العلاقات بين القاهرة وبكين إلى «شراكة استراتيجية شاملة»

  • 12/24/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

اتفق الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والصيني شي جين بينغ خلال قمة جمعتهما في بكين أمس، على إقامة علاقات شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين، فيما استبعد السيسي تطوراً سريعاً في العلاقات المصرية - القطرية، معتبراً أن زيارة مبعوث أمير قطر إلى القاهرة قبل أيام «مجرد نقطة انطلاق لتوجيه رسالة ترضية إلى المصريين»، ونفى طرح مبادرة لحل الأزمة في سورية. وكان بينغ استقبل السيسي في قاعة الشعب في بكين أمس، وعقدا قمة بدأت باجتماع ثنائي قبل أن ينضم وفدا البلدين إلى الاجتماع الذي انتهى إلى توقيع الرئيسين على بيان مشترك يعلن «إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، وعدد من الاتفاقات الاقتصادية. وأكد السيسي حرص بلاده على «تطوير علاقة التعاون الاستراتيجي الشاملة التي طرحتها الصين»، داعياً نظيره الصيني إلى زيارة القاهرة. واعتبر أن مصر «جزء من مبادرة الرئيس الصيني لإحياء طريق الحرير البري والبحري»، مبدياً «استعداد مصر الكبير للتفاعل مع هذه المبادرة بمنتهى القوة وفي أقرب وقت». ورحب الرئيس الصيني بضيفه، مؤكداً أن مصر والصين «بلدان لهما حضارة عريقة والصداقة بيننا مستمرة والتواصل ممتد منذ وقت طويل». وأضاف أن «مصر بلد ذو وزن كبير في العالم العربي وأفريقيا والعالم الإسلامي والعالم النامي، ودولة ذات نفوذ مهم في العالم ككل». وأضاف: «أولي اهتماماً كبيراً للعلاقات مع مصر وعلى أتم استعداد لتقديم كل الدعم للتعاون المصري - الصيني، وعلى ثقة من أن الزيارة ستضفي حيوية جديدة على العلاقات». وكان السيسي التقى الوفد الإعلامي المصري المرافق له، وتطرق خلال اللقاء إلى ملفات خارجية وداخلية، فاعتبر أن زيارة مبعوث أمير قطر إلى مصر «مجرد نقطة انطلاق لتوجيه رسالة ترضية إلى المصريين». وحذر من «خطورة التهديدات الإرهابية التي تواجهها دول المنطقة، لا سيما في جنوب ليبيا الذي لا يراه البعض بوضوح، حيث تجري هناك تدريبات لعناصر من جماعات إرهابية مثل حركة بوكو حرام وغيرها». وشدد على ضرورة أن تقوم مصر على قدميها لمواجهة هذه التهديدات، وتطرق إلى الملف السوري، نافياً طرح القاهرة مبادرة لحل الأزمة. وقال: «مصر إحدى أهم الدول التي لها صدقية وقبول إقليمي ودولي في ما يتعلق بهذه الأزمة، لكنها تزداد تعقيداً وهناك أطراف إقليمية ودولية تلعب في هذه الأزمة وليس لديها الإرادة للتسوية في الوقت الحالي، وبالتالي لا يمكن الإقدام على اتخاذ إجراء محدد في الوقت الحالي بالنظر إلى التوازنات القائمة على الأرض». ودافع السيسي عن مشروع قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي صدّق عليه مساء أول من أمس بانتظار إعلان الجدول الزمني للاستحقاق التشريعي، مؤكداً أن القانون «يضمن تمثيلاً مناسباً للمحافظات». وشدد على أن «اصطفاف المصريين مهم جداً، نريد اصطفافاً شعبياً وإدراكاً ووعياً حقيقياً بحجم التحدي الذي تواجهه مصر»، منبهاً إلى أن «الجهات التي تخطط لتدمير مصر لم ترفع راية الاستسلام بعد، ومازالت تعمل على هدفها». وقال إن «الناس تململت بعد شهور، ونحن نريد بعض الصبر، التململ ليس لمصلحتنا، والحل الوحيد في الاصطفاف والمشاركة، ولا شيء يشغلني سوى وحدة المصريين». وأضاف: «عندما يرى المواطن أنه تم الانتهاء من حفر قناة السويس الجديدة في عام بدل خمسة أعوام ومن مشروع إقامة مركز الحبوب والغلال العالمي في عامين بدل خمسة، سيشعر بما يتحقق بالفعل على أرض الواقع». وتابع أن «من يحكم البلاد الآن يستمر أربع سنوات فقط ويمكن بعدها عدم انتخابه، وربما أيضاً أقل من ذلك. لكن البلد كان في خراب على مدى 30 عاماً ولا يتحمل المزيد من عدم الاستقرار وعدم العودة إلى العمل، كما أن من يساعدنا الآن لن يستمر في ذلك طويلاً». وأضاف: «كنت أتمنى أن يكون حجم المشاركة المجتمعية أكبر». وكرر رؤيته «ضرورة إجراء إصلاحات متدرجة على مؤسسات الدولة»، موضحاً أنه «في كل مؤسسة حكومية جروح وشروخ أقلها عدم التجانس، والأمر يحتاج سنوات وهدوءاً في التعامل حتى لا يحدث انهيار، لكننا نسعى إلى تحسين أداء الجهاز الإداري والحد من الفساد». وشدد على أن «الحفاظ على مؤسسات الدولة حتى رغم عدم الرضا عن أدائها هو هدف استراتيجي، إعادة بناء الدولة تحتاج سنتين لتثبيت الأوضاع وتهدئة الأجواء وإجراء الدراسات في شكل لا يؤدي إلى إشكاليات ويؤدي إلى العلاج». وكان السيسي بدأ نشاطه الرسمي أمس بلقاء مجموعة من رؤساء الجامعات الصينية، مشدداً على الأهمية التي توليها مصر للتعليم والبحث العلمي كأولوية قصوى، مبدياً تطلع بلاده لإقامة فروع لعدد أكبر من الجامعات الصينية، لاسيما في المجال العلمي والتكنولوجي، كما تتطلع إلى زيادة عدد المنح الدراسية المقدمة للطلاب المصريين. وعقد اجتماعاً مع مجلس الأعمال المصري - الصيني المشترك في حضور وزير التجارة منير فخري عبدالنور، وقال في كلمته أمام الاجتماع: «أتيت حاملاً رسالة واضحة من شعب مصر الذي قام بثورتين في غضون ثلاث سنوات، ليستعيد بلاده، وليوجه ثورته في الاتجاه الصحيح. يدعوكم هذا الشعب الآن إلى شراكة جادة وتعاون بناء تدعيماً لجهوده من أجل تحقيق التنمية التي يستحقها». وأقر في كلمته بأن الاقتصاد المصري «كان في وضع صعب للغاية، فقبل 16 شهراً فقط تفاقم التباطؤ الاقتصادي وبلغت معدلات التضخم أعلى مستوياتها، وخفضت مؤسسات التصنيف الائتماني تقويمها للاقتصاد المصري لست مرات متتالية، وفرت الاستثمارات الأجنبية، فيما تجمد قطاع السياحة الذي يعد أحد أكثر القطاعات الاقتصادية حيوية. ولما كان التحدي هائلاً، فقد أطلق طاقات عظيمة لدى أبناء الشعب لمواجهته، وهو ما قمنا به من خلال صياغة خريطة طريق اقتصادية تهدف إلى مساعدة الاقتصاد الوطني على التعافي جراء الأزمات التي واجهته خلال السنوات الماضية، ومن خلال تطبيق إصلاحات هيكلية لمعالجة المشاكل المزمنة التي أعاقت تحقيق معدل نمو يتماشى مع الإمكانات المتاحة». ودعا المستثمرين والشركات الصينية إلى «المشاركة الفعالة في المؤتمر الاقتصادي الذي يستضيفه منتجع شرم الشيخ في منتصف آذار (مارس) المقبل، والذي نسعى إلى أن ينتج عنه تأسيس شراكات اقتصادية، تُبنى على المصلحة المشتركة للجانبين، وتعمق من البعد الاستراتيجي للعلاقات المصرية - الصينية». وفي القاهرة، تحفظت السلطات عن التعليق على قرار قطر إغلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر» التي كانت أحد محاور الخلاف بين البلدين. ورأت مصادر حكومية أنه «يجب الانتظار لرؤية أبعاد قرار الغلق ولمس أفعال وليس أقوالاً في الجزء الإعلامي من ملف المصالحة مع قطر، قبل التورط في تصريحات مرحبة بالخطوة من دون معرفة إلى أين ستذهب الآلة الإعلامية التي تمثلها الجزيرة، خصوصاً أن قناة الجزيرة نفسها مستمرة في تغطية الأحداث المصرية وغيرها بطبيعة الحال، وأن المهم لدى القاهرة هو تغير لغة الخطاب الإعلامي الصادر من الدوحة بكل الوسائل ليصبح على قدر المصالحة المنتظرة». غير أنها لفتت إلى أن «القرار يظل مقدمة معقولة، لكن الأمر يحتاج مزيداً من الخطوات ليقتنع الرأي العام في مصر بأن الجزيرة تحولت من قناة عدائية إلى قناة إخبارية تكون محايدة على الأقل». وأقرت بأن «الجزيرة وتحريضها على مصر في كل قنوات شبكتها الإخبارية أحد ملفات الأزمة التي تشمل أيضاً أنشطة لمطلوبين في الدوحة ومواضيع عدة ستكون محل بحث قريباً مع الدوحة».

مشاركة :