مع قرب عيد الأضحى، والاستعداد لذبح الأضحية، أوضح استشاري الطب النفسي في مركز النخيل بمدينة جدة، الدكتور علي الزائري لـ"عاجل"، الخميس، الطريقة السليمة لتعامل الآباء مع هذا الموقف، وتعريفهم الأطفال على هذه الشعيرة، وذلك بتقديم معلومات وافية عن الأضحية لتهيئتهم نفسيًا؛ حتي لا تحدث لهم صدمة من منظر الدماء. وقال الدكتور الزائري، إن العيادات النفسية تستقبل حالات تأثرت بسبب مشاهدتها لذبح المواشي، بما فيها موسم الأضاحي، قائلًا: "بالنسبة للعيادات النفسية، فوارد أن يأتيها أطفال شاهدوا عمليات الذبح هذه، وتأثروا من تلك المناظر وأصيبوا بالكوابيس، وكذلك تعرضهم لحالات من الخوف، ولكنه يعد من أنواع الخوف المؤقت، وسيزول إذا تدخل أهل الطفل وأعطوه بعض التطمينات، لأنه سيتجاوز هذه المرحلة كليًا كون المخ ينضج معه بشكل يومي". وأوضح أنه قام باستعراض الكثير من المواقع الأجنبية والمصادر الطبية حول ذبح المواشي وعلاقته بالطفل، ووجد تباينًا في الرأي العلمي؛ حيث أن بعض المصادر العلمية رأت أن بعض العائلات التي تعيش في المزارع ولديها الحيوانات الكثيرة والمتنوعة، ويشارك أطفالهم في تربيتها وتقديم الطعام لها منذ سن مبكرة جدًا، ويشاهدون عمليات ذبح بعضها من أجل أكل لحومها؛ فإن مشاهدتهم لعمليات الذبح تعتبر اعتيادية ومألوفة، ولا تؤثر علي نفسياتهم مطلقًا، ولديهم تأهيل نفسي مبكر بحكم أنهم يعيشون معها وبالقرب منها بتلك المزارع. وأضاف أن هذه الفئة من الأطفال يستطيعون التعامل مع هذه الحيوانات بشكل إيجابي، عكس أقرانهم من أطفال المدن، مبينًا أن علماء النفس ليس لديهم أي مشكلة فيما يتعلق بأطفال الأرياف، كما أن العمر أيضًا لا يشكل فارقًا؛ لأن الطفل في تلك البيئة يكون قد تلقى تدريبًا عاليًا للتعامل مع الحيوان، واستطاع التعرف على مراحله المختلفة منذ ولادته وتربيته وإطعامه، وكذلك عملية ذبحه، فهو يجدها طبيعية لأن هذه الفئة من الأطفال هم بحكم المحصنين تمامًا. وتابع "الزائري" قائلًا: إن الأطفال الذين يعيشون في المدن، وبحكم أنهم لا يشاهدون المواشي إلا في أيام عيد الأضحى من كل عام هجري، فأغلب المختصين والخبراء النفسيين ينصحون بعدم تركهم يشاهدون عمليات ذبح الأضاحي للذين هم أقل سنًا من عمر السادسة؛ لأن فهمهم العقلي غير مكتمل بعد، وبكل تأكيد فإن مشاهدتهم لعمليات الذبح سيرونها عنفًا واعتداء، وتكون صورة يمكن أن تبقى مخزنة في ذاكرتهم إلى عمر كبير، وقد يصاب الطفل منهم بصدمة عصبية ونفسية ويتكرر المشهد الفظيع عنده بأحلام النوم واليقظة. وأضاف أن نوع الصدمة قد يتفاوت من طفل لآخر، ما بين بسيطة إلى معقدة أو ما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة، وهو أن الطفل يتخيل دائمًا ولفترة طويلة منظر الذبح والدم وحركة الحيوان أو صياحه، ويكون ذلك على شكل نوبات تسبب له الضيق والخوف والهلع والتوتر، وقد لا ينسى هذا المنظر أبدًا، بل ربما يجعله يكره أكل اللحوم أو تناول الطعام جراء ما شاهده، ولهذا فإن الخبراء ينصحون بعدم مشاهدة ذبح الأضحية لمن هم دون سن السادسة؛ وقاية لهم من أي صدمة. وأوضح أن رأيه الشخصي في هذا الموضوع، أنه من الأفضل ألا نجبر أحدًا من هؤلاء الأطفال مهما كان عمره، على مشاهدة عملية ذبح الأضاحي، وأن تكون المشاهدة اختيارية لهم، خاصة الأطفال الذين لديهم الفضول والاستعداد النفسي للمشاهدة، ولا يمنع ذلك أن يسبقه نوع من الشرح من قبل الوالدين، وتهيئة ابنهم الصغير وتعريفه بأن الحيوان خلقه الله سبحانه وتعالى لكي نأكل لحم ما أحله لنا منه، وأن الحيوانات التي نقوم بذبحها لا تشعر بالألم؛ لأن الله عز وجل وفر فيه عدم الشعور بالألم رحمة به، ومن أجل أن تكون غذاء لنا نأكل لحمه، لأنه ضروري أن يجد الإنسان طعامه الصحي مثل البروتينات التي توفرها لحوم الحيوانات المباح أكلها. وأشار إلى أن الطفل المهيأ نفسيًا ولديه معلومات كافية، لن يؤثر عليه رؤية الأضحية، مضيفًا أنه يعتقد أن العمر المناسب لرؤية ذبح الأضحية هو ما فوق سن العاشرة؛ وذلك لسبب بسيط هو أن هذا العمر يستطيع فيه الطفل من الناحية العقلية فهم ما وراء الأشياء، أو استيعاب فكرة الموت من الجانب الديني والأخلاقي، وأنه لا يمكن له أن يرى الأمور بطريقة بسيطة وسطحية وأيضًا بطريقة أبعد من ذلك مطلقًا. وأضاف، إنه لا يجب إجبار الطفل على مشاهدة ذبح الأضحية، وهو ما يفعله بعض الأهالي مع أبنائهم، باعتبار أن ذلك من السُّنة، أو لكي يصبحوا أقوياء ورجالًا، موضحًا أن ذلك غير صحيح، فلا يوجد أي نص أو دليل في السُّنة يجبر أو يحث على إجبار الأطفال أيا كانت أعمارهم على مشاهدة ذبح الأضاحي. وتابع، أن هناك أطفالًا لديهم حب الفضول في مشاهدة ذبح الأضاحي والمشاركة بهذه المناسبة، وعلى هذا الأساس من المفترض إعطائهم نبذة مختصرة عن الحيوانات المباحة أكلها من كافة النواحي، فهناك فئة من الأطفال وحتى الكبار لا يقدرون على مشاهدة عمليات ذبح الأضاحي، أو ما يسمى بالمصطلح العام (الرأفة بالحيوان)، وهؤلاء يجب علينا أن نراعي فيهم هذا التحسس بجميع أعمارهم والتمهيد أمامهم؛ حتى لا يكون الذبح بشكل مفاجئ، معتبرًا وجود المسالخ ظاهرة صحية ومناسبة.
مشاركة :