أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس رسمياً أمس، فوز الباجي قائد السبسي بالرئاسة، غداة جولة انتخابية ثانية شهدت تنافساً حاداً بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي. وبذلك أصبح السبسي العلماني أول رئيس للجمهورية الثانية في تونس، والتي يسيطر حزبه «نداء تونس» على برلمانها ويتوقع أن يسمي رئيس حكومتها. وفور الإعلان، بادر المرزوقي إلى تهنئة خصمه، فيما أحرق إسلاميون مقراً لـ «نداء تونس» في مدينة تطاوين الجنوبية بعدما نظموا احتجاجات منذ ليل الأحد في مسقط رأس زعيم «النهضة» راشد الغنوشي ومدن أخرى جنوب البلاد اعتراضاً على فوز السبسي (المزيد). وقال عدنان منصر، مدير حملة المرزوقي، إن الرئيس المنتهية ولايته، هنأ السبسي بانتخابه رئيساً للبلاد في أول انتخابات رئاسية حرة وتعددية. وشكل ذلك قبولاً من الرئيس المنتهية ولايته لنتائج الاستحقاق، الأمر الذي لم ينسحب على ما يبدو على قواعد التيار الإسلامي الذي أبعدته الانتخابات من الرئاسات الثلاث في البلاد، في ظل تمسك غالبية الناخبين بإرث الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. ونقلت «رويترز» عن شاهد في تطاوين أن «شباناً غاضبين من فوز السبسي أحرقوا إطارات في الشوارع ثم توجهوا إلى مقر نداء تونس وأتلفوا محتوياته وأضرموا النار فيه». وأعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات شفيق صرصار في مؤتمر صحافي أمس، إن السبسي فاز بنسبة 55,68 في المئة (أكثر من 1,7 مليون صوت) في مقابل 44,4 في المئة (1,3 مليون صوت) للمرزوقي. وأشار صرصار إلى «حق المرشحَين في الطعن بالنتائج أمام القضاء». وأظهرت إحصاءات الهيئة العليا للانتخابات أن المرزوقي حصل على تأييد أكبر من منافسه في محافظات الجنوب (خصوصاً في تطاوين، حيث نال 90 في المئة)، في مقابل تأييد مرتفع للسبسي في المحافظات الساحلية ومدن الشمال والعاصمة. وقال السبسي (88 سنة) في خطاب أمام أنصاره في العاصمة ليل الأحد، إنه سيعمل مع الجميع وفي مقدمهم المرزوقي، أثناء توليه الرئاسة، واعتبر فوزه في الانتخابات «انتصاراً للتونسيين وللنظام الديموقراطي». وأكد السبسي أن المرحلة المقبلة يجب أن تُحكم بالتوافق والتشاور بين الفرقاء السياسيين تعزيزاً للوحدة الوطنية. أما المرزوقي، فشدد في خطاب أمام أنصاره في العاصمة مساء أول من أمس، على أن «تونس انتصرت في الانتخابات بترسيخها تقاليد ديموقراطية وبانتخابات نزيهة وشفافة قطعت مع (عهود) انتخابات الـ90 في المئة». ورأى أن «الفضل يعود في ذلك الى شهداء الثورة». وبلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية 60 في المئة، إذ أدلى أكثر من 3 ملايين ناخب تونسي بأصواتهم. وشكل تولي السبسي سدة الرئاسة في «الجمهورية الثانية»، التي ولدت من رحم الدستور الجديد في كانون الثاني (يناير) الماضي، نوعاً من الاستمرارية، على رغم الثورة التي أطاحت حكم الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، إذ كان زعيم «نداء تونس» رئيساً للبرلمان في عهد الرئيس المخلوع وتولى مناصب وزارية عدة في عهد بورقيبة. لكنه اليوم يتولى المنصب الأعلى في البلاد في ظل نظام رئاسي- برلماني مختلط، يملك الرئيس فيه صلاحيات في مجالات الدفاع والأمن القومي والسياسة الخارجية، إضافةً إلى حق حل المجلس النيابي، فيما يملك رئيس الوزراء كل السلطات التنفيذية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
مشاركة :