تسبب انخفاض سعر الليرة التركية في هلع كبير للمصارف العالمية، فيما أكد مصرفيون واقتصاديون أن المصارف السعودية لم تتأثر بذلك، وانها تستخدم أدوات تحوط ضد تقلبات انخفاض العملات بشكل عام. واشاروا الى ان الاستثمارات السعودية تشكل ما نسبته 1.4 في المئة من التدفقات الاستثمارية للسوق التركية، كما أنها تأتي في مقدمة الاستثمارات الخليجية وتتركز في السوق العقارية والقطاع المالي. وقال الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية والمتحدث باسم البنوك السعودية طلعت زكي حافظ عدم وجود أي تأثير جوهري للانخفاض الحاصل في الليرة التركية على نتائج وجودة أصول البنوك السعودية وذلك بسبب انخفاض انكشافها على العملة التركية، إضافة إلى استخدام البنوك أدوات تحوط ضد تقلبات انخفاض العملات بشكل عام. وقال الخبير المالي والاقتصادي فضل البوعينين، انه على رغم حدة أزمة الليرة التركية الا ان انكشاف القطاع المصرفي السعودي عليها محدود جدا، وهناك بعض الاستثمارات المشتركة في القطاع المصرفي التركي مرتبطة بالبنك الأهلي التجاري الا انها شراكة شبه مؤمنة، اذا ما احتسبت العوائد السابقة وحجم الاستثمار الحقيقي او القيمة الدفترية. قد يرتبط الأثر بالعوائد السنوية وهو امر طبيعي؛ في مثل هذه الظروف حيث سينخفض العائد بشكل كبير كنتيجة موازية لانخفاض سعر الصرف الا ان اثرها على ربحية الاهلي محدودة جدا. وأشار إلى أن استمرار الليرة في لانهيار قد يحدث أثرا غير مباشر في البنوك السعودية المرتبطة في البنوك الأوربية التي ربما تتاثر باي تعثر لسداد المديونيات التركية. إضافة الى ان استمرارية الازمة يعني تأثر القطاع المصرفي الأوربي المنكشف على القطاع المصرفي التركي المطالَب بسداد نحو 76 بليون دولار خلال الأشهر القادمة للبنوك الأوروبية، وبالتالي يمكن ان يحدث ذلك اثرا على بعض المصارف السعودية كنتيجة لارتباطها بالبنوك الأوروبية. ويعتقد البو عينين ان تداعيات الليرة ليست وليدة اللحظة؛ بل كانت في انخفاض مستمر منذ نحو 5 سنوات؛ وان توسع حجم انخفاضها في العام الحالي؛ وقال: «اجزم ان البنك الاهلي وأي بنك آخر قد تحوط لمثل هذه المتغيرات الحادة ما يجعلهم خارج محيط الازمة». وعن اثرها على استثمار الشركات السعودية في مختلف القطاعات الاخرى أشار الى ان الاستثمارات السعودية تشكل ما نسبته 1.4 في المئة من التدفقات الاستثمارية للسوق التركية وهي تتجاوزها، كما أنها تأتي في مقدمة الاستثمارات الخليجية وتتركز في السوق العقارية والقطاع المالي حيث بلغت حصة السعوديين في سوق الأوراق المالية التركية، حتى 2016، بحسب بيانات تركية رسمية؛ ما نسبته 2.4 في المئة، مقارنة بحصة الخليجيين التي بلغت 6 في المئة تقريبا. ويعتقد البوعينين ان الاستثمارات الفردية هي الاكثر تأثرا من انخفاض الليرة وازمة الاقتصاد التركي وهي استثمارات تفوق بليون دولار وهذا لا يعني عدم تاثر بعض الشركات التي تعتبر تركيا سوقا لها، اضافة الى انه قد يكون الأثر الأكبر في حال فرض قيود على التخارج وتحويل الاموال للخارج وهذا امر يمكن توقعه في حال استمرار الازمة الحالية وعدم تأثير الخطوات المتخذة لمعالجة الازمة. ويعتقد انه لن يكون للازمة التركية اثر على السوق المالية السعودية لمحدودية الانكشاف والعلاقة؛ غير ان هذا لا ينفي تأثر سعر سهم البنك الاهلي في الأيام الاول التي نتج منها هلع عام من دون معرفة الحقائق. لذا كان من المنتظر ان يكون للبنك الاهلي تصريحا عاجلا حول حجم انكشافه وأثر الانكشاف على الأرباح السنوية واستثمارات البنك في تركيا. الشفافية المطلقة والعاجلة تطمئن حملة الاسهم والسوق المالية وتقطع دابر الشائعات. وأكد ان أزمة الليرة التركية ليست الاولى، ولكنها قطعا الاكثر تأثيرا وهذا يدق ناقوس الخطر للاستثمارات السعودية من قادم الأيام. فما يحدث في تركيا ليس كما يصوره الرئيس اردوغان على انها حرب على الاقتصاد التركي بل هو نتاج ادارة خاطئة للاقتصاد المثقل بالديون السيادية والتضخم وعجز متراكم في الميزان التجاري؛ اضافة إلى أخطاء سياسية فادحة نتج عنها استعداء شركاء تركيا الاقتصاديين؛ لذا فالرؤية المستقبلية ماتزال قاتمة؛ ما يستوجب التحوط حيال المستقبل. من جهته، قال الباحث والمحلل الاقتصادي علي الحازمي: «إن الموقع الجغرافي لم يعد مهماً في التعاملات الدولية سوء على المستوى المالي او المستوى التجاري العالمي في ظل التطور التكنولوجي، فحدوث ازمة اقتصادية في بلد ما من المؤكد انها ستؤثر على العديد من الدول سوء المجاورة أم البعيدة، وهذا ما يحدث الآن بالنسبىة لازمة الليرة التركية، إذ إن التأثر موجود، مباشر أو غير مباشر»، وأضاف: «عندما نتحدث عن الاسواق الخليجية فقيمة الاستثمارات الخليجية في السوق التركي تصل إلى 19 بليون دولار أي ما يمثل 10 في المئة من اجمالي قيمة الاستثمارات العالمية في السوق التركي لذلك بغض النظر عن حجم الاستثمارات الخليجية في السوق التركي الا اننا نرى بشكل واضح التراجعات على مستوى البورصات الخليجية متاثرة بما يحدث في الاقتصاد التركي فمثلا نشاهد بورصة قطر التي تراجع مؤشرها 2.6 في المئة، والسبب يعود في وجه نظري الى انخفاض سهم البنك التجاري القطري 4 في المئة وسهم بنك قطر الوطني القيادي 4.5 في المئة، وذلك لانكشافهم على بعض البنوك في تركيا، بينما يحوز البنك التجاري القطري حصة الأغلبية في المصرف التركي ألترناتيف بنك». ولفت الى ان تراجع مؤشر السوق السعودية تقريباً 1.3 في المئة، وأن أكبر شركتين سعوديتين مستثمرة في تركيا هي البنك الاهلي التجاري والشركة السعودية للاتصالات. ويعتقد ان البنك الأهلي سيتأثر نوعاً ما بهذا الهبوط في الليرة وهذا ما انعكس على سهم البنك الأهلي في البورصة السعودية، وستتضح الأثار بشكل وأضح مع نهاية السنة الميلادية ٢٠١٨.
مشاركة :