التاجران الحاج يوسف الفليج وعلي الدخيل يجمعان الطموح

  • 8/17/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التاجر الناجح هو ذلك التاجر الطموح المستفيد من كل فرصة تتاح له ليحقق فيها مكسبه، طالما كان بالطرق المشروعة المتاحة، مثل استغلال فرصة استثمارية متاحة، أو شراكة مدروسة ناجحة، أو حسن اختيار للطرف الآخر في التعامل التجاري. مثال مؤثر يرويه التاجر علي الدخيل عن نفسه للأخ الفاضل منصور خلف الهاجري (بوطلال) الذي يرويه بدوره لي، حيث يقول على لسان راوي الموقف المؤثر التاجر علي الدخيل: قدمت إلى الكويت منذ الأربعينات مع عمتي وعمري آنذاك عشر سنوات، حيث أذن لي والدي أن أصحبها وهو لا يزال يدير تجارته في الرياض، وذلك حين تزوجت عمتي رجلاً شديداً من أهل نجد يسكن منطقة المرقاب، فلما بلغت من العمر ثلاث عشرة سنة اشترى لي زوج عمتي جحشاً صغيراً وقربة للتزود بالماء وبيعه، ودفعني إلى العمل على نقل الماء، وكان يأخذ مني حاصل بيعي بشكل يومي وكنت أخشاه ولا أستطيع منعه لصغري ومهابته عندي وتقديراً لعمتي، ولم أكن أعلم أنه كان – جزاه الله خيراً– يدخرها لي حين أكبر، ثم بعد عامين أو ثلاثة باع الجحش واشترى لي حماراً لتكبر كمية الماء التي يحملها وبالتالي تزيد مبيعاتي. فلما بلغت السابعة عشرة وتوسم زوج عمتي فيني القدرة على الاعتماد على النفس أعطاني ما تجمع لديه من كسب يدي وتعبي طوال السنوات الماضية، فذهبت إلى السوق فإذا برجل واقف عند دكانه في السوق الداخلي، فسلمت عليه، فسألني مشجعاً لي: «شعندك»؟ فأجبته: أريد أن أعمل بالتجارة، وكان ذلك عام 1945 فاشتريت منه الرز ودفعت عربوناً عشر روبيات، واتفقت معه على الذهاب إلى البيت لإحضار بقية المبلغ بعد العصر، فقال: «طيب لا تتأخر»، ولكني لما وصلت إلى ساحة الصفاة وقبل دخولي إلى منطقة المرقاب إذ بشاحنة كبيرة واقفة هناك يصيح صاحبها: «الرياض – الرياض» فذهبت معه من دون سابق تخطيط، ورغم حرصي على نجاح تجربتي الأولى في عالم التجارة، وللمرة الأولى في حياتي نسيت الموعد مع الحاج يوسف الفليج، وانشغلت بشراء بضاعة جديدة أحملها في الشاحنة إلى الرياض لأبيع وأشتري هناك. وبالفعل ذهبت فطلب مني والدي البقاء في الرياض، ولكني وبعد ثلاثة أشهر من العمل هناك بالبيع و الشراء، عدت بعد الأشهر الثلاثة، فلما دخلت إلى السوق ابتدرني الحاج يوسف الفليج فناداني: هل أنت فلان بن فلان، فقلت: «نعم» وكنت قد نسيته، فإذا هو الحاج يوسف الفليج يسألني عن سبب غيابي عن تسلم الأكياس العشرة التي عنده من الرز، وقد ارتفع سعر كيس الرز آنذاك بسبب الحرب العالمية إلى أضعاف مضاعفة. ولقد نسيت تماماً أمر الروبيات العشر التي كنت قد دفعتها كعربون لشرائها، فذكرني حين أنكرت في البداية لنسياني التام للموضوع، فطلب من كاتبه مراجعة سجل المبيعات فتأكد من البيع فعلاً، وكان مشكوراً يحرص على أن يبرئ ذمته من ذلك المبلغ الذي دفعته له كعربون رغم كونها غلطتي، فخيرني بين أن استلم الرز وأسدد بقية سعره، أو أن يبيعه لمصلحتي، وقد قفزت الأسعار آنذاك بشكل كبير، فاخترت الأصلح في ظني وهو أن يبيع العم الحاج يوسف الفليج أكياس الرز لمصلحتي وفعلاً باعها لمصلحتي بألف روبية مع أنه كان قادراً أن يعيد لي الروبيات العشر فقط وهي فقط حقي لأنني لم أقم بإتمام الصفقة. فقبضت الألف روبية التي كانت البداية الحقيقية لحياتي التجارية الجديدة. انظر عزيزي القارئ الكريم إلى الأمانة والإيثار وإنكار الذات من الحاج يوسف الفليج رحمه الله، وانظر إلى الطموح والمبادرة لدى التاجر علي الدخيل اللذين أوصلاه إلى هذه النتيجة الطيبة المباركة. د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي ajkharafi@yahoo.com www.ajkharafi.com

مشاركة :