المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا لـ«أخبار الخليج»: نسعى لإزاحة الخلافات السياسية من أجل الحفاظ على البيئة العواصف الرملية والتصحر وتلوث الهواء أهم مشكلات المنطقة أشاد المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا سامي ديماسي بالتعاون الإيجابي على المستوى الرسمي في مملكة البحرين مع برامج الأمم المتحدة للبيئة، مؤكدا أن وجود المكتب الإقليمي لغرب آسيا في البحرين ساعدهم في تنفيذ العديد من المشروعات على مستوى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، موضحًا أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية أوكل للمجلس الأعلى للبيئة في مملكة البحرين مهمة النقاش مع المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للبيئة، والقرارات التي يتم الاتفاق عليها يتم تنفيذها على مستوى دول الخليج، كما تسهم البحرين في تسهيل الإجراءات مع مجلس التعاون. وأشاد في تصريحات خاصة لـ«أخبار الخليج» بالتعاون القائم مع المجلس الأعلى للبيئة في مملكة البحرين وحجم التفاهم على البرامج التي يتبناها المكتب الإقليمي، منوها بجهود الدكتور محمد بن دينه الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة في هذا الشأن. وقال المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا إنهم يعملون بالتوازي مع خطة البحرين 2030، مشيرًا إلى أن مملكة البحرين نشطة في خطط تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، منوها إلى أن البحرين هي أول دولة توقع اتفاقا مع وكالات الأمم المتحدة المختلفة بما يسهم في تنظيم عمل هذه الوكالات والجهات الحكومية المعنية في المملكة، مؤكدا أهمية هذا الاتفاق الاطاري الذي أتاح الفرصة للجميع الجلوس على طاولة واحدة. وأضاف أن هذه المبادرة الرائدة بدأت الدول الأخرى في المنطقة تحذو حذو البحرين في هذا الشأن، مشيرًا إلى أن بقية الدول بدأت تتعلم من تجربة البحرين وتبني عليها، مبينًا أن الأمم المتحدة ووكالاتها لا تجبر أحدا على تنفيذ برامج معينة. وأردف قائلا: بالنسبة لبرامج مكتب الأمم المتحدة للبيئة فإنها تسعى إلى التواصل مع الجهات المعنية في الحكومة لشرح أهميتها وتوضيح نتائج الدراسات البيئية المستقبلية سواء من ناحية الأضرار أو الفوائد التي تعود على الدولة، كما أن برامجنا يتم تنفيذها بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، حيث يجري التواصل والتنسيق والتعاون مع المجلس الأعلى للبيئة لمعرفة المستهدف لديهم، وكيف يمكن أن نساعد في تحقيق المستهدف من خلال إقناع الأطراف؟ وبشأن المخاطر البلاستيكية على البحار، قال إن الإحصاءات تشير إلى وجود 13 مليون طن من المخلفات البلاستيكية تلقى في البحار والمحيطات، لذا فقد أصبح البلاستيك من المشكلات الكبرى التي تهدد الحياة البحرية، كما أنه يشكل ضررا على الحياة البيئية وكذلك يؤثر على السياحة الشاطئية في حال تراكم هذه النوعية من المخلفات على الشواطئ، لذا فقد كان اليوم العالمي للبيئة في 2018 الذي يصادف الخامس من يونيو من كل عام للتوعية بأضرار البلاستيك وكيفية التغلب على التلوث البلاستيكي. وأضاف أن هناك تأثرا عالميا بأضرار البلاستيك، كما أن هناك دولا تتأثر بهذه المخلفات دون سبب منها، لذا فقد حرصنا على نشر التوعية لمواجهة هذا التحدي، ومحاولة إيجاد بدائل أخرى للبلاستيك، لافتا إلى أننا نحتاج إلى جهود كبيرة لنشر الثقافة والوعي، ومن أجل ذلك أطلقنا حملة «البحار النظيفة» التي وقعت عليها مملكة البحرين، وهي اتفاقية تعني أن الدولة أصبحت موقنة بأهمية وجود الوعي بنظافة البحار، وهي اتفاقية متدرجة تعنى بنشر الثقافة العامة في المجتمع بعدم إلقاء المخلفات في البحار ثم يتطور هذا الوعي ليصل إلى السياسات والتشريعات والقوانين المنظمة لهذا العمل بعد فترة، مشيرًا إلى أن المملكة منذ التوقيع على هذه الحملة قد نفذت العديد من الأنشطة التفاعلية لتنظيف الشواطئ والبحار وحملات التوعية مع المجلس الأعلى للبيئة. وأشار ديماسي إلى أن دولة الكويت وسلطنة عمان وقعتا أيضا على هذه الحملة، موضحًا أن هناك نشاطا كبيرا للمجتمع المدني في سلطنة عمان في هذا الجانب. وأكد أن هذه الحملة هي اتفاق شامل بناء على دراسة الأوضاع في كل بلد حتى نصل في نهاية الحملة إلى الوصول إلى قوانين تتضمن ضوابط المحافظة على البحار، وبذلك سيتم بالتدرج من خلال التواصل مع المجالس البلدية والتشريعية في البلاد لتوصيل المفاهيم الصحيحة لهم. ووصف المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا حملة «البحار النظيفة» بأنها طريقة لإتمام معالجة مشكلات التلوث البحري، مشيرًا إلى أن مملكة البحرين على سبيل المثال لجأت إلى الدفان من أجل تنفيذ خطط التنموية لها، ولا يمكن أن نطلب منها التوقف عن الدفان لأن ذلك قد يعطل التنمية فيها، ولكن ما نقوم به هو نشر برامج للتوعية متضمنة دراسات معينة تشمل خططا للدفان بضوابط معينة لتقليل حجم الاضرار على البحار، من خلال مراعاة اشتراطات معينة للحفاظ على الحياة البحرية. وتطرق إلى أنه ليس للحملة إطارا زمنيا حاكما لعملها، لأننا نضع أهدافا مرحلية للحملة، ومنها مرحلة نشر الوعي والثقافة المجتمعية لذا فلا يمكن أن نضع ضغوطا على أنفسنا وعلى الحكومة في هذا التوقيت، ولكن توجهنا الأساسي هو التفكير غير التقليدي للوصول إلى المواطنين والمقيمين في البحرين لتعريفهم بالمفاهيم البيئية، ثم سنقوم بتقييم هذه الجهود، ومدى تغيير السلوكيات بين أفراد المجتمع، لأن هذه قضية مجتمعية يجب أن يهتم بها كل شخص، مشيرًا إلى أن الحملة لها عدة أهداف تسير بالتوازي تضم القطاع الخاص والقطاع الحكومي والمجتمع المدني. وبشأن تأثير الخلافات السياسية بين دول منطقة غرب آسيا على برامج الأمم المتحدة للبيئة أشار سامي ديماسي إلى أن الخلافات السياسية في المنطقة قد تعرقل بعض البرامج البيئية، ولكن كل الجهات متفهمة أن مكتب الأمم المتحدة للبيئة لا دخل له بالخلافات السياسية، لأننا نعمل مع الجميع، وآذاننا مفتوحة للجميع، ولا نأخذ أي طرف بمشكلة سياسية، بل بالعكس إذا كانت هناك مشكلة سياسية تؤثر على البيئة فإننا ندخل كطرف محايد لتقريب وجهات النظر بين أطراف الخلاف السياسي، لإقناعهم بإزاحة الأجندة السياسية جانبا والتعاون المشترك بما لا يؤثر على مضمون البيئة، لأننا نعمل تحت شعار «العمل معا من أجل مصلحة الجميع». وأوضح أنه رغم أننا جزء من عائلة الأمم المتحدة إلا أنه لا دخل لنا بالتقارير المعنية بملف حقوق الإنسان عن أي دولة من دول المنطقة، ولكن كجهة رسمية معنية بالبيئة، حيث إنني لا أتدخل في هذا السجال بين الحكومات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، حتى لا يؤثر ذلك على عملي الأساسي لحل المشكلات البيئية في المنطقة. وحول أهم التحديات البيئية التي تواجه منطقة غرب آسيا، أشار سامي ديماسي إلى العواصف الرملية والترابية ومشكلات المياه والتصحر وتلوث الهواء، موضحًا أنه يمكن تقسيم منطقة غرب آسيا جغرافيا إلى منطقتي الخليج وبلاد الشام واليمن، كما يمكن تقسيمها إلى بلدان مستقرة أمنيا وأخرى غير مستقرة أمنيا. وتابع أن هناك مخاطر بيئية أمنية مثل ضرورة أن تكون برامج إعادة إعمار بلدان المنطقة المتضررة من الحروب من دون تأثير على البيئة، وهو ما نركز عليه في سوريا والعراق واليمن. وأشار إلى أن مخاطر العواصف الرملية في المنطقة في ازدياد بسبب أسباب مختلفة، من بينها التغير المناخي في المنطقة والعالم، معتبرا أنه من التحديات التي يوليها المكتب الإقليمي للأمم المتحدة اهتماما كبيرا، حيث ندرس عقد اجتماع دولي لمناقشة هذه المشكلة، ولكن أحيانا نصطدم بالإشكاليات السياسية التي قد تحول دون جمع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة، وأبدى تفاؤله بزيادة الاهتمام بمشكلة العواصف الرملية في المنطقة. أما بالنسبة لدول الخليج التي تقوم اقتصادياتها على النفط، لا يمكن أن نطلب منها أن توقف برامجها التنموية المعتمدة على النفط، لذا فإننا كهيئة عالمية معنية بالبيئة نعمل على تغيير لغة التواصل مع كل بلد وفقا لوضعها الحالي من دون تغيير الأهداف، وأصبح هناك تفهم لكل خطة تنمية في المنطقة. وحول ما قدمه مكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا إلى مملكة البحرين قال سامي ديماسي إن وجودنا في المملكة يتيح الفرصة لها للاستفادة من كل الخبرات الأممية في مجال البيئة، حيث بتنا جزءا من خطة مواجهة تلوث الهواء التي يقوم بها المجلس الأعلى للبيئة، من خلال تقديم الخبرات، كما أننا نمول بعض الأنشطة والفعاليات التوعوية، ونعد نافذة على كل الأمم المتحدة بما يخدم البحرين. وأوضح أننا نساعد في اتفاقية مع اليونيدو من أجل دعم ريادة الأعمال في مجال البيئة، وكذا هناك تعاون مع قطاع المصارف من أجل مشروع القروض البيئية في إطار الاقتصاد الأخضر حيث بدأنا وضع برنامج مع القطاع المصرفي يتضمن منح قروض للمشروعات المتوافقة مع البيئة، مؤكدا أن مساعي المكتب الإقليمي في هذا الاتجاه يأتي في إطار دعم خطط البحرين لتكون دولة رائدة في المجال المالي في المنطقة. وأشار إلى أن الأمم المتحدة قادرة على استقطاب كل القدرات والخبرات العالمية في شتى المجالات. وتناول سامي ديماسي الاتفاقية بين مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للبيئة وجامعة البحرين من أجل تدريب بعض الكوادر لديها، وهو ما يسهم في توفير الكوادر البحرينية المؤهلة في هذا الإطار، وهو ما يؤهله في المستقبل للعمل في أي من وكالات الأمم المتحدة. وانتقل المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا إلى الحديث عن الطاقة المتجددة مؤكدا أن هناك توجها لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للاستفادة من الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية بدأت تضع الطاقة المتجددة ضمن أولوياتها، معتبرا أنهم يسعون إلى تقديم أفكار ابتكارية لمساعدة الدول للتوجه إلى الطاقة المتجددة من دون تأثير على اقتصادياتها. وشدد سامي ديماسي على أنهم ليسوا جهة رقابية على البلدان ولكنهم جهة فنية تقدم المساعدات الفنية لمن يطلب منهم ذلك، مشيرًا إلى أن هناك برامج لديهم خاصة بالتنقيب، أو توفير الخبراء في هذا المجال من خلال الشركاء العالميين. وحول تقرير الأمم المتحدة للبيئة أشار إلى أن هذا التقرير يتناول الوضع البيئي في كل منطقة من مناطق العالم، وتصدر عنه توصيات في مواجهة التحديات البيئية من خلال محاولة توفير التمويل اللازم لبرامجنا، موضحًا أن معظم التمويل للبرامج البيئية في مختلف مناطق العالم يأتي من الدول الكبرى، ومنها النرويج التي تمول مشروعا في منطقة الخليج لمواجهة خطر العواصف الرملية، كاشفا عن أن تمويل هذا المشروع لم يأت من دول المنطقة المتضرر الأكبر من هذه العواصف. واختتم سامي ديماسي تصريحاته مؤكدا أنه يسعى لجمع القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمجتمع المدني على طاولة واحدة من أجل الوصول إلى برامج تخدم البيئة وتعود بالنفع على المواطنين والمقيمين في بلدان هذه المنطقة، مؤكدا أن القطاع الخاص بات لديه الوعي البيئي للمحافظة على البيئة من أجل خدمة مشروعاته في المستقبل.
مشاركة :