تحقيق: راندا جرجس إن مرحلة الشيخوخة جزء أساسي من حياة الإنسان، حيث يتعرض فيها للكثير من الإصابات بالأمراض نتيجة التقدم في السن، ما يؤدي للتدهور في حالته الصحية، والنفسية، ويجعله دائماً في احتياج للرعاية الطبية، المنزلية، الأسرية، وفي بعض الحالات لخدمات التمريض، وكذلك اهتمام الأصدقاء والمحيطين به، كما أن هناك بعض الأمراض الخطيرة التي تحتاج لنفس الرعاية كالسكتات الدماغية التي تؤثر على المريض وتجعله غير قادر على الحركة ويتعرض للعديد من المضاعفات، وفي السطور القادمة يقدم لنا الخبراء والاختصاصيون بعض الإرشادات لكيفية تقديم المساعدة لهذه الحالات:يقول الدكتور أحمد محمد أحمد استشاري الطب النفسي، إن فئة المسنين التي تبدأ من سن الـ65، يمكن أن يتعرضوا فيها إلى عدة مشاكل صحية عضوية، جسدية، كما أنهم يواجهون مشكلات نفسية عديدة مثل الأمراض الذهنية، فقدان الذاكرة حيث تزداد نسبة النسيان نتيجة التقدم في العمر، ويعد الزهايمر هو المرض الأكثر شيوعاً بين هذه الفئة، وأيضاً القلق المرضي الذي تتفاوت أعراضة ما بين اضطرابات نوبات الهلع إلى القلق المفرط، وكذلك الاكتئاب النفسي الذي تتفاوت نسبة الإصابة به من 5% إلى 10% ويستهدف السيدات أكثر من الرجال، وتتمثل العلامات الشائعة في:- فقدان الرغبة أو المتعة في ممارسة الأشياء المعتادة.- الشعور بالحزن، ضيق الصدر، واليأس.- اضطرابات النوم سواء نقص أو زيادة أوقاته.- افتقاد الحيوية أو النشاط.- قلة الشهية أو زيادة الأكل.- الشعور بالذنب أو التقصير تجاه الآخرين.- ضعف التركيز الذهني.- كثرة الحركة والكلام أو العكس.- تفضيل الموت على الحياة. رعاية الصحة النفسية يوصي د.أحمد بضرورة الاهتمام بالصحة النفسية للمسنين، حتى يتمتعوا بأكبر قدر ممكن من ممارسة أنشطة حياتهم اليومية دون التعرض للمشكلات، وذلك من خلال المتابعة مع الأطباء، وإجراء تقييم نفسي للكشف عن وجود أية علامات مرضية أولية، والبدء بالعلاج مبكراً، وكذلك إعطاء الأشخاص القريبين للمريض المعلومات الضرورية عن حالته، حيث إن دور الأهل والمحيطين به، هو الأهم في تقديم المساعدات اللازمة له، وتقديم الدعم المناسب لحالته، كما أن وجودهم حوله يعتبر علامة إيجابية للمريض، كما أن هناك عدة برامج صحية تقدم للمسنين، لكل حالة حسب احتياجاتها، كما يمكن أن يضطروا للمكوث بعض الوقت في المستشفى، لتقديم الخدمات الصحية، الرعاية الطبية، لأغراض تشخيصية كإجراء التقييم الذهني في حالة وجود مشاكل الذاكرة، النسيان، ومراجعة المعالج النفسي، الذي يساعد ببعض البرامج الصحية النفسية، كتطبيق العلاج السلوكي المعرفي، تعلم المهارات السلوكية لمواجهة الضغوط النفسية، وكيفية استغلال أوقات الفراغ وكذلك تقديم الدعم عند اللزوم لممارسة النشاطات الرياضية. مشكلات جلدية تشير الدكتورة ملداء الداودي، أخصائية الأمراض الجلدية والتجميلية، إلى أن بشرة كبار السن تخضع لتغييرات كثيرة، بسبب عوامل عديدة مثل: نمط الحياة، التغذية، الوراثة، وبعض العادات الشخصية مثل التدخين، كما تسهم أسباب أخرى في شيخوخة الجلد وفقدان الخلايا الدهنية بين الجلد والعضلات، كالإجهاد في حركة الوجه، الأرق، الجاذبية، البدانة، والتعرض للشمس الذي يعتبر سببا رئيسيا في تلف الجلد والإصابة بمرض سرطان الجلد، ومن الأمراض والتغيرات التي تصيب الجلد بكثرة عند المسنين:* جفاف الجلد والحكة، وتعد خسارة وظائف الغدد الدهنية، هي السبب الرئيسي في هذه الإصابة.* سرطان الجلد، الذي يحدث بسبب التعرض للشمس (الإشعاع فوق البنفسجي).* التصبغات التي تصيب المناطق الأكثر تعرضا للشمس كالوجه واليدين.* الإصابة بآلام السرير، أو المعروفة أيضا باسم ضغط القرحة، وهي عبارة عن قرح الجلد بسبب الضغط عندما يستلقي الناس في الفراش لفترات طويلة من الزمن، بسبب بعض الأمراض التي تتمكن منهم وتجعلهم غير قادرين على الحركة، وتعد الإصابة بآلام السرير مشكلة شائعة بين المسنين، وخاصة المصابين بداء السكري، بسبب ضعف الدورة الدموية، انخفاض الشعور ببشرتهم، ولذلك يجب على المحيطين بهم التناوب المتكرر، أو إعادة وضع يساعد على منع حدوث هذه التقرحات. تجاعيد متفرقة تذكر د.ملداء أن التجاعيد هي أول وأوضح علامات الشيخوخة، حيث إن جفاف الجلد، والتعرض للشمس بمعدل عالٍ يفقد البشرة مرونتها ورطوبتها، ولا يمكن أن نجد له شفاء، ولكن بإمكاننا إصلاح التجاعيد والوقاية منها بأكبر درجة ممكنة، ولذلك يجب استعمال واقي الشمس الذي لا يقل عن (30 اس بي اف)، ووضعة قبل التعرض لأشعة الشمس على الأقل بـ 20 دقيقة، أكثر من مرة خلال النهار بتكراره كل ساعتين، خاصة إذا كان الطقس حارا، كما أنه من الجيد تغطية البشرة بلباس قطني أبيض، واستخدام القبعات والمظلات إذا أمكن، مع استعمال ترطيبات البشرة على الجسم كله وليس على الوجه واليدين فقط، وأن تكون هذه المرطبات خالية من الكحول والمعطرات لتفادي التصبغات الإضافية.تضيف: تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض النصائح التي يجب مراعاتها في مرحلة الشباب، وتساعد على الوقاية والحد من ظهور هذه الآفات الجلدية مع التقدم في السن، وهي كالآتي:- الاهتمام بالتغذية، وحصول الجسم وكامل أعضائه على ما يحتاج إليه من المعادن، الفيتامينات، الألياف، البروتينات، النشويات، الدهون، وكميات كافية من الماء، التي تعد من أهم المتطلبات للحفاظ على صحة الجسم والبشرة.- الحالة النفسية الجيدة تحافظ على الصحة والمناعة، حيث إن الأرق، القلق، العصبية، والحزن لمدة طويلة من العوامل المسببة لظهور علامات الشيخوخة في سن مبكرة.- ممارسة التمارين الرياضية التي تساعد على تقوية الدورة الدموية، ما يزود نسبة الأكسجين ومرونة الأعضاء وينعش وظائفها. السكتة الدماغية يذكر الدكتور أجيت كومار، استشاري أمراض الأعصاب، أن السكتة الدماغية أو «النوبة المخية» تحدث عندما تصاب الأوعية الدموية التي تمد المخ بالدم بالانسداد أو الانفجار، ويؤدي ذلك إلى نقص وصول الأكسجين والمواد الغذائية إلى أجزاء من المخ خلال دقائق، فتتلف الأجزاء المصابة و«تموت»، وعندما تنفجر الأوعية الدموية يتسرّب الدم فيضغط على المخ ويُتلفه، وتظهر الأعراض ويحدث العجز بعد السكتة الدماغية نتيجةً لتلف المخ، وذلك هو السبب الثالث الشائع للوفاة بعد مرض القلب والسرطان، كما أنه الأكثر أهمية على الإطلاق وراء العجز الدائم، وتنقسم السكتة الدماغية إلى السكتة الدماغية الإقفارية التي تشكل حوالي 80% من الإصابات، وهي تحدث نتيجة لانسداد أحد الشرايين في المخ، وتسبب فقدان الإمداد الدموي إلى أجزاء من المخ، ومن ثَم تلفها، أما السكتة الدماغية النَّزْفية، فهي تكون نتيجة وجود نزيف داخل المخ أو خارجه وخارج أغطيته، ويصاب بها 20% من إجمالي الحالات، وهناك بعض الأمراض التي يمكن أن تسبب الجلطات الدماغية مع الوقت، مثل: ارتفاع ضغط الدم، التدخين، ارتفاع الكولسترول، داء السكري، اضطراب نبض القلب، الإصابة بسكتة دماغية سابقة، والتاريخ العائلي (العامل الوراثي). علامات وتشخيص يشير د.أجيت إلى أن النوبات المخية عادة تكون بلا ألم، وربما لا يمكن التعرف عليها، كما يمكن أن يؤدي تأخر طلب العناية الطبية إلى تدهور وتلف المخ، ولذلك يجب الانتباه إلى الأعراض الناتجة عنها، والتي تشتمل على: ضعف أو شلل، مع الشعور بالتنميل أو فقدان الإحساس في أحد جانبي الجسم، عدم وضوح الكلام أو عدم القدرة على الكلام بشكل طبيعي، البداية المفاجئة وعدم التوازن أو الدوخة، فقدان الإبصار في إحدى العينين فجأة، ولذلك يجب تدخل الطبيب المعالج بالفحص السريري للمريض، وعمل الاختبارات اللازمة لتحديد التشخيص المناسب للحالة والتي تتمثل في:- التصوير المقطعي المحوري المحوسب (CT SCAN).- أشعة التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).- التصوير الوعائي بالنوكليدات المشعة.- اختبار الدوبلر بالموجات فوق الصوتية.- التصوير الوعائي بالطرح الرقمي. مضاعفات ومعالجات يحذر د.أجيت من أن الإصابة بالسكتة الدماغية ربما تؤدي إلى حدوث تورم المخ، ومن ثَم الغيبوبة والوفاة، أو حدوث شلل، عدم القدرة على الكلام أو الاستيعاب، فقدان البصر، واختلال التوازن، وفي معظم الحالات يترتب على المريض ملازمة الفراش، لحمايته من الإصابة بعدوى المسالك البولية، الرئوية، قُرح الفراش، وجلطات الساقين، لذلك يترتب نقل المريض للمستشفى لتلقي الرعاية الطبية المناسبة لحالته، حيث يشتمل العلاج على الأدوية والحقن لتذويب الجلطة، أو عملية جراحية للجلطات الدموية الكبيرة، وعملية جراحية لرأب الأوعية الدموية المسدودة.يستكمل: يعتبر منشط البلازمينوجين النسيجي (TPA) من أحدث علاجات السكتة الدماغية، حيث يتم إعطاؤه للمريض خلال أول أربع ساعات ونصف الساعة بعد حدوث السكتة، ويمكنه تذويب الجلطات وتحسين النتيجة، ولا يمكن إعطاء هذه الأدوية إلا في بعض الحالات فقط، كالناجمة عن انفجار أحد الأوعية الدموية، أو المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض منذ أكثر من أربع ساعات ونصف الساعة، وللمرضى المصابين بالتلف المخي الشديد، قرح المعدة، النزيف من أي مكان، وأي إصابة أو عملية جراحية كبيرة حديثًا في الرأس، وفي بعض المراكز المتقدمة تعالج السكتة الدماغية باستئصال الجلطة آلياً، أو بإزالة الجلطة بجهاز متصل بقسطرة تمر عبر أحد الأوعية الدموية في الفخذ متجهةً إلى المخ.يفيد د.أجيت بأن إعادة التأهيل لمرضى السكتة الدماغية لا يشمل العلاج الطبيعي فقط، بل تعليم المريض المهارات المطلوبة لممارسة الحياة اليومية كما يؤديها الأشخاص الطبيعيون، مثل تناول الطعام، وارتداء الملابس، والنظافة الشخصية،..إلخ، وتبدأ إعادة التأهيل في أقرب فرصة ممكنة بعد الإصابة، وفي أغلب الحالات يكون من اليوم الأول، وتُعد مشاركة العائلة في إعادة التأهيل أمراً مهماً، لمراقبة المضاعفات التي يمكن أن تحدث وتكملة ما لا يستطيع المريض عمله بنفسه، كما يجب على المصاب الاحتفاظ بقائمة تضم أرقام خدمات الإنقاذ الطارئة قرب الهاتف، وفي محفظته، أو محفظتك، وخاصة المستشفيات المحلية القريبة من مكان المنزل، التي تشمل مركزاً للسكتة الدماغية، وبها رعاية طارئة طوال اليوم، مع اتباع نمط حياة صحية، والامتناع عن التدخين، وممارسة الرياضة بانتظام، وتناول أدوية ارتفاع ضغط الدم، الكولسترول، وداء السكري في مواعيدها. رعاية اجتماعية إن أكثر ما يزعج كبار السن هو الشعور بالوحدة، حيث إن الحياة بالنسبة لهم تتمثل في العلاقات الاجتماعية، وتجمع أفراد العائلة والأصدقاء حولهم، وخاصة أن التقدم في السن يجعلهم غير قادرين على الحركة والتنقل كما السابق لعمل الزيارات العائلية أو حتى الذهاب إلى النزهة، ولذلك فإن مشاركة المسنين فيما يخص أبناءهم وأحفادهم، من أهم الآليات التي تساعدهم على تخفيف الشعور بالوحدة والانعزال، ويجعلهم متفاعلين، ما يساهم في تنشيط وظائفهم المعرفية والإدراكية، كما أن توفير بعض الوقت لهم مع أصدقائهم يمنحهم شعوراً بالوجود والتواصل، واستعادة ذكرياتهم السعيدة.
مشاركة :