حذر تقرير لوكالة بلومبيرج للأنباء من الآثار السلبية لمحاولات السلطات التركية وقف تراجع العملة المحلية، حيث أشار إلى أنه في حين نجحت هذه الإجراءات في الحد من تراجع الليرة، فإنها يمكن أن تؤثر سلباً على أسواق الديون والأوراق المالية لتركيا.فمن خلال تقليص السيولة النقدية في سوق مبادلة العملة الدولية، فإن هيئة الرقابة المصرفية التركية أجبرت المضاربين على المضاربة على الليرة من أجل تسوية مراكزهم المالية، كما جعل هذا من الصعب على الأجانب المستثمرين في السندات والأسهم المحلية التركية التحوط لمخاطر عملاتهم.وقد ارتفع العائد على السندات الخمسية التركية بمقدار 250 نقطة أساس خلال الأسبوع الماضي ليصل إلى مستوى قياسي جديد، في حين قاد المؤشر الرئيسي لبورصة الأوراق المالية التركية بورصات العالم إلى التراجع.وذكرت وكالة بلومبيرج للأنباء أن هذا يشير إلى أن إجراءات السلطات التركية لوقف تراجع العملة كانت لها تداعيات غير مرغوبة، رغم التعافي القوي الذي حققته الليرة.وقال «أندريس فيرجيمان» مدير صندوق استثمار في مؤسسة «بين بريدج إنفستمنتس» في لندن إنه «إذا احتفظت بالأصول التركية، فلن تستطيع الآن التحوط للتغير في سعر العملة، وقد رأينا ذلك في ماليزيا في العام الماضي وهذا يؤدي لحالة عدم يقين، وإذا كنت تستطيع، فقد تتجه إلى بيع سندات بالعملة المحلية، ونحن نرى الأمر نفسه في سوق الأسهم».كانت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية والبنك المركزي التركي قد اتخذا خلال الأسبوع الماضي مجموعة من الإجراءات التي تستهدف الحد من عمليات بيع العملة التركية وشراء العملات الأجنبية وهو ما حد من تراجع العملة التركية لكنه في الوقت نفسه حد من مستوى السيولة النقدية الأجنبية المتاحة في السوق التركية مما أثر على نشاط المستثمرين الأجانب في هذه السوق.من جهته، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الاثنين أزمة العملة التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة بأنها هجوم على اقتصاد تركيا لا يختلف عن الهجوم على العلَم التركي أو الأذان، مستخدماً عبارات دينية ووطنية عشية عيد الأضحى. وفي خطاب مسجل للشعب التركي قبل عيد الأضحى الذي يبدأ اليوم الثلاثاء، قال أردوغان بلهجة تحدّ: إن الهدف من أزمة العملة الأخيرة «تركيع تركيا وشعبها».وهوت الليرة نحو 40% منذ بداية العام نتيجة مخاوف بشأن تأثير أردوغان على السياسة النقدية في البلاد وتفاقم الخلاف الدبلوماسي مع الولايات المتحدة، وامتد الاتجاه النزولي إلى عملات الأسواق الناشئة الأخرى والأسهم العالمية في الأسابيع الأخيرة. وأضاف أردوغان في الخطاب الذي بثه التلفزيون: «الهجوم على اقتصادنا لا يختلف البتة عن الهجوم على الأذان للصلاة وعلى علَم بلادنا، الهدف هو تركيع تركيا والشعب التركي وأسرها، من يعتقدون أنهم سيجعلون تركيا تخضع من خلال سعر الصرف سيدركون قريبا أنهم مخطئون».وأحجم أردوغان عن تسمية دول أو مؤسسات بعينها، لكنه سبق وأن عزا أزمة العملة إلى وكالات تصنيف وممولين غربيين. وضعفت العملة التركية لتصل إلى 6.0900 ليرة مقابل الدولار، مقارنة مع 6.0100 ليرة عند الإغلاق يوم الجمعة، ويوم الجمعة، خفضت وكالتا التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز وموديز التصنيف السيادي لتركيا أكثر ضمن فئة الديون العالية المخاطر.وفي برلين، قالت وزارة المالية الألمانية أمس الاثنين إن أزمة العملة التركية تشكل خطرا إضافيا على الاقتصاد الألماني علاوة على الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة واحتمال ترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون التوصل لاتفاق، وألمانيا ثاني أكبر مستثمر أجنبي في تركيا التي يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شركائها التجاريين.وقالت الوزارة في تقريرها الشهري: «المخاطر ما زالت موجودة ولا سيما فيما يتعلق بالغموض بشأن كيفية نجاح انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى السياسات التجارية الأمريكية في المستقبل، التطورات الاقتصادية في تركيا تمثل خطراً اقتصادياً خارجياً جديداً».وقالت الوزارة إنه على الرغم من مثل هذه المخاطر ما زال الاقتصاد الألماني قوياً يدعمه إنفاق الدولة والاستهلاك الخاص وانخفاض أسعار الفائدة وسوق العمل القوية وارتفاع الأجور الحقيقية، وأضافت أن من المتوقع أيضا أن تزيد الشركات استثماراتها لأن الاقتصاد العالمي ما زال في حالة طيبة على الرغم من التهديد بنشوب حرب تجارية. (وكالات)
مشاركة :