انهيار جسر «جنوة» يسلط الضوء على تهالك البنية التحتية في إيطاليا

  • 8/20/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

«الاقتصادية» من الرياض تعتزم إيطاليا إطلاق خطة في أيلول (سبتمبر) تهدف إلى تحقيق السلامة في البنية التحتية في البلاد، وذلك بعد انهيار جسر في جنوة، ما أودى بحياة 43 شخصا. وبحسب "رويترز"، قال جيانكارلو جيورجيتي، وكيل الوزارة في مكتب رئيس الوزراء والقيادي في حزب الرابطة "إن الخطة قد تشمل الطرق السريعة والجسور إضافة إلى المباني العامة مثل المدارس". وتابع في مقابلة مع صحيفة الميساجيرو "ستكون عملية صيانة لم يسبق لها مثيل، باستثمار ضخم في الأشغال العامة". ولم يحدد جيورجيتي تكلفة الخطة لكنه قال "لا وجود للعجز ولا للناتج المحلي الإجمالي ولا لقواعد الاتحاد الأوروبي". وشرعت الحكومة الائتلافية، المشكلة من حزب الرابطة وحركة 5-نجوم، في إجراء يهدف إلى سحب الامتيازات التي تحوزها شركة أوتوستراد لتشغيل الطرق ذات الرسوم بعد انهيار جسر جنوة. وفتحت السلطات الإيطالية تحقيقات موسعة للوقوف على أسباب انهيار جسر "جنوة"، وسلط تقرير نشرته "التليجراف" الضوء على مدى صحة البنية التحتية في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بعد هذه الكارثة. ويربط الجسر – الذي بني منذ 51 عاما – بين مناطق شمال إيطاليا وجنوب فرنسا وكان من تصميم المهندس الإيطالي "ريكاردو موراندي"، ومنذ بدء عملية البناء، تعرض لمشكلات عديدة خلال ستينيات القرن الماضي الأمر الذي أسفر عن عمليات صيانة مكلفة للغاية. وأفاد محللون بأن جودة مواد بناء الجسر ربما تعرضت لأضرار وتلفيات بسبب تورط عناصر من المافيا في صناعة البناء ومحاولاتهم الحصول على مكاسب من القطاع عن طريق منح مواد بأسعار عالية وجودة أقل. وأثيرت مخاوف بشأن مدى صحة الأبنية والهياكل الأخرى في إيطاليا التي نفذت في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وأفادت إحدى الجهات الهندسية في البلاد بأن عشرات الآلاف من الجسور ومشاريع البنية التحتية الأخرى قد تكون في خطر شديد وعرضة للانهيار. وقال جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي "إن البنية التحتية بأكملها في البلاد تحتاج إلى الفحص بدقة"، مطالبا الأجهزة الحكومية بالعمل على عدم تكرار هذه المأساة مجددا. من جانبه، صرح دانيلو تونينيلي وزير النقل بأن انهيار الجسر حادث غير مقبول وأن الإهمال لعب دورا في هذه الكارثة، وأيا كان المسؤول، تجب محاسبته. وكان الجسر قد بني في الفترة بين عامي 1963 و1967، ويصل إجمالي طوله إلى نحو 1.1 كيلو متر، بينما يصل ارتفاع الدعامات المثبت عليها إلى أكثر من 88 مترا. وكانت تقنية الخرسانة المستخدمة في بناء الجسر صفة مميزة لمصممه "موراندي" الذي توفي عام 1989، وكان قد وصف بـ "موراندي إم 5" حيث تميز باستخدامه التكنولوجيا في تصميماته. واستخدم "موراندي" نفس فكرة التصميم والخرسانة في بناء جسر آخر في فنزويلا عام 1962، وانهار جزئيا عام 1964 بعد أن صدمته ناقلة نفط، ثم أعيد بناؤه لاحقا. ولطالما أثار جسر "جنوة" شكوكا حول تصميمه وهيكله، حيث نشر مقال موقع إلكتروني في إيطاليا قبل انهياره يحذر من كارثة تلوح في الأفق. ويشير أنطونيو برينتش أحد الأكاديميين المتخصصين في الهندسة المعمارية إلى إمكانية وجود مشكلات في تصميمه ربما تؤدي إلى انهياره – قبل وقوع الكارثة. وأضاف برينتش أن انهيار جسر جنوة كان بسبب مشكلات تآكل في الخرسانة تتعلق بالتكنولوجيا المستخدمة في بنائه من الأساس. وانتقد برينتش مرارا هذا الجسر، وصرح منذ عامين بأن هناك مشكلة في الموازنة المرصودة لبناء الجسر وحسابات خاطئة عن مواد الخرسانة المستخدمة. وعلاوة على ذلك، لم تُجر الصيانة اللازمة والصحيحة للجسر، وأكد وزير النقل عدم إجراء أي إصلاحات أو أعمال صيانة بالشكل الكافي له. وكان من المفترض أن يصل عمر الجسر إلى مائة عام على الأقل، لكن هذا لم يحدث، كما أن أعمال الصيانة التي جرت عليه بعد اكتمال الإنشاء كانت بغرض إصلاح العيوب في التصميم والخرسانة. وفي بداية الألفية الثالثة، تم تثبيت كابلات تعليق لدعمه ومحاولة تلافي عيوب تصميمه، لكن على ما يبدو، لم تفلح هذه الأدوية المسكنة في تجنب انهياره. وأشارت جمعية الهندسة المدنية "سي إن آر" في إيطاليا إلى أن عديدا من الجسور ومشروعات البنية التحتية التي عاصرت جسر "جنوة" قد تخطت عمرها الافتراضي، ويعد انهيار الجسر بمنزلة جرس إنذار للنظر في هذه المنشآت. وطالبت "سي إن آر" بخطة "مارشال" لإصلاح واستبدال آلاف الجسور ومنشآت البنية التحتية الأخرى التي بنيت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي. وربما يكون تحديث وتطوير الجسور أكثر تكلفة من تدميرها وإعادة بنائها بشكل عصري يجعله يستمر لعمر افتراضي يتخطى المائة عام. وذكر مختصون أنه ربما تكون عاصفة رعدية هي ما تسببت في انهيار جسر "جنوة" بعد أن أكد شهود عيان أنهم رأوا أضواء برق قبل انهياره بفترة قصيرة. وحتى لو ثبت وقوع عاصفة رعدية، فليس بالضرورة أن تكون هي السبب في انهيار الجسر نظرا لأن الشكوك والمشكلات التي تعتري تصميمه وبناءه قد أثيرت قبل ذلك. وأوضح أحد المتخصصين أن آليات الصيانة والضغط الناتج عن الحمولة من السيارات والرياح يمكن أن يكون هو السبب في تلف مكونات الجسر بشكل تدريجي حتى انهياره.

مشاركة :