كوفي عنان... الدبلوماسي الهادئ ورجل السلام

  • 8/18/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

غيّب الموت الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان عن عمر يناهز 80 عاما، بعد فترة قصيرة من إصابته بالمرض، بحسب ما أعلنت المؤسسة التي تحمل اسمه اليوم (السبت). ونعته المؤسسة في بيان كتبت فيه: «ببالغ الحزن تعلن عائلة عنان ومؤسسة كوفي عنان أن الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة والحائز على جائزة نوبل للسلام توفي اليوم بعد إصابته بمرض لفترة قصيرة». وأكد البيان أن «زوجته ناني وأبناءهما أما وكوغو ونينا كانوا إلى جانبه في أيامه الأخيرة». وبحسب وكالة الأنباء السويسرية، توفي عنان في مستشفى في الكانتون الناطق بالألمانية في سويسرا. * نشأته ومسيرته الدبلوماسية ولد عنان عام 1938 في كوماسي، عاصمة منطقة أشانتي في غانا، وكان يعيش في سويسرا. والده كان مديرا في شركة تجارة أوروبية، هي شركة «يونايتد أفريكا» (أفريقيا المتحدة) المتفرعة عن شركة يونيليفر الإنجليزية - الهولندية. عمل عنان في السلك الدبلوماسي، وساهمت شخصيته اللافتة في تعزيز حضور الأمم المتحدة على الساحة الدولية خلال ولايتيه من 1997 إلى 2006. وأصبح بسرعة وجها مألوفا على شاشات التلفزيون، واحتل اسمه عناوين الصحف. واستطاع بفضل خبراته أن يصبح أول أمين عام للمنظمة الدولية من أفريقيا جنوب الصحراء. انضم عنان للأمم المتحدة عام 1962 كإداري ومسؤول ميزانية في منظمة الصحة العالمية. وتقلد منصب وكيل الأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام، وشغل لمدة عام قبل ذلك منصب الأمين العام المساعد لشؤون عمليات حفظ السلام. وطوال هذه الفترة، أي قبل أن يصبح أمينا عاما، عمل عنان على تقوية قدرة المنظمة على الاضطلاع ببعثات حفظ السلام التقليدية والعمليات المتعددة المهام على السواء، وعلى الاضطلاع بمهام جديدة في مجال السلم والأمن الدوليين مثل «الانتشار الوقائي». وعينته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1996، ليصبح الأمين العام السابع في تاريخ المنظمة خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 1997 إلى 31 ديسمبر 2001. وقد قاد الأمم المتحدة خلال فترة حرب العراق التي اتسمت باضطراب كبير. لكن حصيلة أداء عنان شابتها اتهامات بالفساد في فضيحة «النفط مقابل الغذاء»، لكن لجنة تحقيق برأته من أي مخالفة بعد فترة. وعندما غادر الأمم المتحدة، وصف بأنه أحد الأمناء العامين الأكثر شعبية، وكثيرا ما أشير إليه بـ«النجم الدبلوماسي» في الدوائر الدبلوماسية الدولية. *دراسته درس عنان في جامعة العلوم والتكنولوجيا في كوماسي بغانا، وأكمل دراسته الجامعية في الاقتصاد في كلية ماك ألستر في سانت بول، مينيسوتا (1961). وفي الفترة من 1961 إلى 1962، أجرى دراسات عليا في الاقتصاد بالمعهد الجامعي للدراسات العليا الدولية في جنيف. وحصل بعدها على ماجستير العلوم في الإدارة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. * جائزة «نوبل» للسلام في عام 2001، وبينما كان العالم يحاول تجاوز هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، مُنح عنان جائزة نوبل للسلام مشاركة مع المنظمة الدولية «لعملهما من أجل عالم أفضل تنظيما وأكثر سلاما». ومن أبرز الأسباب التي دفعت باسمه للحصول على الجائزة، اهتمامه الكبير بالبلدان الأفريقية التي ظلت مشكلات الحرب والمجاعة والمرض تشرد الملايين فيها وتحول دون التنمية والتقدم. كما بذل عنان جهودا كبيرة لمحاربة انتشار مرض نقص المناعة «الإيدز». * عمله مبعوثا أمميا لسوريا وبعد انتهاء ولايته الثانية على رأس الأمم المتحدة، قام عنان بأدوار وساطة مهمة في كينيا وسوريا. فتم تكليفه موفدا خاصا للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا عام 2012. وفي أواخر 2012، قدم عنان استقالته من منصبه كمبعوث أممي وعربي إلى سوريا، وذلك بعد فشل خطته التي تكونت من ست نقاط وكانت تهدف إلى وقف إطلاق النار في سوريا والوصول إلى تسوية سياسية. وأنشأ فيما بعد مؤسسة خصصت لحل النزاعات وانضم إلى رؤساء دول في مجموعة «العقلاء» التي تلفت باستمرار إلى قضايا دولية. وانهالت عبارات التعازي والرثاء من هنا وهناك بعد إعلان وفاة عنان، وأعرب الأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن حزن عميق لنبأ وفاة عنان الذي حيا فيه «قوة تعمل من أجل الخير». وأضاف أن عنان «كان بأوجه مختلفة يجسد الأمم المتحدة»، مؤكدا أنه «خرج من الصفوف لقيادة المنظمة إلى الألفية الجديدة باعتزاز وتصميم لا مثيل لهما». وتابع: «ككثيرين، أفتخر بأن أدعو كوفي عنان صديقا ومعلما». وأعلن رئيس غانا نانا أكوفو - أدو اليوم الحداد لأسبوع وتنكيس الأعلام الوطنية في غانا والبعثات الدبلوماسية في الخارج تكريما «لأحد مواطنينا الأعظم شأنا». أما الرئيس الغاني السابق جون ماهامافقد عنه: «عاش وعمل من أجل السلام العالمي والأمن والتنمية المستدامة في أوقات صعبة للغاية. إنه فخر لغانا ولأفريقيا». وقالت منظمة الشيوخ، وهي مجموعة من الشخصيات العامة العالمية، إنه «لعب دورا حيويا في قيادة عمل منظمة الشيوخ وكان صوت السلطة والحكمة في السر والعلن». وأضافت: «كان مدافعا ثابتا عن حقوق الإنسان والتنمية وسيادة القانون. كوفي عنان كان ملتزما مدى الحياة بقضية السلام وعُرف عنه معارضته القوية للعدوان العسكري وخاصة غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة عام 2003». رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي وصفت عنان بأنه «زعيم رائع ومصلح للأمم المتحدة ساهم بشكل كبير في تحويل العالم الذي تركه إلى مكان أفضل عن العالم الذي وُلد فيه». وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «تثني فرنسا عليه. لن ننسى قط توجهه الهادئ والحازم للأمور والتزامه القوي». رايلا أودينغا زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق في كينيا قال إن عنان «أفريقي عظيم وقائد عظيم للعالم. نحن هنا في كينيا نتذكر الدور الذي لعبه في قيادة عملية المصالحة بعد الأزمة التي تلت الانتخابات العامة عام 2007. تمكن كوفي عنان من جمع الفصائل المختلفة في بلادنا». من جانبه، قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوسا إن عنان كان «زعيما رائعا ودبلوماسيا فريدا» طرح الأجندة الأفريقية داخل الأمم المتحدة و«رفع علم السلام» في مختلف أنحاء العالم. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش: «رحل عن الدنيا الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بعد مسيرة سياسية حافلة، قامة دبلوماسية تميز بأدائه في وظيفة شاقة وظروف صعبة».

مشاركة :