الشرطة اليمنية تقود حملة اعتقال عرسان ليلة زفافهم

  • 8/19/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

صنعاء – بدأت الشرطة في اليمن مؤخرا حملة جديدة وغريبة تستهدف اعتقال العرسان ووضعهم في السجن ليلة زفافهم، والسبب عادة مألوفة في اليمن وهي إطلاق أعيرة نارية في الهواء خلال الأعراس، فهي عادة متوارثة منذ عقود في مختلف مناطق البلد العربي، وخاصة في الريف. ويتفاخر الكثير من اليمنيين بإطلاق أعيرة نارية في الهواء عند استقبال الضيوف، أو خلال موكب العرس، أثناء الذهاب إلى منزل العروس. ويطلق أهالي وأقارب وأصدقاء العريس في العديد من المناطق أعيرة نارية في الهواء باستخدام كلاشينكوف أو مسدسات، وأحيانا عبر أسلحة رشاشة وقنابل يدوية. غير أن هذه الظاهرة بدأت تقود العروسين في ليلة زفافهما إلى مكان لم يكن أبدا في الحسبان، وهو السجن. وأعلنت شرطة مدينة عدن، العاصمة المؤقتة (جنوب)، في أغسطس الحالي أن قوات الأمن أودعت عريسا السجن. وأرجعت السبب إلى إطلاق مشاركين في حفل زفافه أعيرة نارية في الهواء بكثافة أثناء مرورهم وسط الأحياء والشوارع، معرضين حياة المارة والسكان للخطر. واعتبرت أن “هذا التصرف عبث بأحكام الشرع والأنظمة والقوانين والقرارات الأخيرة، التي اتخذتها إدارة أمن عدن”. وشددت على أنه تم التنبيه سابقا بعدم إطلاق الأعيرة النارية، التي سقط جراءها العشرات، بين قتلى وجرحى، بينهم نساء وأطفال. واحتجزت إدارة أمن عدن خلال أقل من أسبوعين أربعة عرسان، أودعتهم السجون، جراء إطلاق مشاركين في احتفالات زفافهم أعيرة نارية، وتفجير قنابل صوتية. وعادة، يستمر الاحتجاز للتحقيق لمدة 24 ساعة في أقسام الشرطة‎، قبل إحالة القضية إلى النيابة المختصة. وقال العقيد أحمد سعيد الشرعبي، مسؤول البحث الجنائي في إدارة شرطة منطقة كريتر وسط عدن، “هناك من يطلق النار في حفلات الزفاف وهو غير متمكن، ما قد يؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين خلال الاحتفاء بالأعراس″. وتابع أنه “توجد أكثر من قضية قتل سُجلت في السابق، بسبب ارتداد الرصاص الذي يتم إطلاقه عشوائيا في الأعراس″. وأكد “أمام هذه الظاهرة السلبية كان لازما على الشرطة اتخاذ إجراءات قوية، كاحتجاز العريس، كي يكون ذلك رادعا للجميع، من أجل الحد من إطلاق النار في الأعراس″. وحول سبب احتجاز العريس وليس مطلق الأعيرة النارية، أوضح الشرعبي أنه “في حفلات الزفاف توجد أعداد كبيرة من المشاركين في الفرحة، ولا تعلم السلطات حينها من يطلق النار.. تلجأ الشرطة إلى احتجاز العريس، كونه المسؤول عن إطلاق النار في عرسه، وهو المعني والقادر أيضا على منع ذلك”. وتابع “توجد صعوبة في تحديد من يطلق أعيرة نارية في موكب العرس، الذي قد تكون به العشرات من السيارات المحملة بأناس يحتفلون بالزفاف”. ولا يقتصر دور الشرطة في مواجهة هذه الظاهرة على المعالجة الأمنية بعد إطلاق الأعيرة النارية، بل تحاول الحيلولة دون حدوث ذلك. وقال الشرعبي إن “قوات الشرطة تنسّق مع أئمة المساجد وعقال الحارات (أعيان الأحياء) للعمل على الحد من هذه الظاهرة في الأحياء السكنية”. وأضاف أن “الظاهرة تراجعت مؤخرا، بعد الإجراءات الحاسمة لقوات الشرطة”. وتابع “هناك من العرسان من بدأ يتفهم الأمر، حيث يُعلم مسبقا من سيأتي إلى زفافه بعدم إطلاق أعيرة نارية في موكب العرس″. وشدد على أن “المجاملات والاحتفاء بالزفاف ينبغي أن لا يكونا على حساب أرواح الناس.. كفانا الضحايا الذين يسقطون في الحروب.. لا نريد أن نفرح ونقتل الآخرين”. لا يزال اليمنيون يتمسكون بإطلاق الأعيرة النارية في الأعراس، معتبرين أنها تعكس سعادتهم، فضلا عن كونها تقليدا متوارثا. وقالت حنان علي، مختصة اجتماعية يمنية، إن “أسرا عديدة تصر على الاستمرار في هذه العادة، كونها في اعتقادهم تعبر عن فرحتهم وسعادتهم، سواء لأهل العرس أو ضيوفهم”. وتابعت “لكن تلك الفرحة مرهونة بانتهاء مراسم العرس بسلام، دون إصابات أو نهاية حياة شخص تصيبه رصاصة طائشة”. وأوضحت أن “المجتمع يتضرر أيضا من تلك الأصوات المزعجة (لإطلاق الأعيرة النارية)، التي ترعب الأمنيين في منازلهم”. رغم انتشار ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس، وكونها تراثا يمنيا، إلا أن يمنيين ينتقدونها، لا سيما في ظل ما يعانيه بلدهم من أوضاع معيشية متردية للغاية. أفاد محمد إسماعيل، مواطن يمني، أن “إطلاق الأعيرة النارية في الأعراس ظاهرة سلبية تجب محاربتها، خاصة في ظل ظروف الحرب التي يمر بها اليمن”. وأضاف “توجد أولويات ينبغي على جميع التكاتف من أجلها.. نحن في حالة حرب، ومعظم الناس يعانون ظروفا معيشية صعبة تستدعي منا أن نساعدهم في تخطي الأزمة”. وتابع “إضافة إلى ما تسببه هذه الظاهرة من مقتل وجرح مواطنين، يفترض استغلال الأموال التي يتم إنفاقها في إطلاق النار في أشياء مفيدة.. نستطيع أن نفرح بوسائل عديدة أخرى، وليس بإطلاق النار.. السلاح ليس رمزا للفرحة، بل للحرب والمأساة”. وعلق على احتجاز العرسان من جانب قوات الأمن بالقول “يُفترض أن يكون هناك إجراء آخر، بأن يتم علاج القضية بعيدا عن العريس الذي يعيش أجمل أيام حياته”.

مشاركة :