جبهة فتح الشام تخشى من اتفاق روسي تركي تكون ضحيته

  • 8/23/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وجّه أبومحمد الجولاني القائد العام لجبهة فتح الشام في تسجيل صوتي جملة من الرسائل خصّ بها أساسا الفصائل المعارضة في إدلب، التي حذرها من مغبة الانخراط في تسوية مع النظام، منبّها إلى ضرورة عدم الوثوق في الجانب التركي. دمشق - حذّر القائد العام لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) أبومحمد الجولاني الفصائل المقاتلة في محافظة إدلب من التفاوض مع النظام السوري والدخول في اتفاقات تسوية كما حصل في مناطق أخرى. وتأتي كلمة الجولاني في وقت تتجه فيه الأنظار إلى إدلب (شمال غرب) في ظل استعدادات عسكرية تقوم بها القوات الحكومية لشن هجوم ضد آخر أبرز معاقل الفصائل وهيئة تحرير الشام في سوريا. وكان النظام قد بسط سيطرته على كل من ريف دمشق وجنوب غرب سوريا في الأشهر الأخيرة بعد حملة عسكرية انتهت في كلا المنطقتين الاستراتيجيتين بتسوية مع الفصائل المسلحة رعتها روسيا. وتقوم هذه التسوية على تسليم الفصائل لأسلحتها الثقيلة والمتوسطة للجيش السوري والدخول في مصالحة مع الدولة، فيما تم ترحيل الرافضين للتسوية إلى محافظة إدلب. وقال الرئيس السوري بشار الأسد في 26 يوليو الماضي، إن إدلب ستكون في صدارة أولويات العمليات العسكرية للجيش في المرحلة المقبلة. وتخشى جبهة فتح الشام، التي كانت قد رفضت قبل فترة مبادرة تركية لحل نفسها واندماج مقاتليها ضمن باقي الفصائل، من حصول اتفاق بين أنقرة وموسكو تكون هي ضحيته. وقال الجولاني في تسجيل مصور نشرته الهيئة على أحد حساباتها على تطبيق تلغرام “إن المرحلة التي يمر بها جهاد الشام اليوم تحتاج منا كفصائل مجاهدة التعاهد أمام الله ثم أمام شعبنا الصابر أن سلاح الثورة والجهاد (..) هو خط أحمر لا يقبل المساومة أبدا ولن يوضع يوما ما على طاولة المفاوضات”. وأضاف “في اللحظة الأولى التي يفكر فيها أحدنا بأن يفاوض على سلاحه يكون قد خسره بالفعل، وإن مجرد التفكير في الاستسلام للعدو وتسليم السلاح له لهو خيانة”. وتسيطر هيئة تحرير الشام على أكثر من 60 بالمئة من محافظة إدلب، في حين تتقاسم فصائل إسلامية ينضوي معظمها في إطار “الجبهة الوطنية للتحرير” وبينها حركة أحرار الشام، بقية المناطق. وتنتشر القوات الحكومية في الريف الجنوبي الشرقي. وشدّد الجولاني على أن اتفاقات التسوية، التي حصلت في مناطق عدة في سوريا كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة وآخرها في درعا والقنيطرة جنوبا، لن تتكرر في إدلب. وقال إن “ما جرى في الجنوب، لن يسمح أبناء الشمال الشرفاء بأن يمرر في الشمال”. ونفذت الهيئة وفصائل أخرى خلال الأيام الماضية مداهمات في إدلب اعتقلت خلالها العشرات من الأشخاص بتهمة التواصل مع النظام من أجل التوصل إلى اتفاقات تسوية، عادة ما تنص على دخول القوات الحكومية وتسليم الفصائل لسلاحها. وقال الجولاني “حاول النظام وحلفاؤه اتباع نفس أسلوب ما يسمّى بالمصالحات الذي أسقطت به مناطق الجنوب، إلا أن إخوانكم في الشمال من كافة الفصائل المجاهدة كانوا مدركين لمخططات العدو فقمنا بمواجهتها وأعتقنا رؤوسهم وأفشلنا خطة النظام”. محللون يرجحون أن تقتصر العملية العسكرية لدمشق في مرحلة أولى على مناطق في أطراف محافظة إدلب وبدأ الجيش السوري قبل فترة في استقدام حشود عسكرية ضخمة فيما بدا تمهيدا لشن عملية عسكرية على المحافظة المتاخمة للحدود التركية، وسط مخاوف من أن تؤدي هذه العملية لمجازر في صفوف المدنيين، فضلا عن عمليات نزوح غير مسبوقة. ورجّح محللون أن تقتصر العملية العسكرية لدمشق في مرحلة أولى على مناطق في أطراف إدلب، آخذين في الاعتبار أن مصير المنطقة مرتبط بتوافق بين روسيا حليفة دمشق وتركيا الداعمة للمعارضة. وتعد إدلب منطقة نفوذ تركي، وتنتشر فيها نقاط مراقبة تركية. وقال الجولاني في هذا الصدد “على أهلنا أن يدركوا أن نقاط المراقبة التركية في الشمال لا يمكن الاعتماد عليها في مواجهة العدو، ولا تغرنكم وعود هنا أو تصريحات إعلامية هناك، فالمواقف السياسية قد تتغير بين التو واللحظة”. وتطلب موسكو من أنقرة إيجاد حل لإنهاء وجود هيئة تحرير الشام المصنفة “إرهابية” لتفادي عملية واسعة في إدلب. وعكست تصريحات مولود جاويش أوغلو خلال اجتماع له مع نظيره الروسي سيرجي لافروف قبل نحو أسبوعين في أنقرة أن هناك اتفاقا للتعاون في القضاء على جبهة فتح الشام. وكانت تركيا قد عمدت قبل أشهر إلى تجميع فصائل المعارضة ضمن تحالف أطلق عليه “جبهة التحرير الوطني”، ولا يستبعد خبراء أن تعمد إلى الزج به في قتال الجبهة، في حال نجحت طبعا في التوصل إلى اتفاق مع روسيا. وتعكف روسيا بشكل جدي على التوصل إلى هذا الاتفاق الأحادي، أي دون إشراك القوى الغربية الفاعلة في المشهد السوري. وهدّدت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الثلاثاء بالرد في حال استخدام الرئيس السوري بشار الأسد الأسلحة الكيمياوية في أي هجوم يشنه لاستعادة السيطرة على محافظة إدلب. وفي بيان مشترك، أعربت هذه القوى عن “قلقها الكبير” إزاء هجوم عسكري في إدلب والعواقب الإنسانية التي ستنتج عنه. وقالت الدول الثلاث في البيان “إننا نؤكد أيضا على قلقنا من احتمال استخدام آخر وغير قانوني للأسلحة الكيمياوية”. وأضافت “نبقى مصممين على التحرك في حال استخدم نظام الأسد الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى”. وأصدرت القوى الكبرى الثلاث في مجلس الأمن الدولي هذا البيان بمناسبة مرور خمس سنوات على هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية التي استعاد النظام السيطرة عليها هذا العام. وأدى ذلك الهجوم الذي حمّل الغرب قوات الأسد مسؤوليته إلى اتفاق أميركي روسي تتخلص سوريا بموجبه من مخزونها من الأسلحة الكيمياوية ووسائل إنتاج هذه المواد القاتلة. وأشارت الدول الثلاث في البيان إلى أن “موقفنا من استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيمياوية لم يتغير”. وتابعت “كما عرضنا سابقا، فإننا سنرد بالشكل المناسب على أي استخدام آخر للأسلحة الكيمياوية من قبل النظام السوري، والذي كانت له عواقب إنسانية مدمّرة على السوريين”. وشنّت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في أبريل غارات جوية على أهداف في سوريا ردا على هجوم بالأسلحة الكيمياوية في بلدة دوما أسفر عن وقوع عدد كبير من الضحايا. ومن المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي الوضع الإنساني في سوريا خلال الأسبوع المقبل وسيكون ملف إدلب في صدارة المحادثات.

مشاركة :