قادت الناشطة السعودية هناء الظفيري حركةً على تويتر لجعل دروس تعلم القيادة متاحة بأسعار معقولة أكثر للنساء في جميع أنحاء المملكة. وفي السطور التالية، تروي هناء قصتها لمي رستم. صنعت المملكة العربية السعودية التاريخ في شهر يونيو من هذا العام، بعد رفعها حظر قيادة النساء للسيارات، وهو الحظر الوحيد من نوعه في العالم. وتمثلت القوة الدافعة لهذه الخطوة غير المسبوقة في الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي عهد المملكة، إذ كان منح النساء السعوديات حرية القيادة -بالإضافة إلى إصلاحات جذرية أخرى في المملكة- جزءًا من رؤية بن سلمان لإعادة المملكة إلى الإسلام المعتدل، وإحداث ثورة في اقتصادها المعتمد على النفط وتحويله إلى اقتصاد أكثر تحضرًا قائم على الاستثمار. فما الذي يتطلبه الأمر بالنسبة لامرأة - لم تجلس خلف عجلة قيادة السيارة قط - للحصول على رخصة قيادة؟ في هذا السياق كشف اللواء محمد عبد الله البسامي مدير الإدارة العامة للمرور بالمملكة، في تصريح صحفي لوكالة الأنباء السعودية، أن «من يرغب في الحصول على رخصة قيادة جديدة ولا يجيد القيادة يجب أن يحضر دورة تدريبية مدة 90 ساعة، بينما يجب أن يحضر من يجيد القيادة دورة تدريبية مدة 30 ساعة». ومن المثير للاهتمام أن السماح للنساء بالقيادة جاء مصحوبًا بتكلفة مرتفعة بالنسبة للسائقات أنفسهن، إذ تدفع النساء السعوديات ست مرات أكثر مما يدفعه الرجال في دروس تعلم القيادة بالمملكة؛ وهو ما لم تدعه الناشطة هناء الظفيري يمر مرور الكرام. وقالت هناء: «أدركت أنه كانت هناك مشكلة تحتاج إلى حل عندما اكتشفت أن النساء كنّ بحاجة إلى دفع بين 2000 و3000 ريال مقارنة بـ450 ريالًا للرجال». ولجأت هناء، التي تنحدر من خلفية أقل ثراءً، إلى تويتر على الفور لتحث النساء على التطوع وتدريب النساء الأخريات مجانًا. ونشرت هناء تغريدة على تويتر قبل شهرين من رفع الحظر، قالت فيها: «هل هناك أي متطوعات مستعدات لتدريب نساء أخريات على القيادة مجانًا؟ (وسيكون التدريب بعد شهر رمضان لأنني لا أريد الوقوع في أي مأزق مع القانون، وسيكون التدريب في مواقف السيارات بعيدًا عن الأماكن المزدحمة)». وقالت هناء: «أنا مستخدمة نشطة لتويتر، وكثيرًا ما أستخدم حسابي للتعبير عن آرائي. بدأت استخدام تويتر منذ خمس سنوات فقط، وفي عام 2015 نشرت تغريدة عن رفع حظر قيادة المرأة للسيارة في المملكة لكن حسابي تعرض للاختراق واضطررت لإنشاء حساب جديد». وبعد حصول تغريدتها على ما يقرب من 500 إعادة تغريد، سرعان ما بدأت هناء والمتطوعات معها في اكتساب زخم على مواقع التواصل الاجتماعي، واتحدّن في محاولة لتقديم المساعدة لبعضهن البعض مجانًا، أو على الأقل، تقليل التسعين ساعة اللازمة للتدريب، ومن ثم يقل المال الذي تحتاج النساء إلى دفعه. وبدأ وسم #مستعدة_أدرب في تحقيق تأثير امتد إلى جميع أنحاء المملكة؛ ودفع الرجال والنساء المحليين والأجانب من جميع أنحاء المملكة إلى إنشاء حملة تتحدى القواعد. وتابعت هناء قائلةً: «أردت فقط أن أساعد النساء في الحصول على رخصة قيادة من دون دفع أموال طائلة لذلك. عانيت بنفسي من المواصلات العامة وقضايا الوصاية على المرأة طوال حياتي، وحينما زفت شقيقة زوجي لى خبر رفع الحظر ، لم أستطع إلا البكاء». يد واحدة وهدف واحد بداية من مستخدمي تويتر الذين عرضوا إقراض سياراتهم للنساء اللاتي يرغبن في التدرّب ولم يكن بإمكانهن استئجار سيارة، إلى آخرين تطوعوا في المناطق الريفية التي لا توفر دروسًا لتعلم القيادة ولا توجد بها مراكز تدريب تديرها الدولة، اتحد الجميع في آمالهم من أجل التغيير. حتى أن مسؤولي الدولة احتفلوا بالمرسوم الملكي الجديد من خلال تقديم الزهور للسائقات وتنظيم فعاليات في المدن السعودية الرئيسية للتركيز على السلامة العائلية في الطريق تحت شعار «توكلي وانطلقي». وبالنسبة إلى هناء، فإن الآمال من أجل سعودية أفضل لا تتوقف عند هذا الحد، إذ أطلقت وسمًا نشطًا آخر باسم #كيف_تعلمت_القيادة؛ ليظل الحديث مستمرًا حول أولى تجارب قيادة النساء في المملكة على الإطلاق والمتاعب التي يواجهنها مع القيادة في أول يوم لهن أو في إصدار الرخص. واختتمت هناء قائلةً: «الفشل الحقيقي هو الفشل في المحاولة. منذ أن بدأت في نشر التغريدات عن هذا الأمر، وأنا أتلقى الكثير من الدعم والتشجيع من أفراد المجتمع الذين يشعرون بالشيء نفسه. أحلم بإنشاء مدرسة لتعليم القيادة للنساء فقط، لكني لا أملك الأموال اللازمة لدعم حلمي في الوقت الحالي».
مشاركة :