكيرنا، فنحن نحيا.

مشاركة :