دافع الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس عن حصيلة حكومته الاقتصادية بعد 18 شهرا من الحكم، مشيرا إلى ضبط التضخم وعودة النمو على الرغم من العقوبات الدولية. تأتي هذه التطمينات في وقت يئن فيه الاقتصاد الإيراني بقسوة من العقوبات الغربية التي فرضت في 2012 على طهران لإرغامها على التراجع عن برنامجها النووي المثير للجدل، خاصة الحظر النفطي والمالي الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويخشى غالبية الإيرانيين من أن يؤدي استمرار انخفاض أسعار النفط إلى الضغط على قيمة الريال الضعيف، الذي استقر سعره عند نحو 35 ألفا من مستويات متدنية قرب 40 ألفا قبل نحو عامين. وفي الوقت الذي لا يتوقع فيه غالبية الإيرانيين انهيارا اقتصاديا أو تدافعا لبيع العملة، إلا أن زيادة قدرها 30 في المائة في أسعار الخبز في الأول من كانون الأول (ديسمبر) أغضبت الإيرانيين لكن دون أن تحدث اضطرابات كبيرة، بعدما اتخذت الحكومة لاحقا إجراءات لتعويض الأسر الأشد فقرا. وبحسب "الفرنسية"، فقد أكد روحاني في خطاب ألقاه في بيرجند عاصمة محافظة خراسان "شرق" التي يقوم بزيارتها، أن البلاد خرجت من الركود، مضيفاً أن "التضخم الذي تجاوز 40 في المائة لدى وصوله إلى الحكم في حزيران (يونيو) 2013 بات معدله اليوم 18-17 في المائة فيما بلغت نسبة النمو 4 في المائة في الأشهر الستة الأولى من السنة الإيرانية التي تبدأ في 21 آذار (مارس) وتنتهي في 20 أيلول (سبتمبر) مقارنة بنمو سلبي من 2 في المائة العام السابق". وتراجعت صادرات النفط التي تعتبر المصدر الأول لعائدات البلاد إلى النصف وسجل معدل التضخم ارتفاعا جنونيا وتدهورت قيمة العملة الوطنية الريال مقابل الدولار الأمريكي. لكن المفاوضات النووية مع القوى العظمى التي كانت مجمدة منذ سنوات أعيد إطلاقها رسميا مع انتخاب روحاني وأدت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 إلى توقيع اتفاق مرحلي بموجبه علقت بعض الأنشطة النووية الحساسة في إيران التي يشتبه في أنها تسعى إلى اقتناء القنبلة الذرية، مقابل رفع جزئي للعقوبات. وندد روحاني مجددا بـ "مؤامرة" تهدف إلى تخفيض أسعار النفط لزعزعة استقرار إيران، مضيفاً أن "الوضع العالمي أسهم في تدهور أسعار الخام". وبات الوضع الاقتصادي القاتم بسبب العقوبات وسوء الإدارة واقعا منذ سنوات، ويقول مختصون يفحصون خطط ميزانية عام 2015 "إن المشكلات الاجتماعية في البلد الذي يقطنه 76 مليون نسمة عميقة الجذور". ويزيد أكبر انخفاض في سعر النفط منذ الأزمة المالية في عام 2008 الضغوط على ميزانية البلد العضو في منظمة أوبك والمحروم بالفعل من إيرادات نفطية بعشرات المليارات من الدولارات بسبب العقوبات الغربية وسنوات من سوء إدارة الاقتصاد. وقد تزيد الصعوبات الاقتصادية من عزم حكومة طهران على إنهاء النزاع النووي ورفع العقوبات التي تعزلها عن النظام المصرفي العالمي وتردع غالبية المستثمرين الأجانب. وقدم روحاني ميزانية "متحفظة ومحدودة" في السابع من كانون الأول (ديسمبر) استجابة لانخفاض أسعار النفط التي بلغت حاليا مستوى يقل نحو عشرة دولارات عن المستوى المفترض في الميزانية 70 دولارا للبرميل، والإنفاق أعلى 6 في المائة في هذا العام وهو خفض في القيمة الحقيقية يرجع إلى التضخم البالغ نحو 18 في المائة.
مشاركة :