رحلة إلى الله تكمن كل أسرار المحبة فيها، ربما ذلك ما دفع العديد من الأدباء العالميين للاهتمام بتلك الرحلة الروحية التي يتعلق فيها المرء بالله وحج بيته، للدرجة التي قد تدفعه لترك كل شيء ماله وأبنائه وبلده، ويفضل أن يشق على نفسه في سفر وطواف وصعود لجبل عرفة كل ذلك من أجل تلك اللحظات. من بين الروايات الشهيرة التي رصدت الحج بروحانياته رواية "الخيميائي" للأديب العالمي الشهير باولو كويلو، والتي ترجمت لأكثر من ستين لغة و بيع منها أكثر من ثلاثين مليون نسخة، وعلى الرغم من أن كويلو دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأغنى أديب ينال دخلًا من ربح كتبه يفوق الخمسين مليون ريال سنويًّا حال حياته، وذلك لسبب بسيط هو أنه كان يكتب عن الحكمة وعن المبدأ، وكان في كل رواياته ينادي بأن ”الله” لابد أن يكون موجودًا في كل تفاصيل حياتنا!. من بين الفقرات الجميلة التي تبرز عظمة الرحلة في عيون المؤلف العالمي تلك التي يسأل الراعي لمالك متجر الكريستال عن رغبته العارمة في زيارة الأهرامات قبل أن يشرح الأخير له أركان الإسلام والحج ليتعلق قبله بمكة. يقول كويلو في روايته :"ألم تحلم بالسفر من قبل؟” قال الولد الراعي لمالك متجر الكريستال الذي يعمل عنده في طنجة، الأندلس. كان التاجر يسأله عن سبب اهتمامه بالسفر لرؤية الأهرامات، بعد ذلك بيومين كان التاجر يشرح للولد الأركان الخمسة في الإسلام. توقف بعد الحديث عن الأركان الأربعة الأولى بعيون تملؤها الدموع. سأله الولد بفضول عن الركن الخامس. “سألتني قبل يومين إن كنت أحلم بالسفر،” رد التاجر، "الركن الخامس لكل المسلمين هو الحج. نحن ملزمون بزيارة مكة مرة واحدة على الأقل في حياتنا". يكمل التاجر حديثه، ”عندما كنت صغيرًا، كان كل ما أريده هو ادخار المال لفتح هذا المتجر. كنت أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي أكون فيه غنيًّا وأتمكن من الذهاب لمكة”. تحدث التاجر عن المارين من متجره في طريقهم للحج وأخبره أن الحاجين يفتخرون بحجهم، ويضعون علامة على أبواب بيوتهم تفاخرًا بحجهم. عندما سأله الولد عن السبب الذي يمنعه من تحقيق حلمه بالذهاب لمكة قال له: “لأن فكرة مكة هي التي تبقيني حيًّا” ثم قال: “لقد تخيلت آلاف المرات عبور الصحراء والوصول للحجر الأسود الذي لا أسمح لنفسي بلمسه إلى بعد إتمام الدورة السابعة في الطواف. لقد تخيلت الأشخاص بجانبي والأشخاص الذين يمشون أمامي”.
مشاركة :