«كِتَابُ الحَالَة» هو كتابُ اللحظات المتوهجة، شاهِدٌ لنهر الأعماق. أثرٌ أدبيّ وعالمٌ إبداعيّ وجماليّ. إنه أنطوان الدّويهي في ذروة مهارته الإبداعية التي اكتملت قبل بلوغه العشرين عاماً. لقد تكوّنت واكتملت لغة الدويهي في سنٍّ مبكرة، وبقيت هي لغته عينها على الدوام. هذه اللغة التي يصفها في حوارات عدة بـ «لغة ذاته»، «المكوّنة فيَّ، بمعزل عن قراري وإرادتي، وليس لي من لغة سواها». تؤشر على رؤيته الخاصة للكينونة الإنسانية ببعدها الزمني المتجلي في لحظات متوارية داخل الذات/ الشاعرة وها هي اليوم تعود بطبعة جديدة من «كِتَابُ الحَالَة» يُصدرها أنطوان الدّويهي عن الدار العربية للعلوم ناشرون، ودار المراد (2018) بعد صدوره الأول عام 1993 عن «دار النهار للنشر» في بيروت. ولمكانة هذا العمل في عالم الشعر يفرد الكتاب مساحة واسعة فيه لآراء نخبة من الأدباء والشعراء والنقاد والمفكرين حول مضامينه ومدلولاته الشعرية، والجمالية، والوجودية، والروحية، ونزوحه إلى «الكتابة المطلقة»، لذلك فالكتابات المعروضة تركز بشكل بارز على فرادته، فتردُ فيها توصيفات مثل «نأيه عن الصفوف، طاهراً من أيّ تيّار أدبي»، وأخرى تقول «لا تشبه كتابة الدّويهي إلا نفسها. فهي نسيج فرادتها ووحدتها وعزلتها»؛ وغيرها من آراء تؤكد بلا شك على مكانة الكتاب كواحد من الأعمال الشعرية المكتوبة ببلاغات أدبية وأسلوبية ثرّة تجعله متمتعاً إلى اليوم باستقلالية وتميز. من عوالم الشعر في «كِتَابُ الحَالَة» نقرأ نصاً للشاعر الدّويهي بعنوان «عبرتُ الأماكن» يقول فيه: «عبرتُ الأماكن وشاهدتُ المشاهد، وعرفتُ بهاء ما يُرى، وسرى فيَّ سِحرُ المدى فصرتُ به مسحوراً، ووُصِلتُ طويلاً بما أنا به موصول، وكثرتْ عليَّ الإشارات، وفُتِحتْ لي المطلّات، وأخذتني رغبةُ الانتشار، وارتفعَ فيَّ الحنينُ المضيء، وأردتُ اختصارَ كلّ شيء وامتلاكَ كلّ شيء».
مشاركة :