أكثر من مليوني سوري في مناطق تسيطر عليها المعارضة تلقوا خلال العامين الفائتين على هواتفهم المحمولة وحواسيبهم إنذارا مخيفا: طائرة حربية للقوات النظامية تقترب منهم. "راصد" يشاهد طائرة تستعد للإقلاع وبعد ثوان يرسل عبر تطبيق بهاتفه المحمول تفاصيل حول الطائرة إلى خادم إنترنت خارج سورية. يتم تحليل البيانات وتحديد أهداف الطائرة ويبدأ نظام الإنذار في العمل عبر وسائل تواصل اجتماعي عدة ليتأهب سكان المناطق التي تهددها غارة حكومية جديدة. منذ لحظة إرسال الإنذار وحتى لحظة القصف الجوي "يحبس الكل أنفاسه ... انتظار كأنه الجحيم"، يقول راصد للطيران الحربي السوري يدعى أبو زيد في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. تلك الإنذارات، حسب القائمين على نظام إنذار يدعى "سنتري"، ساعدت في تقليص عدد القتلى والمصابين في سورية "بنسبة بين 20-27 في المئة بمناطق عديدة خضعت لقصف شديد في 2018". "واشنطن بوست" أفادت في تقريرها بأن الفكرة وراء التطبيق بدأت في 2016، لتطوير الطريقة التي كان يحاول بها المدنيون السوريون تحذير بعضهم البعض من غارات النظام عبر أجهزة "ووكي توكي". حسب التقرير، فإن رجل الأعمال الأميركي ديف ليفين والدبلوماسي الأميركي السابق جون جايجر تعاونا مع مبرمج سوري، فضل عدم الإفصاح عن هويته، لإنشاء أنظمة إنذار "هلا". "هلا" التي تعمل في مناطق مختلفة حول العالم منها الكونغو وأوكرانيا، يتفرع منها نظام "سنتري" الذي يستخدم خدمة "الراصد" بالتعاون مع منظمة الدفاع المدني السوري المشهورة باسم "الخوذ البيضاء" لإرسال "تحذيرات سريعة خلال ثوان من عملية رصد الطيران وتعميمها على المدنيين". وحسب "هلا"، التي تحظى بشراكة جهات دولية عدة من بينها هيئة المعونة الأميركية "يو أس آيد" ووزارة الخارجية البريطانية، فإن "سينتري" قدمت "أدلة حاسمة على جرائم حرب متعلقة بـ 74 حدثا وأرسلت 250 تقريرا لحكومات ومنظمات مجتمع مدني وللأمم المتحدة حول أنشطة الطيران وخروقات وقف إطلاق النار منذ 2007". ويفيد تقييم لـ "هلا" بأن التكنولوجيا التي تستخدمها لإنذار المدنيين في سورية أنقذت مئات الأرواح ومنعت وقوع آلاف الإصابات. ويقول رجل الأعمال الأميركي ليفين لـ "واشنطن بوست": "عزمنا على تغيير طبيعة الحرب حتى ولو بشكل ضئيل". ويضيف: "كانت فكرة مجنونة لكننا قررنا أنه من غير المقبول ألا نحاول".
مشاركة :