كيبا وأليسون يظهران تفوق الشباب على الخبرة في حراسة المرمى

  • 8/21/2018
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

لا تزال هناك حالة من الجدل بشأن ما إذا كان الهدف الرائع الذي صنعه النجم الإنجليزي واين روني، الذي أسهم في فوز فريقه دي سي يونايتد على أورلاندو سيتي، يوم الأحد الماضي، في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة هو أبرز حدث في الموسم الحالي للدوري الأميركي الممتاز أم أنه تأكيد على ضعف مستوى الدوري الأميركي ككل. لكن يُمكن النظر إلى هذا الهدف أيضاً على أنه بمثابة ترويج كبير للدوري الإنجليزي الممتاز في حقيقة الأمر. ويجب التذكير بأن روني، الذي صنع هذا الهدف بمجهود خرافي في اللحظات الأخيرة من عمر المباراة، قد أمضى آخر موسمين له في إنجلترا وهو يكافح من أجل العودة والمشاركة في المباريات وسط الحديث عن فقدانه لسرعته المعروفة وتقدمه في السن! أما الآن، فقد استعاد نجم مانشستر يونايتد السابق بريقه ولمعانه وبدا وكأنه عملاق بين مجموعة من الأقزام! وكان روني، الذي صنع هذا الهدف القاتل بتمريرة طولية متقنة، قد تخلَّى عن لعب الكرات الطويلة في الدوري الإنجليزي الممتاز، نظراً لأن المديرين الفنيين وزملاءه في الفريق والجمهور الذي يدفع الأموال من أجل مشاهدة المباريات كانوا بكل بساطة سيستاءون من اللعب الممل والكرات الطويلة. لكن في الوقت ذاته، ولكي نكون منصفين، فإنه لم يكن دفاع أي فريق من فرق الدوري الإنجليزي الممتاز ليعطي روني كل هذه المسافة للتحرك ويسمح له بإرسال هذه الكرة الطويلة من منتصف الملعب ثم يقف بكل بساطة ليشاهد وصول مهاجم الفريق إلى القائم البعيد ويسدد الكرة برأسه ويحرز هدفا! لم يكن هذا ليحدث بالطبع في الدوري الإنجليزي الممتاز بقوته وشراسته المعروفة. والأهم من ذلك كله يتمثل في أنه لا يمكن لأي حارس مرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز أن يقف بهذا الشكل الغريب على خط المرمى ويكتفي برؤية كل هذه الأحداث الدرامية تحدث من حوله وهو يقف موقف المتفرج! وفي إنجلترا، لا يمكنك أن ترسل كرة عالية وطويلة من مسافة 50 ياردة دون أن ترى حارس المرمى يخرج لالتقاطها أو على الأقل أن يبذل جهداً من أجل إبعادها عن منطقة الخطورة. ودائماً ما يكون من الطبيعي في الدوري الإنجليزي الممتاز أن يهيمن حارس المرمى على منطقة الجزاء، وكان هذا هو الحال دائماً حتى قبل حدوث التغير الحالي وضرورة أن يكون حارس المرمى قادراً على اللعب بقدميه من أجل مساعدة خط دفاع فريقه. ونتيجة لهذا المزيج الرائع؛ التحلي بالثقة والقدرة على التعامل مع الكرات العالية من جهة والبراعة في التعامل مع الكرات بالقدم من جهة أخرى، ارتفعت أسعار حراس المرمى بشكل كبير للغاية خلال الأشهر القليلة الماضية. وأصبح أغلى حارسي مرمى في العالم الآن يلعبان في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن ضم نادي تشيلسي الحارس الإسباني كيبا أريزابالاغا مقابل 71 مليون جنيه إسترليني الأسبوع الماضي وضم ليفربول الحارس البرازيلي أليسون من نادي روما الإيطالي مقابل 67 مليون جنيه إسترليني. وتثبت هذه الأسعار المذهلة لحراس المرمى، التي تقترب من سعر أغلى مدافع في العالم، وهو فيرجيل فان دايك الذي انتقل لليفربول من ساوثهامبتون مقابل 75 مليون جنيه إسترليني، تثبت أن الأندية باتت تنظر إلى حارس المرمى على أنه خط الدفاع الأول وليس الأخير. ولا توجد أي علاقة على الإطلاق بين هذا الأمر والمستوى الضعيف والمتذبذب الذي قدمه حارس المرمى التشيلي كلاوديو برافو في أول موسم للمدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا مع مانشستر سيتي، أو حتى الأخطاء الكارثية التي ارتكبها حارس ليفربول لوريس كاريوس في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد الموسم الماضي. وبمجرد أن أدرك تشيلسي أنه على وشك أن يفقد خدمات حارسه الأول تيبو كورتوا تحرك على الفور لضم حارس مرمى آخر على أعلى مستوى ووقع الاختيار على كيبا حارس مرمى أتلتيك بلباو الإسباني لكي يحمي عرين «البلوز». ويبدو أن الفكرة القديمة التي تفيد بأن أي حارس مرمى من ذوي الخبرات الكبيرة سوف يكون قادراً على الدفاع عن مرماه نتيجة الخبرات التي يمتلكها قد اختفت من عالم كرة القدم الحديثة، على الأقل بالنسبة للأندية التي تسعى للمشاركة في دوري أبطال أوروبا. وغالباً ما يُقدر الفارق بين حارس المرمى من الطراز الرفيع وحارس المرمى متوسط المستوى بـ15 نقطة في الموسم (أي أن حارس المرمى من الطراز الرفيع يمكن أن يساعد فريقه على الحصول على 15 نقطة إضافية بالمقارنة بحارس المرمى متوسط المستوى)، وهو عدد النقاط الذي يمكن أن يحدث الفارق بين النجاح والفشل بالنسبة للأندية الكبرى في كرة القدم الأوروبية. ومن حق أي شخص أن يتفق أو يختلف مع مدى دقة هذا التقدير، لكن الشيء المؤكد هو أن حارس المرمى ضعيف المستوى يكلف فريقه نقاطاً ثمينة. وقد حصل مانشستر سيتي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي بعدد قياسي من النقاط وصل إلى 100 نقطة، وبالتأكيد لم يكن غوارديولا ولاعبوه ليحققوا هذا الإنجاز مهما فعلوا لو كان حارس مرمى الفريق هو كلاوديو برافو حتى هذه اللحظة، وهذا هو الفارق بالطبع بين حارس المرمى الكبير وحارس المرمى متوسط المستوى. ولم يكتفِ حارس مرمى مانشستر سيتي، إيدرسون، بتقليل الأخطاء والتصدي للكرات الخطيرة، لكنه أضاف مدافعاً إضافياً لخط دفاع فريقه من خلال إتقان اللعب بقدميه وجعل خط الدفاع يلعب بثقة كبيرة لأنه يعرف أن هناك حارساً ممتازاً من خلفه. ويجب على أي حارس مرمى كبير أن يقوم بهذا الدور نفسه، حتى يتفرغ المدافعون للقيام بمهامهم وهم يدركون أن مجهودهم لن يذهب سُدى بسبب أخطاء ساذجة وكارثية من حارس المرمى. وعندما يعطي المديرون الفنيون الفرصة لحراس المرمى الاحتياطيين للمشاركة في مباريات الكأس، فإن الهدف من وراء ذلك يكون إرضاء هؤلاء الحراس الذين ملوا من الجلوس على مقاعد البدلاء، ولا يكون الهدف إعطاءهم الفرصة لأن يكونوا الحراس الأساسيين. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فسيكون حارس المرمى الأول هو الخيار الأول في معظم فترات الموسم، لذا يكون من المنطقي أن يحصل حارس المرمى الأساسي على ثقة خط الدفاع من أمامه، حتى لو كان 50 في المائة من هذا السبب يعود إلى المقابل المادي الهائل الذي دفعه النادي للتعاقد مع هذا الحارس! أما الشيء الآخر الملحوظ بشدة فيما يتعلق بحراسة المرمى، فيتمثل في أن حراس المرمى المتألقين والموهوبين في الوقت الحالي صغار في السن. وكان من المعتاد أن يُقال إن حارس المرمى ينضج في منتصف العشرينات من عمره ويصل لأفضل مستوياته في الثلاثين من عمره، وهي النظرية التي تبدو الآن وكأنها قد عفا عليها الزمن. ولعل الشيء المثير للاهتمام هو أن حارس المرمى الإسباني ديفيد دي خيا يبدأ موسمه الثامن مع مانشستر يونايتد وهو لا يزال في السابعة والعشرين من عمره، كما أن حارس مرمى ليفربول أليسون ما زال في الخامسة والعشرين، وإيدرسون في الرابعة والعشرين وكيبا في الثالثة والعشرين. وقد يتحسن مستوى كل هؤلاء الحراس، رغم أنهم قد وصلوا لقمة مستواهم وتألقهم في الوقت الحالي، وهذا هو السبب في ارتفاع أسعار حراس المرمى بصورة كبيرة في ظل المنافسة الشديدة على الحصول على خدماتهم من قبل الأندية الكبرى. وقد رأينا الحارس المخضرم لنادي آرسنال، بيتر تشيك، وهو يرتكب خطأ فادحاً عندما أعاد أحد مدافعيه الكرة إليه ليحاول تمريرها إلى الناحية اليسرى قبل أن تذهب باتجاه المرمى وتخرج بجوار القائم إلى ركلة ركنية. واستغل نادي باير ليفركوزن الألماني هذا الخطأ، ونشر مقطعاً لهذه اللقطة على حسابه على موقع «تويتر» ليسخر من الحارس التشيكي. وكان النادي الألماني قد باع للتوِّ حارس مرماه بيرند لينو، الذي حرس مرمى النادي بشكل أساسي خلال المواسم السبعة الماضية، لنادي آرسنال، وكان من المتوقع أن يشارك لينو بصفة أساسية لكن المدير الفني للمدفعجية أوناي إيمري فضل الدفع بتشيك في المباراة الافتتاحية لفريقه في الموسم أمام مانشستر سيتي. وقد تُثار حالة أخرى من الجدل حول هذا الأمر، لكن الشيء المؤكد هو أن هذا الوضع لن يستمر طويلاً، نظراً لأن تشيك قد وصل إلى السادسة والثلاثين من عمره، أي أكبر من لينو بعشر سنوات كاملة. ولم يكن حارس تشيلسي السابق يجد صعوبة في حجز مكان أساسي له مع آرسنال، لكن يبدو أن هذا الأمر يقترب من نهايته، خصوصاً في ظل انتهاء الافتراضات السابقة التي كانت تشير إلى أن حراس المرمى المخضرمين يمكن أن يواصلوا اللعب إلى الأبد! ومن الغريب ألا يكون هناك أي مهاجم صريح ضمن أكبر عشر صفقات انتقال في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الصيف الحالي. قد يكون اللاعب البرازيلي المنضم حديثا لنادي إيفرتون، ريتشارليسون، هدافاً قديراً يعرف طريق المرمى جيداً، لكنه مثل اللاعب الجزائري رياض محرز المنتقل لنادي مانشستر سيتي يلعب في الأساس كجناح. وكانت أغلى صفقتين في فترة الانتقالات الصيفية الماضية لحارسي مرمى، ووصل سعر كيبا إلى ما يقرب من ضعف السعر الذي دفعه إيفرتون للتعاقد مع ريتشارليسون. ورغم أن هذا تطور جديد في اللعبة، لكن ينبغي ألا نتوقع حدوث الشيء ذاته في كل صيف، لأن كل نادٍ من الأندية الستة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز لديه حالة من الاستقرار في مركز حراسة المرمى الآن على مدى سنوات مقبلة.

مشاركة :