العلاج التقليدي محدود النتائج.. والمستقبل للهندسة الجينية

  • 8/17/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: جنان حسين 2018/08/16 للوراثة دور كبير في إصابة الإنسان بعدد من الأمراض، التي تحتاج إلى وقاية وعلاج واهتمام صحي. وتعرف الأمراض الوراثية بأنها الأمراض التي يورثها الآباء للأبناء ومنها: مرض السكري، والحساسية، والأمراض العصبية والنفسية والسمنة وغيرها.. ويزداد احتمال الإصابة إذا كان المرض موجوداً عند أحد الوالدين أو كليهما. عند الحديث عن أمراض الوراثة لا بد من التطرق إلى الخلايا فهي أساس تكوين جميع الكائنات الحية، ويمكن أن تقسم الخلايا إلى خلايا نباتية وهي التي تدخل في تكوين النباتات، والخلايا الحيوانية التي تكون أجسام الحيوانات وجسم الإنسان، وهناك تقسيم آخر للخلايا فمنها ما هي حقيقية النواة ومنها ما هي غير حقيقية النواة. وبشكل عام تتكون أجسامنا من الملايين من الخلايا وهذه الخلايا حيوانية وحقيقية النواة، وتتكون من الغشاء الخلوي الذي يغلف الخلية، والسيتوبلازم وهو سائل تسبح فيه عديد من الأجسام الموجودة داخل الخلية، والنواة وهي مركز الخلية، فالنواة هي التي تحتوي على المادة الوراثية للخلية، لذا تعد مركزاً للأنشطة والعمليات الحيوية والمعلومات، وأهم جزء في الخلية .. ولكل إنسان شيفرة وراثية تختلف عن غيره من الأشخاص، وتعد بمنزلة البصمة التي تميز كل شخص عن الآخرين، كما تحتوي النواة على أجسام طويلة تسمى بالكروموسومات، وهي التي تحمل الصبغيات «الجينات» الوراثية. كيف يحصل المرض الوراثي؟ يحدث المرض الوراثي نتيجة حدوث بعض التغيرات على المادة الوراثية وهي كما يعرفها العلماء «الحامض النووي»، ومن الممكن تسمية هذه التغيرات بالطفرة، ويكون الحمض النووي موجوداً في نواة الخلية، وموجوداً على الكروموسومات، ويحصل التغير إما بزيادة عدد الكروموسومات أو من خلال نقصان الكروموسومات الموجودة في الحمض النووي، كما أن التغيرات قد تكون على شكل تغيرات فسيولوجية تصيب الكروموسومات نفسها، وبالتالي حدوث تغيرات في الجينات المختصة في بعض الصفات الوراثية. ورغم تنوع الطفرات الوراثية فإن العلماء قاموا بتحديدها في قسمين: الطفرات السائدة وهي مجموعة من التغيرات الوراثية التي تتصف بالقوة، حيث إن وجود نسبة بسيطة منها في الإنسان يكون كفيلاً بظهور المرض على الإنسان، وهذا النوع من الطفرات يمكنه أن ينتقل من الآباء إلى الأبناء بسهولة. أما الطفرات المتنحية فلا تكون واضحة بشكل كبير، ولا يمكن أن تظهر إلا في حالة كان الوالدان يحملان الطفرات نفسها، حيث إن نسخة واحدة ليست كافية كي تظهر على الإنسان، ويطلق على الشخص الذي يحمل هذه الطفرات (حامل المرض)، حيث إنها تكون محمولة على الكروموسومات في انتظار كروموسومات أخرى تحمل الجينات نفسها. وقد تمكن العلماء من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الطفرات الوراثية من خلال مجموعة من الدراسات وتتمثل في بعض الشعائعات الناتجة عن مواد مشعة تؤثر على شكل التركيبة النووية، والتعرض للمواد الكيماوية، حيث إن هناك مجموعة من المواد الكيماوية قادرة على تغيير الجينات وتشويهها، مثل غاز الخردل، والأحماض النيتروجينية. وعلى الرغم من الأبحاث والتجارب لمعرفة أسباب حدوث الطفرة الوراثية فما زالت بعض الأسباب غير معروفة. الوراثة ومرض السكري يحدثنا استشاري الغدد الصماء والسكر الدكتور عبد المحسن الشمري، عن علاقة الوراثة بمرض السكري فيقول: تعتبر الوراثة أحد عوامل الإصابة بمرض السكر، حيث يتم امتصاص الطعام عن طريق الأمعاء ثمّ تحويله إلى سكر، ويستفيد الجسم من هذا السكر لقيام أعضائه بالوظائف الحيوية المختلفة، مثل القلب لضخ الدم، والعضلات للحركة، والرئتين للتنفس، والأمعاء لإفراز إنزيمات الهضم، ويدخل سكر الدم للخلايا والأعضاء عن طريق هرمون الأنسولين. وسبب انتشار السكر يعود لسبب وراثي وهذا ما يفسر إصابة بعض الأشخاص الذين لا يعانون من السمنة وزيادة الوزن لكنهم يصابون بالسكر من النوع الثاني. ومن المعروف أن هناك نوعين من أمراض السكر، النوع الأول ينتج عن نقص الأنسولين أو عدم وجوده بشكل نهائي بسبب اضطراب في الجهاز المناعي، فيقوم بمهاجمة خلايا بيتا، وبالتالي يصبح البنكرياس عاجزاً عن إنتاج الأنسولين بكميات كافية للجسم، وتتمثل أعراضه في العطش والجوع الشديدين، وكثرة التبول، والإعياء وضعف الرؤية والتعب العام. يتم علاج هذا النوع بأخذ جرعات من الأنسولين بشكل يومي مدى الحياة، وإذا لم يُعالج المرض فإن المريض يدخل في غيبوبة. ويقدر معدل احتمال إصابة الأبناء بهذا النوع من السكر بنسبة 2-4 في حالة كانت الأم مصابة به، وإذا كان الأب مصاباً به فإن معدل احتمال إصابة الأبناء ما بين 4-6. وإذا كان التوأم متطابقاً قد يصل احتمال الإصابة إلى 20. أما النوع الثاني فيعرف بمقاومته للأنسولين الموجود بكميات كافية في الجسم، وبالتالي تراكم الجلكوز في الدم، حيث يصبح الشخص عرضة لمرض السكري وهو النوع الأكثر انتشاراً بنسبة 90% ومعدل إصابة الأبناء يصل ما بين 70-90% في حال الأم المصابة وينخفض معدل الإصابة إلى 50% إذا كان الأب هو المصاب بالمرض. ويوضح د. الشمري أن السبب هو الجينات في النوع الأول من السكر وعند الزواج تكون الأمراض المناعية بنسبة عالية مثل الروماتويد أو التصلب العصبي أي أن الاثنين لديهم مرض مناعي أو الأم أو أحد الأقرباء، لذا فاحتمال الإصابة يكون مرتفعاً. ويؤكد أن الدراسات لم تثبت إمكان منع حدوث النوع الأول من مرض السكر على الرغم من وجود دراسات تبين جدوى بعض المحاولات من خلال التطعيمات وغيرها من طرق الوقاية. ويقول: لا بد من مراقبة الأهل بحذر لصحة الأبناء لتفادي إصابتهم بالسكر من هذا النوع لأن الاحتمال كبير. أما النوع الثاني فيمكن منع حدوثه بالفحص المبكر بشكل دوري خاصة للأشخاص ذوي القابلية للإصابة بهذا النوع إضافة إلى حمية خاصة وممارسة الرياضة وتقليل الوزن ما يخفض احتمال الإصابة بنسبة 85%. ويختتم د. الشمري فيقول: دور الوراثة في الإصابة بالسكر من النوع الثاني أكثر من النوع الأول.. مما يتطلب اهتماماً بالفحص والكشف الدوري لنسبة السكر في الجسم لتلافي مضاعفاته وتأثيراته على الصحة بشكل مبكر وينعم الأبناء بصحة جيدة بعيداً عن الأمراض الوراثية. التاريخ العائلي للحساسية من جانبه يؤكد إخصائي أمراض الحساسية والمناعة د. ناصر الأحمد أنه يمكن أن تنتقل أمراض الحساسية بالوراثة، حيث يلعب التاريخ العائلي للإصابة بالحساسية بمختلف أنواعها دوراً مهماً في تشخيص حالة الإصابة بالحساسية لدى المصاب بها. ويفصل قائلاً: نسبة إصابة الطفل في حال وجود مرض حساسية بأحد الوالدين ما بين 40 -50%، وفي حال وجود أمراض حساسية عند الوالدين معاً فإن النسبة تصل إلى 70% تقريباً. وبالنسبة لحساسية الأطعمة فإن احتمال إصابة الطفل بحساسية تجاه الفول السوداني على سبيل المثال يعادل 7 أضعاف وجود حساسية تجاه الفول السوداني لدى أحد الوالدين أو أحد الإخوة. وتشير الدراسات الطبية إلى أن الوراثة سبب الإصابة بالحساسية في نحو 30% من المرضى. وتختلف نسبة ظهور الحساسية الوراثية باختلاف درجة تركيز المرض على الجينات الوراثية للأب والأم وأيضاً الظروف المعيشية والحياتية التي تحيط بالشخص المصاب بالحساسية. وعادة يورث الابن من الآباء أي نوع من أنواع الحساسية فقد يكون الأب مصاباً بحساسية الأنف وتكون الحساسية الموروثة في الأبناء إما حساسية في الصدر وإما الجلد وإما العين. تخفيف الآثار فقط يعتبر المرض الوراثي مرضاً صعب الكشف عنه بسهولة، وذلك لأن الأمراض الوراثية تسبب عطلاً في الإنزيمات مما يسبب تفاعلاً بيو كيمائياً بشكل متتالٍ في جسم الإنسان، ولا يمكن علاج التغيرات التي تصيب الجينات والكروموسومات، حيث إن هذه العملية في بعض الأحيان تكون شبه مستحيلة، و لا يمكن إحداث أية تغييرات في الكروموسومات نظراً لحساسية وظائفها. كما أن الأمراض الوراثية لا يمكن القضاء عليها بشكل نهائي من خلال العلاج التقليدي، حيث إن علاجها يكون بشكل فردي للشخص المصاب بها، ولكن لا يعني هذا أن المرض لن ينتقل إلى الأجيال الأخرى، كما يمكن الكشف عن الأمراض الوراثية من خلال الكشف عن شجرة العائلة المكونة من عدة أجيال من أجل التوصل إلى الأمراض الوراثية. أما طرق معالجة الأمراض الوراثية فيبين العلماء أنه من الصعب جداً التغيير فيها، والمتاح هو تخفيف حدة الأعراض الظاهرة على الإنسان بسببها ولكن ذلك لا يمنع انتقالها إلى الأجيال المتعاقبة فيما بعد، وبالتالي يبقى المرض الوراثي أمراً مستعصياً لا يمكن الحد منه، ولذلك بدأ الأطباء في استخدام وسائل جديدة وهي معروفة باسم تكنولوجيا الهندسة الوراثية التي تتم بعدة علاجات منها العلاج من خلال إدخال جين سليم مع جين مصاب، حيث يتم دمج جين سليم من الحامض النووي مع جينات مريض مصاب بمرض وراثي، و لديه جين معطل، وبالتالي فإن الجين المدخل قد يقوم بعملية تنشيط للجين الخامل ومحاولة التدخل في وظائفه وصناعة البروتينات الجديدة السليمة وبالتالي الحد من انتشار الجين بين الأبناء، أو العلاج من خلال إدخال الجين السليم إلى البويضة الملقحة من خلال عملية الحقن الدقيقة، وذلك من أجل العمل على اتحاد هذا الجين مع الكروموسومات الموجودة، وبالتالي انتقال الخلايا التي تنتج والتي قد تكون سليمة بنسبة معينة. الصفات الوراثيَّة اكتشف العلماء الكروموسومات في القرن التاسع عشر من خلال الاختبارات المجهرية التي بينت لهم كيفية عملها في نقل الحمض النووي والصفات الوراثية من الآباء والأُمهات خلال مراحل تكوّن الجنين، وتعرف الكروموسومات أيضاً باسم الجينات الوراثية، وتتكون من سلاسل حمضية تلعب دوراً أساسياً في تكوين الخلايا في جسم الجنين. واتفق العلماء على أن الحمض النووي الذي يحمل الصفات الوراثية للأم والأب لإنتاج بروتين معين ينفذ مهام معينة أثناء تكون الجنين، ويكون الحمض النووي على شكل سلاسل أو هياكل من 23 زوجاً من الكروموسومات. وقد بدأ الباحثون والعلماء بالافتراض بوجود جينات تنقل الصفات الوراثية من الآباء لأبنائهم دون تقديم أي دراسات علمية ناجحة، حتى أجرى العالم النمساوي جريجور مندل أبحاثاً وفحوصات فيزيائية عام 1860 على نبتة البازلاء ليتوصل إلى الصفات الوراثية التي تنتقل لأجيال متعاقبة واستمر العلماء بعد مندل في التجارب والدراسات مثل العالم البريطاني كارل داروين وعالم البيولوجيا الألماني والتر فليمينج الذي توصل إلى الصفات الوراثيَّة بالكروموسومات وتبعه الباحث الألماني ثيودور بوفيري في عام 1924 بتقديم الأوصاف الأولية للانقسام الاختزالي للكروموسومات. أما أهم الصفات التي يتم توارثها فهي الصفات الجسمية مثل لون العيون، حيث ينشأ لون العيون من التقاء صفة لون عيون الأب، مع صفة لون عيون الأم، وقد تظهر عيون الأبناء بلون مختلف عن لون عيون والديهم، وذلك لأنّ الصفة تكون عند الآباء، ولكنها بصفة متنحية أي غير ظاهرة، وقد تظهر في الأبناء. كذلك فصيلة الدم التي تنتقل من الوالدين عن طريق الوراثة، والصفات العقلية كالذكاء، والطباع كالعصبية والإحساس إضافة إلى النمو، حيث تؤثر الوراثة في النمو من حيث مظاهره وصفاته. أما الصفات غير الوراثية وتعرف بالصفات المكتسبة لأن الإنسان يكتسبها من البيئة المحيطة به ولا تكون موجودة في جسمه من قبل، ولا تدخل في شريط DNA الذي ينتقل من شخص إلى آخر، ومن الصفات غير الوراثية تعرض الشخص لأشعة الشمس لفترات طويلة يؤدي إلى اسمرار الجلد، وتعلم اللغة، والكتابة.

مشاركة :