تعد قضايا الشعوب غير الفارسية في إيران من كبرى القضايا المتراكمة منذ حتى قبل تأسيس نظام الجمهورية الإيرانية؛ إذ طفت مطالب الشعوب المضطهدة والأقليات المكبوتة على السطح مباشرة بعد الإطاحة بحكم الشاه عام 1979. وقد عرف عهد الشاه محمد رضا بهلوي 1926 - 1979 وقبله فترة حكم والده الشاه رضا بهلوي 1925 – 1941 عمليات قمع ضد المطالب القومية، ويواصل النظام الحالي النهج نفسه؛ إذ يعاملهم بأسلوب أمني مشفوع بالتمييز والإذلال. تضم إيران 6 شعوب رئيسية هم الفرس والترك والكرد والعرب والبلوش والتركمان، وتنحدر منها شرائح أخرى مثل اللور والبختياريين... تتوزع هذه الشعوب في أنحاء مختلفة في إيران، ولكل منها لغة وثقافة وأعراف وتقاليد مختلفة. أسماء الشعوب تعكس غالباً أسماء الأقاليم التي تقطنها، مثل إقليم أذربيجان وهو موطن الترك الأذربيجانيين – علماً بأن هناك شعوباً تركية أخرى، فضلاً عن الآذريين، مثل التركمان والقشقائي والأفشار - ثم هناك الكرد في كردستان ومحافظتين أخريين هما كرمنشاه وأذربيجان جزء من أيلام، البلوش في سيستان (سجستان) – بلوشستان وخراسان الجنوبية وخراسان الرضوية (عاصمتها مشهد)، بخلاف الأحواز؛ إذ كانت تسمى حتى عام 1925 عربستان، أي أرض العرب، لكن السلطات الإيرانية غيرت الاسم إلى «خوزستان»، حيث كان الإقليم الوحيد الذي تغير اسمه إلى اسم فارسي بعد وصول الشاه رضا إلى الحكم. لا توجد إحصاءات رسمية تبين تعداد شعوب إيران غير الفارسية؛ إذ ترى سلطات طهران في الانتماءات القومية تهديداً ينذر بتجزئة البلاد وتقسيمها؛ ولذا دأبت الحكومات المختلفة على انتهاج أساليب أمنية لمواجهة الأنشطة القومية، وعملت لطمس الهويات غير الفارسية، كما نفذت أساليب مختلفة ممنهجة لإيجاد اندماج مخطط من خلال تغيير النسيج الديموغرافي لكل من هذه الأقاليم. في الأحواز مثلاً أطلقت مشروعاً اقتصادياً ضخماً لزرع قصب السكر، فاستولت السلطات على أكثر من 400 ألف هكتار من الأراضي العربية الخصبة لإقامة المشروع وفتحت المجال أمام وافدين من خارج الإقليم للعمل والعيش هناك؛ ما أثار سخطاً وسلسة احتجاجات واسعة. كذلك أقدمت على ضم مدن كردية مثل مهاباد (ساوج بولاق) وسردشت إلى إقليم أذربيجان ضمن التقسيمات الإدارية، وكذا الحال بالنسبة لإقليم سيستان – بلوشستان؛ إذ تعرّض إلى تقسيمات إدارية واسعة على مرّ السنين؛ إذ قامت السلطات خلال حكم الشاه رضا بتقسيم الإقليم إلى ثلاث محافظات، وتغير اسم الإقليم فيما بعد إلى سيستان – بلوشستان، الذي هو اسمه الحالي، وتدرس الحكومة الحالية تقسيم ما تبقى من الإقليم إلى ثلاث محافظات أخرى. وتقوم الحكومات الإيرانية المتعاقبة بتجزئة هذه الأوطان دون رغبة شعوبها في وقت تتهم فيه النشطاء المطالبين بحقوقهم القومية بمحاولة تجزئة إيران. تدمير إرث «ممالك إيران المحروسة» بدأ الشاه رضا بهلوي حكمه بقبضة حديدية؛ إذ قاد زحفاً عسكرياً صوب الأقاليم المختلفة في البلاد المترامية الأطراف وأطاح بالحكومات المحلية، وأقدم على تغيير اسم البلاد من «ممالك إيران المحروسة» إلى «إيران» وسمّى نفسه ملكاً في البلاد. واجهت خطط الشاه رضا لترسيخ أسس نظامه الجديد حملة معارضة في أنحاء البلاد، وبخاصة في عربستان وأذربيجان وكردستان ومنطقة لورستان. ذلك أن محاولاته بناء الدولة الجديدة اتسمت بطمس الهويات غير الفارسية وصبّها في بوتقة جديدة تحت شعار «بوطن واحد وشعب واحد ولغة واحدة»، مستعيناً بنخبة من القوميين الفرس الذين سعوا إلى بعث ما وصفوها بأمجاد أجدادهم الفرس. حدث ذلك في إطار خطط التجديد في البلاد وبناء دولة حديثة؛ إذ كان رجال النخبة الملتفون حول الملك الجديد يقارنون التطور العلمي والاقتصادي في الغرب بالتخلف السائد في بلادهم. وخلصت تأملاتهم إلى أن نمط الحكم المشتت الذي يولي الحكام المحليين سلطات واسعة وطريقة حياتهم، وانتماءهم الإسلامي هي من أسباب التخلف والأعباء الناجمة عنه. وفي حين ساد خطاب مشفوع بالإذلال والتمييز ضد الشعوب غير الفارسية بين النخبة المقربة من الشاه رضا، قاد الأخير عملية النهوض لتحقيق آماله بقوة السلاح، فبعدما أطاح بالحكام في الأقاليم المختلفة عمل على طمس هويات تلك الأقاليم بالاستعاضة عن الأسماء التاريخية بالأسماء الفارسية وبفرضِ التعليم باللغة الفارسية وتهجير أعداد كبيرة من أبناء هذه الشعوب إلى مناطق مختلفة، كما منع الأزياء التقليدية لكل من هذه الشعوب وفرض ارتداء الزي الغربي وحظرَ ارتداء الحجاب. كان القضاء على القرار السياسي للشعوب غير الفارسية في عهد الشاه رضا، له الوقع الأكبر عليهم؛ إذ عمل الحكام الوافدون من العاصمة، وكان جلّهم من العسكر، على تنفيذ سياسات تمثلت بالاستئثار السياسي لصالح النظام واستهدفت الهوية والثقافة والتاريخ والثروات المحلية. حدث ذلك بإذلال وكبت غير معهودين، ولقيت تلك السياسات مَن يروّج لها في الإعلام والآداب والشعر ومناهج التعليم ليترسخ في البلاد خطاب معادٍ لغير الفرس. وذهب الشاه رضا بعيداً في ترسيخ أسس الهوية القومية في البلاد على أساس العرق «الآري»، وهو الذي رأى في الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر حليفاً وأسوة لإيران في نهضتها للتطور والنمو، وبخاصة أن النازية قدمت نفسها على أنها تتصدر قمة الهرم وفق تقسيم عرقي يضع العرق «الآري» في القمة ودونه أعراق أخرى مثل البريطانيين واليهود والروس. كذلك، لعبت وزارة الدعاية السياسية لألمانيا النازية بقيادة جوزيف غوبلز دوراً أساسياً في تغذية شعور التفوق العرقي والعقائد المناهضة للسامية في إيران، فكانت إذاعة برلين باللغة الفارسية تروّج مقولة أن الإيرانيين والألمان ينتميان إلى العرق نفسه؛ لذا يجب أن يعملا معاً ضد الاستعمار. وهكذا أدار الشاه رضا ظهره لرفاق الأمس - بريطانيا والاتحاد السوفياتي - وفتح المجال أمام ماكينته الإعلامية للترويج إلى نظام هتلر، ودعمَ بذلك تعزيزَ شعور طاغ في إيران ضد قوات الحلفاء. هذه التوجهات أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بحكم الشاه رضا بغزو بريطاني – سوفياتي مزدوج، أجبره على التنحي لمصلحة ابنه محمد، ومغادرة البلاد إلى المنفى في جزيرة موريشيوس بجنوب المحيط الهندي، وهناك توفي عام 1944. قمع الحركات القومية وابتزاز الجيران عرفت إيران مطلع عهد محمد رضا بهلوي، نجل مؤسس الدولة البهلوية، سلسة اضطرابات في الأقاليم غير الفارسية، بعدما سار الشاه الجديد على خطى والده في ترسيخ أسس حكم قومي لم يعترف بحقوق الشعوب غير الفارسية، وواصل سياسة تعميم الثقافة واللغة الفارسيتين في إيران، مدعياً أن إجراءاته تهدف إلى تعزيز الوحدة في البلاد. هذا، وشهد إقليما أذربيجان وكردستان إعلان تشكيل جمهوريتين مستقلتين. ذلك أنه بعد خروج الشاه رضا من البلاد إلى المنفى وجدت الشعوب غير الفارسية أرضية لتشكيل تجمعات ومؤسسات مدنية على أساس ثقافي واجتماعي، وتطورت هذه سريعاً إلى تنظيمات وأحزاب سياسية أخذت على عاتقها مهمة استعادة حقوق قومية لم يعترف بها الشاه الابن، بل نذر نفسه لمحاربتها. عملت تلك التنظيمات تحت شعارات مختلفة مثل «التحرر» و«النضال ضد الفاشية» و«تحقيق السلام» ضمن نقابات وأطر مختلفة. ففي أذربيجان التف النشطاء القوميون حول تنظيم «الفرقة الديمقراطية في أذربيجان» بزعامة جعفر بيشه وري، وطالبوا بحكم ذاتي وتشكيل برلمان محلي، والتعليم باللغة التركية، والإشراف على الشؤون الاقتصادية في إقليمهم. لكن تلك المطالب لقيت رفضاً مطلقاً من الحكومة المركزية في طهران، التي رفضت التواصل والرد على برقيات الفرقة الديمقراطية في أذربيجان. وقال رئيس الوزراء الإيراني - آنذاك - صدر الأشراف، «... لن أعير أي اهتمام لهذه البرقيات حتى إذا وصلت إلى مائة برقية». ومن ثم، أدى الإهمال وتعمد الإذلال من قبل طهران إلى تنامي الحركة القومية في أذربيجان، إلى أن أعلن عن تشكيل «الحكومة الوطنية في أذربيجان»، حيث سيطرت على أجزاء واسعة في الإقليم وأقدمت على تشكيل إدارة محلية. حدث ذلك بدعم سوفياتي، علماً بأنه كانت تنتشر للاتحاد السوفياتي السابق قوات في أنحاء إيران منذ الحرب العالمية الثانية، وبخاصة إثر الغزو البريطاني - السوفياتي للإطاحة بحكم الشاه رضا. ثم، مع وصول قوام السلطنة إلى رئاسة الوزراء، قبل إجراء مفاوضات مع «الحكومة الوطنية في أذربيجان» ووقع معها اتفاقاً من 15 بنداً يعترف فيه ببعض الحقوق القومية، منها التعليم باللغة التركية وتشكيل مؤسسات مدنية. ولكن بعد قرابة سنة من إعلان تشكيل تلك الحكومة زحفت فرقتان من الجيش الإيراني نحو الإقليم لقمع الحركة القومية. ورافق ذلك عمليات قتل ونهب واسعة وأعلن الحاكم العسكري - بعد إحكام السيطرة على أذربيجان - إلغاء الاتفاق بين قوام السلطنة وجعفر بيشه وري. وفرض حكماً عسكرياً، وقام بمطاردة قادة الإدارة المحلية الذين هرب كثيرون منهم إلى الخارج، ونفذت أحكام الإعدام بحق المئات من أعضاء ومناصري «الفرقة الديمقراطية في أذربيجان» على الملأ. في كردستان أيضاً تشكل حكم ذاتي مماثل عام 1946 تحت اسم «جمهورية مهاباد» بقيادة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني قاضي محمد، وبدعم من ملا مصطفى بارزاني. غير أن الجمهورية الفتية لم تعش إلا 11 شهراً؛ إذ أسقطتها القوات الإيرانية بالتزامن مع خروج القوات السوفياتية التي أسست تلك الجمهورية بدعم منها. وأعدمت السلطات قاضي محمد ومجموعة من رفاقه، بينما انسحب ملا مصطفى بارزاني مع مقاتليه من المنطقة. مرحلة ما بعد النصر بدا نظام الشاه بعد قمع الحركتين القوميتين في أذربيجان وكردستان منتشياً بنصر أسس لمرحلة جديدة من عمليات القمع ضد المطالب القومية في أذربيجان وكردستان وبلوشستان والأحواز وتركمان صحراء (بشمال شرقي إيران). في ظل هذه الظروف، اتخذ النشاط السياسي للشعوب المضطهدة إبان حكم الشاه محمد رضا طابعاً سرياً؛ نظراً لشدة القمع والتنكيل بحق من يطالب بحقوق قومية في البلاد. وحقاً، نفذ نظام الشاه إعدامات علنية بحق كثيرين من النشطاء السياسيين، منهم قادة «اللجنة القومية العليا لتحرير عربستان» وهم كل من محيي الدين آل ناصر ودهراب الكعبي وعيسى المذخور، وكان هؤلاء القادة العرب الثلاث يؤسسون لتشكيل تنظيم سياسي يطالب بحقوق عرب الأحواز، متأثرين بالمد القومي العربي قبيل «حرب السويس» و«العدوان الثلاثي» على مصر عام 1956. وبعد سنوات من النشاط السري اعتقل السافاك (جهاز مخابرات الشاه) النشطاء الثلاث ونفذ بحقهم حكم الإعدام عام 1964، كذلك اتخذ الشاه محمد رضا إجراءات مناهضة لمصالح جيرانه العرب، فاحتل الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وقاد في البرلمان مناقشات لبحث تدابير للاستيلاء على البحرين، وابتز العراق بتحريض المعارضة الكردية ضد النظام، وخاض مع العراق خلافات حدودية. ومما يذكر، أن الشاه محمد رضا أدار ظهره لجيرانه العرب تماماً عندما تحالف مع إسرائيل وفتح سفارة لها في طهران، وأقام علاقات واسعة معها خلافاً لرغبة الرأي العام في إيران ومصالح الدول المجاورة له. هذه المواقف المعادية أسست لتشكيل حاضنة للمعارضين لنظام الشاه في البلدان المتضررة من سياساته، وبخاصة في العراق وسوريا. وبالتالي، تشكلت في العراق «الجبهة الشعبية لتحرير الأحواز»، ولاحقاً «الجبهة العربية لتحرير الأحواز» و«الجبهة الشعبية لتحرير بلوشستان»، كما دعم النظام العراقي المعارضة اليسارية الإيرانية. عهد نظام ولي الفقيه بعد سقوط نظام الشاه نظّم نشطاء الشعوب غير الفارسية أنفسهم، وسارعوا للتفاوض مع النظام الجديد الذي رفع شعار المساواة والدفاع عن المظلومين، بأمل ضمان حقوقهم القومية بعد سنوات طويلة من الكبت. وبالفعل، تقاطرت وفود من الأقاليم المختلفة منها كردستان والمحمّرة (جنوب غربي الأحواز) وبلوشستان وتركمان صحراء إلى طهران لطرح المطالب القومية على النظام، وتنوّعت مطالبهم بين المطالبة بحكم ذاتي وحق التعليم باللغة الأم، والحق في الاستفادة من الموارد المحلية في كل من هذه الأقاليم. ساعدت أجواء الانفتاح التي عرفتها إيران في العام الأول بعد الإطاحة بحكم الشاه في إطلاق نقاشات محلية وتشكيل تنظيمات ولجان قومية؛ ما عزز الموقف لدى النشطاء السياسيين لمطالبة النظام بحقوق حُرموا منها لسنوات طويلة. مواقف القادة الجدد في طهران تراوحت بين الرفض المطلق والوعد بتحقيق بعض المطالب القومية لاحقاً، لكن ما إن أحكم النظام الخميني قبضته على الحكم حتى بدأ حملة قمع في الأقاليم غير الفارسية. ففي كردستان زحفت قوات الحرس الثوري نحو الإقليم، واشتبكت مع المسلحين المنتفضين في المدن الكردية. واستمرت الاشتباكات بشكل متقطع حتى عام 1983 وخلّفت أكثر من 10 آلاف قتيل. وفي المحمّرة، عاصمة إقليم عربستان سابقاً، دعمت السلطات ميليشيات فارسية وقفت بوجه النشطاء العرب، وبينما وقعت اشتباكات بين الجانبين، قاد محافظ الإقليم اللواء أحمد مدني عملية مسلحة ضد النشطاء العرب فقتل العشرات واعتقل عدداً كبيراً من المواطنين، ونقل الزعيم الروحي للحركة القومية العربية محمد طاهر شبير الخاقاني إلى المنفى في مدينة قُم. وكان المشهد في بلوشستان وتركمان صحراء مشابهاً لما وقع في المحمّرة وكردستان، حيث العمليات المسلحة والإعدامات والنفي شكلت صنوف الرد على المطالب القومية. ومع بدء الحرب بين إيران والعراق واجهت سلطات إيران الخمينية بقوة أي نشاط معارض للنظام، ولم تمضِ فترة طويلة حتى استطاع النظام الجديد إقصاء جميع القوى التي شاركت في الثورة ضد الشاه، ومنها القوى اليسارية والليبرالية ونشطاء الشعوب غير الفارسية؛ إذ لم يكن انتصار الثورة ممكناً من دون مشاركة هذه القوى في المظاهرات والمواجهات ضد الشاه. ولم يكتفِ النظام الخميني بمواجهة النشطاء المعارضين في الداخل، بل طاردهم في المنفى ونفذ اغتيالات سياسية متعددة في أنحاء مختلفة من العالم، وبخاصة في فرنسا وألمانيا والعراق. غير أن أشهر الاغتيالات التي هزت الرأي العام كان اغتيال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني صادق شرفكندي عام 1992 في مطعم ميكنوس في برلين، ثم اغتيال خليفته عبد الرحمن قاسملو في فيينا رمياً بالرصاص بعدما استدرجوه بذريعة إجراء مفاوضات بشأن حقوق الأكراد. وعادت النقاشات القومية بعد الحرب، وبخاصة بعد وصول الإصلاحيين (بقيادة محمد خاتمي) إلى الحكم؛ إذ استغل نشطاء الشعوب غير الفارسية أجواء الانفتاح النسبي لطرح مطالبهم. حصد المرشحون الإصلاحيون نسبة كبيرة من أصوات الناخبين في الانتخابات المختلفة من الأقاليم غير الفارسية؛ ما كشف وجود رغبة جامحة بتغيير الوضع وإنهاء معاناتهم. لم تلبِ السلطات المطالب الأساسية للشعوب غير الفارسية، وظلت الحكومات المختلفة تعد بتحقيق بعض المطالب، منها حق التعليم باللغة الأم، لكن لم يتحقق منها شيء. ومع وصول الرئيس الحالي حسن روحاني إلى الحكم عيّن مساعداً في شؤون «القوميات والأقليات» هو وزير الاستخبارات السابق علي يونسي. لكن لا يبدو بونسي مهتماً بحل قضايا الشعوب غير الفارسية؛ إذ وصل الرجل إلى المنصب من دوائر الأمن التي لها باع طويل في مواجهة النشطاء القوميين بالإعدامات والسجن والنفي والاغتيالات. ثم أن يونسي أظهر خلال السنوات الماضية أنه لا يعترف مطلقاً بالتنوع القومي، بل اتخذ مواقف مناهضة للشعوب غير الفارسية. إذ قال في تصريح لصحيفة «قانون» في 21 أبريل (نيسان) 2018 «الآذريون ليسوا أتراكاً، بل لهم جذور فارسية في العرق واللغة. إنهم أكثر تمسكاً بعرقهم الفارسي من أي منطقة أخرى». كذلك أكد يونسي معارضته تشكيل أحزاب في الأقاليم غير الفارسية بقوله، إن وجود مثل هذه التنظيمات «ليس في مصلحة النظام».
مشاركة :