جمع الأديب والمؤرخ الدكتور عبدالكريم محمود الخطيب كل اطياف الأدب والثقافة والإعلام والتأريخ في أمسية تكريمه التي اقامها الشيخ عبدالمقصود خوجة بحضور جمع كبير من المثقفين منهم معالي الدكتور رضا عبيد ومعالي الدكتور مدني علاقي والدكتور عبدالله مناع والدكتور عبدالمحسن القحطاني وعدد كبير من الأدباء والشعراء منهم الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين التي أُلقيت كلمة نيابة عنه والأستاذ محمد علي قدس والدكتور أنور ماجد عشقي والأستاذ حسين بافقيه. وقد بدأت الامسية بكلمة لصاحب الاثنينية الاستاذ عبدالمقصود محمد سعيد خوجة قال فيها:يسعدني ان ارحب باسمكم جميعا بالمؤرخ والإعلامي والأديب والإذاعي الذي عشق المايكروفون والعمل الاعلامي المرئي والمسموع ببرامج ما زال صداها يتردد في اذهان مجايليه فثي وقت كان اقتحام المجال الاعلامي محاطا بسياج من الرهبة والرغبة، عضو اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة وعضو الجمعية التاريخية السعودية، فاهلا وسهلا ومرحبا بالدكتور عبدالكريم بن محمود الخطيب بين اهله وعارفي فضله. تلخص مسيرة ضيفنا الكريم فترات حافلة من تاريخ اعلامنا الحديث في وقت كان المذياع وسيلة الاتصال الاولى، وبوابة التدخل الثقافي والتنوير المعرفي الأوسع انتشارا، تاركا بصمات واثار عبر برنامجه الارشادي الزراعي الذي استمر ثمانية عشر عاماً متواصلة "ارضنا الطيبة" نال عنه جائزة افضل برنامج بالشرق الاوسط عام 1394هـ الموافق 1974م من منظمة الاغذية والزراعة العالمية، وفي عام 1402هـ الموافق 1982م حصل على جائزة افضل معد برامج مائة تمثيلية اذاعية، بخبرته في معالجة بعض مظاهر وظواهر المجتمع السعودي الذي اعتلجته عوامل التضاد ما بين الحداثة والانغلاق، فكان برناجه الاجتماعي "مجلس ابو حمدان" حصاد ثلاثة عشر عاما من المعالجة الدرامية لعادات وقيم المجتمع السعودي، متنقلا من الاعداد والتقديم البرامجي الى العمل الاداري منفتحا على ساحات التوثيق والتأليف مضيفا فصولا جديدة لحياته العملية. بحث ضيفنا الكريم في فضاءات النص التاريخي، متنكبا خطى الرحالة الينبعي "ابن واصل"، رافدا المكتبة بأكثر من اربعين كتاباً خص نصفها ينبع وتاريخها بمؤلفات توثيقية، منها "تاريخ ينبع" حيث تتبع مدينته من القرن الثامن الهجري الى العصر الحديث، راصدا الاحداث الدقيقة، منتهجاً طريقة المحدثين في سرد ونقل الاخبار، مقدماً تراجم لبعض الصحافة والتابعين وبعض الشخصيات التي دخلت ينبع وعلمائها وتعريفا بأمرائها في العهد السعودي ومينائها وجغرافيتها وصورها وطابع البناء والقلاع والاسواق القديمة مع ذكر المواقع الاثرية بينبع متناولا اهم المناطق التاريخية. وفي مؤلفه "تاريخ جهينة" الصادر عام 1405هـ الموافق 1985م، تنبع تاريخ جهينة، وانتشارها بين المملكة والشام ومصر والسودان موردا اشارات من دورها في نشر الاسلام في عهده الاول، ليمضي في كتابه (شعراء ينبع وبنو ضمرة) وكتاب (شعراء ينبع وجهينة) مجسرا هوة الزمان وماداً حبال الوصل بين جيل اليوم واصالة الماضي.. ضيفنا الكريم شاعر، وكاتب عبر عن واقع الحياة بأسلوب قصصي، رواياته وقصصه ذات طابع اجتماعي، اهلته للحصول على شهادة الريادة الثقافية من الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله، كما حوت مجموعته (شجرة الليمون) قصصاً مكتملة الابعاد، في تصوير حركي تفاعلي بين شخوص الحكاية والمحيط الجغرافي في ابعاده التاريخية، والثقافية.. كما عالج الرواية الاجتماعية عبر عدد من الروايات مثل "حي النجارة" و"سفانة" و"سواد الليل" وغيرها فمثلت رواياته بعدا اكثر التصاقا بالتفاصيل التي اختزلتها مؤلفاته، الامر الذي يظهر في روايته "سوق الليل" التي وثق خلالها للاحداث السياسية بمصر الاربعينات والتمازج الاجتماعي بين ارض الكنانة وارض الحرمين، لافتا نظر القارئ لمساحات من التوثيق القصصي، الذي يقارب الواقع من خلال استحضار البعد التاريخي، واستدعاء البعد الروائي، ولم ينس ضيفنا الكريم دور المرأة الفاعل في المجتمع المتفاعل مع الحياة، فاعاد انتاج قصة "بهيسة بنت اوس" مهندسة صلح بن عبس وذبيان، مدللا على عظيم دور المرأة العربية، وسبق فضلها، كاتباً صفحة اخرى لمجاهدات المرأة في صدر الرسالة، عبر كتاب "نساء حول النبي صلى الله عليه وسلم" مفصلا فضلهن ومبرزا سبقهن، واعلاء الاسلام لمكانة المرأة وحقوقها. ذكريات: وتحدث عن اديب ينبع الكبير صديقه الوفي الاديب الاستاذ عبدالفتاح ابو مدين والقيت نيابة عنه كلمة بعنوان (ذكريات) قال فيها: الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد: ** وددت وما تغنى الودادة ان اكون مع هذا الجمع الكريم في "اثنينية الوفاء" لارى اخي وصديقي الوفي عبدالكريم، واشارك المحتفين في مساء من امسيات الاثنينية التي طفقت في تكريم ضيفها من داخل هذا الوطن الكريم، ومن الوطن العربي بابعاده منذ ثلاث عقود!ّ واذا كان لابد مما ليس منه بدء فان مشاعر الوفاء الحق لا تعبر عنها كلمة عابرة! غير ان اخي الوفي عبدالكريم الخطيب يدرك الود الذي ينداح عبر اكثر من عقود خمسة، والفضل لله ثم للاخ الوفي حمدان صدقة رحمه الله ورطب ثراه، هو همزة الوصل والتعارف، وان بعد شيئا ما المكان، فالقلوب لا يحول بينها الزمن ولا بعد المكان بين المتوادين في الله. ** إذاً فان علاقتي مع الصديق العزيز بدأت قبل اكثر من نصف قرن، منذ ان حملتنا سوقنا الى "ينبع البحر" ايام زمان، وكانت مدينة حالمة على شاطئ هادئ موجه، لانه لا مواخر تشق عباب عمقه، يحمل ما فيها من سلع تحمل الى دار الهجرة وشمال البلاد! وهكذا الايام وتعاقبها، غير ان حراك الحياة متصل وان قل! ** إن جهود الاخ المحب عبدالكريم الخطيب في المشاركة بالكتابة فيما كنت اصدر من صحافة، كان جاداً وطموحاً ومنجزاً، وحين تحولت الصحافة الى مؤسسات، شرع يقدم برامج عبر اذاعة جدة ارضنا الطيبة، ونشاطا منتجاً ومتجددا، ثم جنح الى التأليف وشد ركابه الى الرياض يعمل ويكتب وينتج ما استطاع الى ذلك سبيلاً. ** وطفقت ليلة الود بيننا ممتدة ومتجددة، ذلك انها لم يكتنفها مصالح تحول الود إلى أطماع واستغلال وسوء تعامل! ** ولولا علمي ان المحبين كثر، لتوسعت في احاديث الذكريات عبر تلك الحقبة، ولا سيما ايام الصبا والشباب! ولعل نفسينا ترددان: ألا ليت الشباب يعود يوماً فاخبره بما فعل المشيب وإنني أحمد الله إليه أن أحيانا وعافانا بفضله ورحمته، ومازلنا نتذكر أديبنا الكبير محمد حسين زيدان مازلنا "ترعص". وبعد: فالشكر يتجدد لراعي الاثنينية الذي مازال بفضل من الله وعونه يصارع الايام ليستمر يكرم الاخيار، وفقه الله وسدد خطاه ومد في حياته واعانه. المؤرخ الرائد الدكتور عبدالكريم الخطيب: كما تحدث عن ضيف الاثنينية الاديب المعروف الاستاذ محمد علي قدس وقال:" هو احد اعلام البلاد الذين لهم تاريخهم وتراثهم الادبي وهو من رجال ينبع منبع النوابغ من الادباء والمؤرخين والفنانين وهذه حقيقة مثبتة والامثلة على ذلك كثيرة وتعد مؤلفاته في تاريخية ينبع مرجعاً مهماً وهو اول من دون تاريخ ينبع، ويعتبر من افضل من كتب عن شعرائها وعلمائها واعلامها وهو عضو اتحاد المؤرخين العرب بالقاهرة وعضو الجمعية التاريخية السعودية, فضيف الاثنينية هو صاحب عطاء استفدنا وتعلمنا منه .واشار الى البرنامج المميز الذي كان يقدمه ضيف الاثنينية تحت عنوان (الارض الطيبة) واشار الى اسلوبه المميز في كتابة القصص والروايات وهو اسلوب السهل الممتنع. أتحدث عن من أحب: وتحدث عن ضيف الاثنينية الدكتور انور ماجد عشقي وقال:" عندما اتكلم عن من اعرف واتكلم عن ثقة ودراية وانا اتحدث عن من احب يأتي حديثي محفوفاً بالسعادة وضيفنا في هذه الامسية رجل تعرفت عليه منذ عقود تحاببنا في الله وتعاونا على الحق.. نفذت الى قلبه فلم اجد الا الطهارة والصفاء وتحاورت معه فتعرفت على فكره فوجدته عامرا بالعلم والمعرفة والايمان فالدكتور عبدالكريم الخطيب اذا نظرت اليه وجدت رجلا يحمل هموم الامة وكأنه يصر على ان يصلح الكون وحده لهذا تعددت نشاطاته في التاريخ والانسان.. كتب عن ينبع وتاريخها بصورة موثقة وركز على شعرائها من جهينة وبني ضمرة فحصرهم بموسوعة كاملة واصفى من بين شعرائها حسن عبدالرحيم القفطي". ويضيف الدكتور انور ماجد عشقي عن ضيف الاثنينية الدكتور عبدالكريم الخطيب بقوله:» اما في الادب فكتب عن رضوى واسهب وخاض بحار القصص فالف مجموعة اطلق عليها «شجرة الليمون» كما عالج امورا فلسفية فكتب عن المعري بين الايمان والالحاد، وفي مجال الاعلام ظل يصبح المستمعين ببرنامجه الشهير «الارض الطيبة» فعرفه الناس من خلال هذا البرنامج الاذاعي الشهير.. ولقد ولد في مدينة ينبع البحر وتلقى بها علومه الاولوية ثم حصل على دبلوم الصحافة من القاهرة وظل يواصل تعليمه حتى حصل على درجة الدكتوراه وقد تقلب في العديد من الوظائف الحكومية واتخذ من الاذاعة والصحافة ميدانا له ثم تفرغ للعمل الاكاديمي». عبدالكريم الخطيب يروي مشواره: ** ثم تحدث ضيف الاثنينية الدكتور عبدالكريم محمود الخطيب حديثاً عذباً استقبله كل الحضور بشوق بالغ واهتمام وانصات وهو يروي مشوار حياته الحافلة وقال:طبتم وطاب مساؤكم، وكم انا سعيد في هذه الليلة اذ ابصر هذه الوجوه الطيبة، اذ يكرمني الصديق الوجيه الاستاذ الاديب ابن الاديب زميل المسيرة الاعلامية الشيخ الوجيه عبدالمقصود خوجة.. وشكراً والف شكر لسعادته، واعتبر هذا التكريم وساماً على صدري اعتز به كثيرا ما دام هناك بقية من حياة والاعمار بيد الله وجزاه الله خير الجزاء وجعل الله ذلك في ميزان حسناته. من هو الاستاذ عبدالمقصود خوجة.. هو احد ابناء الشعراء المتميزين المبدعين من شعراء المملكة الذي لا ننساه نحن ابناء الجيل المعاصر اذ درسنا وحفظنا مقطوعاته الشعرية الوطنية الرائعة على مقاعد الدراسة. فانا لست اول اديب او اعلامي يكرمه الاستاذ الوجيه عبدالمقصود خوجة، فلقد كرم المئات من الادباء والشعراء والاعلاميين والاطباء النطاسيين في داخل بلادنا وخارجها.. وزيادة على التكريم يطبع مجموعة من مؤلفاتهم أليس هذا ابداع؟.. ابداع ينبع من مكارم اخلاقه الرفيعة وروحه الطيبة واخلاقه الدمثة، إذا ودعنا هذه الدنيا تظل هناك ذكرى وتاريخ لاسلافنا من الابناء والاحفاد والاسباط في مسيرة ادبنا السعودي فيطلون عليها ويشهدون ويذكرون بصمة مشرفة ومضيئة في دنيا هذا الادب.. انها ندوة الاثنينية لصاحبها صاحب الهمة العالية الاستاذ عبدالمقصود خوجة الذي ندعو له بطول العمر والصحة والعافية. في هذه الليلة وفي هذه الامسية الوادعة الجميلة التي جمعتني بكثير من الاحباء والاصدقاء الذين أعرفهم والذين لا أعرفهم. يعن لي في هذه الليلة ان احدثكم عن مسيرتي الادبية والاعلامية في هذه الحياة. وكل مسيرة لابد ان تكتنفها احداث واحداث. نحتفظ بها كأوراق للزمن العابر ومسيرتي الادبية والاعلامية في عمر الزمان تبدأ من حيث لا تنتهي لانها هي مسيرة طويلة، ولكن سوف اوجز ولا اطيل عليكم ومعذرة لئلا يصيبكم الملل. سيرتي الادبية تبدأ من بداية حياتي ومن مسقط رأسي بلادي ينبع ولعلكم تسألون ماهي المكونات التي جعلت منك كاتباً وقاصاً وشاعراً ومؤرخاً واذاعياً إذاً هي مواهب عديدة فلأحمد الله على ذلك الفضل الاول في تكويني الادبي يعود لوالدتي رحمها الله من بعد الله سبحانه تعالى التي كانت اتحلق حولها انا وابناء عمومتي من الاتراب في احد صالونات بيتنا الكبير في مدينة ينبع في المساء وعلى المصباح الزيتي، فتروي لنا الاقاصيص والسوالف المتعددة التي يشوبها الكثير من الخيال فلن انسى والدتي رحمها الله .العامل الثاني والفضل بعد الله يعود لأستاذي حمد الجاسر رحمه الله هذا ما اذكره في عام 1358 هجرية كنت اتذكر أنا أدب على الأرض مع الزملاء في الروضة التي اسسها لنا الاستاذ في المدرسة الاميرية في ينبع، ومن يصدق في ذلك الزمان ان تكون هناك روضة اطفال في إحدى المدارس في بلادنا. إذ كان رحمه الله مولعاً بتدريس الاطفال واشار الى ذلك في مؤلفه بلاد ينبع فكان يرسم لنا على السبورة النهر والجبل والسهل والوادي والارخبيل والجزيرة والشاطئ والبحر ويروي لنا قصصا جميلة تدعو للمحبة والتآخي والتواصل وبر الوالدين والوطنية هذا الاستاذ الذي لا انساه اذ كان له اثر في حياتي وسيأتي ذكره في سياق الحديث. العامل الثالث شواطئ بلادي ينبع وبحرها الجميل اذ كانت شبه الجزيرة التي يلفها البحر بين ذراعيه من اكثر جهاتها ميزها الله بمناظر خلابة الى جانب جمال قريتي الهادئة الوديعة التي كانت فيها دار اسرتنا وبساتينها التي كانت عامرة في الزمن الماضي بالزهور والرياحين والورود وفاقية الحناء العطرة وعشرات من اشجار الليمون التي عشت تحت ظلالها اياما واياما من حياتي فكان لها اثر في نفسي اذ كتبت اول مجموعة قصصية باسم «شجرة الليمون» انها قريتي البركة في منطقة العشيرة التاريخية بينبع النخل. قريتي التي كانت تلفها الجبال الملونة كان ما اجمل الشروق والغروب فيها كل تلك العوامل كان لها اثر في نفسي وتكويني الأدبي.وفي معرض سرده قال الخطيب:»عملت ليلاً في جريدة البلاد مع أستاذنا فؤاد شاكر رحمه الله كمشرف على تحرير الأخبار المحلية في الجريدة.»
مشاركة :