تلقى الفنزويليون بقلق الاثنين الخطة الجذرية الجديدة التي طرحها الرئيس نيكولاس مادورو لمواجهة التضخم المفرط بإزالة خمسة أصفار من عملة البلد النفطي الذي يعاني من نقص السيولة. وبدت فنزويلا مشلولة مع إغلاق معظم المتاجر والمكاتب بسبب العطلة الوطنية التي دعا إليها مادورو في يوم طرح الأوراق النقدية الجديدة لعملتها “بوليفار”. وقالت صاحبة المتجر ماري سانشير (39 عاما) لوكالة فرانس برس بعد ان سحبت مبلغا نقديا “نحن جميعا في نفس الوضع، ننتظر لنرى ما سيحدث”. واستؤنفت التعاملات المصرفية الالكترونية بعد تعليقها لأكثر من 12 ساعة الأحد فيما تحاول الحكومة تجنب الاضطرابات وسط حالة الغموض الشديد حول الاجراءات الاخرى للتعامل مع الفقر المنتشر بما في ذلك رفع الاجور بنسبة 3400 بالمئة، وهو خامس رفع للاجور خلال هذا العام. وقال هنكل غارسيا مدير شركة اكونوميتريكا للاستشارات “هذا اجراء مجنون”. وقد أدى التضخم الذي قال صندوق النقد الدولي أنه سيصل إلى مليون بالمئة هذا العام الى جعل عملة البوليفار بلا قيمة. وكتب نائب الرئيس الاميركي مايك بنس على تويتر أن “الشعب الفنزويلي يتحمل التكلفة المأساوية للفساد والطغيان المستشري في نظام مادورو” مضيفا “الخطوات الأخيرة ستجعل الحياة أصعب لكل فنزويلي”. وأكد أن “نيكولاس مادورو ونظامه دفعا البلد الذي كان مزدهرا في فترة ما إلى الهلاك الاقتصادي والأزمة الإنسانية”. وأكد مادورو الذي كان سائق حافلة وزعيما نقابيا، أن البلاد بحاجة إلى “انضباط مالي” والتوقف عن طباعة النقود بشكل مفرط كما حصل في السنوات الأخيرة.سيناريو الفوضى لكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن خطة الإصلاح الجذرية هذه ستزيد الاوضاع سوءاً. وقال مدير شركة “إيكوانالاتيكا” للاستشارات المالية أسدروبال أوليفيروس “سيكون هناك كثير من اللغط في الأيام المقبلة بالنسبة للمستهلكين والقطاع الخاص” محذرا من “سيناريو فوضوي”. وفي العاصمة كراكاس، أبدى سكان شكوكا إزاء جدوى الاجراءات الجديدة. وقال برونو تشوي البالغ من العمر 39 عاما ويعمل في كشك لبيع الطعام في الطريق “سيبقى كل شيء على حاله وستواصل الأسعار ارتفاعها”. أما أنغل آرياس، وهو متقاعد يبلغ من العمر 67 عاما، فوصف العملة الجديدة بأنها “كذبة واضحة!” ورفضت الأحزاب الثلاثة الرئيسية في المعارضة الفنزويلية — “بريميرو خوستيسيا” و”فولونتاد بوبولير” و”كوزا آر” — الخطة الجديدة داعية إلى تظاهرات الثلاثاء. وسترتبط العملة الجديدة التي أطلق عليها “البوليفار السيادي” للتمييز بينها وبين تلك الحالية– “البوليفار القوي” — بالعملة الافتراضية غير الموثوق بها تماما “البترو”. وسيبلغ سعر كل “بترو” نحو 60 دولارا بناء على سعر برميل النفط الفنزويلي ما سيساوي بالعملة الجديدة 3600 بوليفار سيادي — ما يؤشر الى انخفاض كبير في قيمة العملة. وبدوره، سيتم رفع الحد الأدنى للأجور إلى نصف بترو (أي 1800 بوليفار سيادي)، أي نحو 28 دولار. وأعلن الرئيس الاشتراكي كذلك قيودا على الوقود المدعوم بقوة في محاولة لمنع تهريبه إلى دول أخرى. وبموجب القيود، سيكون الوقود المدعوم متاحا فقط للمواطنين الذين يسجلون سياراتهم للحصول على “بطاقة أرض الآباء” في اجراء رأت المعارضة أنه يهدف فقط للتضييق على المعارضين. وبلغت كلفة دعم الوقود في فنزويلا عشرة مليارات دولار منذ 2012، وفق المحلل النفطي لويس اوليفيروس. لكن لم يكن باستطاعة معظم الفنزويليين شراء الوقود بدون هذا الدعم.خدمات عامة مشلولة حذر أوليفيروس من أن قيمة الأوراق النقدية الجديدة ستنهار “في غضون أشهر” ما لم تتم السيطرة على التضخم. وقال الاقتصادي جان بول ليدينز لفرانس برس “اذا بقي العجز المالي على حاله وكذلك الإصدار غير المنظم للمال (لتغطية العجز)، فستتدهور الأزمة”. ويتوقع صندوق النقد الدولي بأن يصل التضخم إلى مليون في المئة هذا العام في فنزويلا التي تعيش عامها الرابع من الركود الاقتصادي وتشهد نقصا في الغذاء والدواء وسط توقف الخدمات العامة. من جهته، دافع وزير الإعلام خورخي رودريغيز عن الخطة قائلا “لا تستمعوا إلى الرافضين. من خلال إيرادات النفط والضرائب ورفع سعر البنزين (…) سنتمكن من تمويل برنامجنا”. ويشكل إنتاج النفط 96 بالمئة من عائدات فنزويلا لكنه تراجع إلى مستوى هو الأقل منذ 30 عاما فبلغ 1,4 مليون برميل يوميا مقارنة بمعدل إنتاج قياسي حققته البلاد قبل عشرة أعوام عند 3,2 ملايين برميل. وفي العام 2008، ألغى الرئيس السابق هوغو تشافيز ثلاثة أصفار من البوليفار، لكن ذلك لم ينجح في وضع حد للتضخم المفرط آنذاك.
مشاركة :