قال الكاتب السوداني الدكتور عارف عوض الركابي رئيس مجلس إدارة منظمة الكفاءات للدراسات والتنمية البشرية في السودان والكاتب بصحيفة "الانتباهة" بالسودان عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى المدرس بكلية الحرم المكي الشريف: إن من يرغب في تتبّع الخدمات التي تقوم بها بلاد الحرمين الشريفين قيادةً وحكومةً وجنوداً وعلماءَ وشعباً لأجل راحة الحجاج ولتمكينهم من أداء نسكهم ليعجز عن تتبع ذلك، ولا ينكر تلك الجهود العظيمة من جهة الكيف والنوع والكم إلا جاحد أو مكابر أو حاقد أو جاهل. وأضاف "الركابي": منذ نشأة المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن –رحمه الله– مروراً بأبنائه الملوك من بعده، وصولاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –حفظه الله- لم تتوانَ بلاد الحرمين قيادةً وشعباً عن بذل الغالي والنفيس؛ من أجل خدمة ضيوف الرحمن، والعمل على توفير أقصى سبل الراحة؛ لتيسير أداء شعيرة الحج والعمرة على الحجيج، من مشارق الأرض ومغاربها. وتابع: إن الاهتمام الذي توليه الدولة السعودية بالمشاعر المقدسة لم يكن وليد اليوم، بل كان أساساً من أساسات البناء التي وضعها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ومن ثم سار عليها أبناؤه جزاهم الله خيراً، ومنذ أن وُحّدت المملكة، وهي تقدم جهوداً كبيرة وخدمات وفرتها لحجاج بيت الله الحرام بشكل يفوق كل التوقعات، ومن يقف اليوم في المشاعر المقدسة يلمس التطور الواضح والملحوظ في الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام. وأردف "الركابي" قائلاً: "لا شك أن التطورات العظيمة، التي واكبت الوزارات والإدارات الحكومية في المملكة العربية السعودية، قد واكبها أيضاً تطور العمل الخدمي المقدم للحجاج، حيث تعلن المملكة حالة الطوارئ القصوى مع كل عام. وتابع: حمل ملوك بلاد الحرمين على عاتقهم مهمة خدمة الحجيج ورعايتهم، وتوفير سبل الراحة والأمان لهم، حتى يؤدوا شعيرتهم على أكمل وجه، وهو ما تجسّد في كلمة الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله– حين وقف مخاطباً الحجيج ذات يوم، قائلاً: "إننا في هذا البلد المقدس الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً، يعبدونه لا يشركون به شيئاً، نحسّ بفرحة غامرة، ونحن نفتح قلوبنا لاستقبال ضيوف الرحمن، في الوقت الذي نشعر بأنَّ من أولى الواجبات علينا، أن نكرس الجهد وأن نوفر الإمكانيات، في سبيل أن تتمكنوا من أداء الركن الخامس من أركان الإسلام، في راحة ويسر وسهولة". ولئن شرَّف الله المملكة العربية السعودية أن تكون خادمة للحرمين الشريفين، فإنها تدرك في نفس الوقت، أن هذا الشرف العظيم يتطلب منها العمل بكل ما أوتيت من قوة، لتوفير المزيد من نعم الأمن والرخاء والاستقرار لضيوف الرحمن، حتى يستطيعوا أداء فريضة الحج، في جو من الطمأنينة والراحة، اللتين تحرص عليهما منذ أن أنعم الله على الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- مؤسس هذه المملكة، بجمع شملها وتوحيد كلمتها، ونشر الأمن في ربوعها، على أساس من تحكيم كتاب الله الكريم والتمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". ويضيف "الركابي": هذه العبارات التي تجسد مدى الاهتمام، وحجم الرعاية التي ينالها الحجاج من المملكة، وقد ترجم هذا الاهتمام وتلك الرعاية إلى واقع ملموس، في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- فهناك الكثير من قطاعات الدولة المعنية برعاية الحجاج والعناية بهم، منها وزارة الداخلية وهي تحمل الجانب الأكبر من أعباء رعاية وخدمة حجاج بيت الله الحرام، منذ وصولهم إلى المملكة العربية السعودية، وخلال وجودهم في أراضيها، وحتى مغادرتهم البلاد بعد أدائهم لمناسك الحج، فوزارة الداخلية على رأس الجهات المسؤولة عن استقبال ضيوف الرحمن، وإجراء معاملات دخولهم إلى منافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية، والإشراف على تحركهم نحو الأراضي المقدسة، والسهر على راحتهم وأمنهم، وتنظيم حركة المرور، والحفاظ على سلامة الحجاج وممتلكاتهم، ومتابعة أمورهم. وتابع "الركابي": إن وزارة الدفاع والطيران، والحرس الوطني تقوم بالعديد من الجهود التعاونية مع وزارة الداخلية في حفظ النظام، وتنظيم حركة السير، وإرشاد التائهين مع الهلال الأحمر، والكشافة، والجهات الأخرى ذات العلاقة، ووزارة الصحة تعد من أبرز الجهات الرسمية، التي لها نشاط متواصل خلال موسم الحج، سواء من حيث الإشراف الشامل على الحالة الصحية للحجيج، أو من حيث تقديم مختلف أنواع الرعاية الصحية لهم، أو من حيث مراقبة الأمراض المُعدية والسارية ومكافحتها على الفور؛ ضماناً للحفاظ على الصحة العامة في هذا الملتقى الإسلامي، منذ لحظة دخول الحجاج إلى أراضي المملكة، وحتى مغادرتهم لها، وهناك وزارات وإدارات أخرى توفر الخدمات الأساسية، وتقوم بعملية المراقبة في المشاعر المقدسة أثناء الحج كتوفير المياه، والكهرباء، والاتصالات الهاتفية، ومراقبة ما يعرض للبيع من حيث الجودة، والصلاحية، وضبط الأسعار. واستطرد قائلاً: "كل ما سبق يُعتبر جهوداً مساندة لجهود الجهة المعنية بشؤون الحج في وزارة الحج ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، إذ تخصصت وزارة الحج في خدمة الحجاج، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد". وأضاف: "هذه العناية والرعاية التي توليها المملكة للحجاج كل عام، هي رعاية وعناية تدخل في باب الدعوة إلى الله من جوانب كثيرة، فبالإضافة إلى تسهيل مهمة الدعاة إلى الله تعالى في هذه المناسبة الإسلامية، فإن الحاج لن يغفل الجهود التي تقدَّم له والرعاية التي يحظى بها، من المملكة العربية السعودية وشعبها الكريم، لتكون هذه الرعاية والعناية وهذه الجهود، هي المفتاح الذي تدخل من خلاله هذه البلاد وشعبها إلى قلوب المسلمين، وتنال مكانتها اللائقة بها، وهي مكانة القلب من الجسد". وأوضح "الركابي" أنه يعضد الجهودَ التي تقدمها المملكة للحجاج، نشاطٌ دعويٌ كبيرٌ، تقوم به في موسم الحج، فإضافة إلى نشاط الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ونشاط العلماء الذين يوجدون في هذا الموسم الكبير للتعليم والتدريس والإفتاء والتوجيه ابتداءً من غرة شهر ذي القعدة وحتى نهاية شهر ذي الحجة، هناك نشاط دعوي رسمي مثل نشاط الأمانة العامة لهيئة التوعية الإسلامية في الحج، وقد بدأت تلك الأمانة نشاطها في عام 1392هـ برسم خطط التوعية، والإشراف على تنفيذها خلال موسم حج كل عام". وقال: تعدّ المملكة العربية السعودية موسم الحج من الوسائل الدعوية المهمة، بحيث تجعله كل عام مناسبة تتكاتف خلالها كل وسائل الدعوة، لخدمة ضيوف الرحمن، فتكثف برامج التوعية والتوجيه والإرشاد، مع البرامج المعدة للتواصل بالحجاج والتشاور معهم، هذا بالإضافة إلى المشروعات العملاقة، التي قامت بها المملكة –ولا تزال– لتوسعة بيت الله الحرام، وتوفير سبل راحة الحجيج، وهو ما يفند كل الاتهامات التي تسعى للتقليل من هذه الجهود العظيمة، والتي لا تخرج عن كونها مساعي لبث الفتنة، تصدر بين حين وآخر من قوم لا تخفى عقائدهم كما لا تخفى مقاصدهم وأهدافهم!". واختتم "الركابي" حديثه بأن المملكة العربية السعودية التي من الله عليها بأن جعلها مهبط الوحي، ومنبع الرسالة، وقبلة المسلمين، فأشرقت منها أنوار التوحيد وعمت الأرجاء وأضاء سناها جميع البقاع والأنحاء. تبذل كل هذه الجهود الجبارة في خدمة حجاج بيت الله الحرام لا تنتظر جزاءً ولا شكوراً من أحد؛ فهي مؤمنة بواجبها وتقوم به مرضاة لله سبحانه وتعالى، ولن يقبل أي مسلم أن يتم التشكيك في جهودها العظيمة أو في استعدادها الدائم لاستقبال ضيوف الرحمن وتوفير كل سبل الراحة والأمن والأمان لهم، والواقع خير شاهد والحجاج خير من يشهد على ذلك".
مشاركة :