كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن اتفاق أولي بين حركة حماس وإسرائيل بوساطة مصرية، يتضمن 6 بنود أبرزها وقف شامل لإطلاق النار وفتح المعابر وترتيب مسألة الجنود المحتجزين لدى حماس وبدء محادثات حول إنشاء ميناء بحري ومطار، في خطوة تشي بتغيرات واضحة بصدد التبلور في مواقف حركة حماس التي ترى أن رصيدها في الداخل يتراجع في ظل تواصل الأزمات الاجتماعية في الداخل، فيما يتصاعد التضييق الخارجي وأنّ عليها استغلال الفرصة لمراجعة الموقف قبل أن تخسر كل شيء. غزة (الأراضي الفلسطينية) - تشير التطورات الأخيرة في المشهد السياسي الفلسطيني والمفاوضات مع إسرائيل إلى أن حركة حماس حسمت أمر الانخراط الكامل داخل التسوية التي تعمل عليها مصر، وأن لا خيار أمام الحركة إلا السعي إلى هذه التهدئة بغية فك العزلة السياسية التي تعاني عنها الحركة من جهة، والتخفيف من الضغوط المجتمعية التي تعاني منها داخل قطاع غزة من جهة أخرى. وتشير مصادر في قطاع غزة إلى أن المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس لإرساء تهدئة في القطاع المحاصر، حققت تقدّما لافتا، وأن القاهرة، التي ترعى هذه المفاوضات، تسعى إلى وضع اللمسات الأخيرة على خطة توقف المواجهات العسكرية وتخفف من معاناة الغزيين وتعيد تطبيع الحياة المعيشية في القطاع مع الجوار. وأكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية الثلاثاء أن رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة بات “قاب قوسين أو أدنى” مع مواصلة المباحثات بشأن التهدئة. وقال هنية، في خطبة صلاة العيد التي أقامتها حماس في ساحة السرايا بغرب مدينة غزة، “بفضل هذه المسيرات والمقاومة بتنا قاب قوسين أو أدنى من طيّ صفحة هذا الحصار الظالم، سينتهي هذا الحصار بعز عزيز أو بذل ذليل”. وذكرت مصادر أن كافة التيارات السياسية داخل حماس منخرطة في مسألة التهدئة، بما يؤشر إلى موافقة مرجعيات إقليمية لحماس على المفاوضات الحالية. ودافع هنية عن موقف حماس بالقول إن “أي معالجة إنسانية في غزة هي مضبوطة دون أثمان سياسية، هذه المعالجة (مباحثات التهدئة) تأتي بتوافق وطني وبشبكة أمان عربية من أجل وضع الضمانات اللازمة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه”. وقال في إشارة إلى المباحثات التي ترعاها مصر ومبعوث الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف “إننا نسير في طريقنا نحو إنهاء الحصار الظالم عن غزة وهذا ليس تفضلا من المحتل ولا منّة من أحد، بل هو ثمرة لصمودكم ومقاومتكم”. تحول كبير اعتبر محللون سياسيون في غزة أن أمر التهدئة يعتبر تحوّلا كبيرا في الأدبيات العقائدية لحركة حماس التي لطالما نادت بالكفاح المسلح وعابت على حركة فتح والسلطة الفلسطينية لجوءهما إلى خيار المفاوضات والمقاومة السلمية. وقال هؤلاء إن مسألة الهدنة الطويلة قد وردت في وثائق حماس في السنوات الأخيرة إلا أن الأمر بقي في حدوده النظرية، وأن ما يجري حاليا هو انتقال عملي وبراغماتي إلى مرحلة التخلي عن “المقاومة المسلحة”. وستسعى حركة حماس من خلال استخدام الدين إلى تبرير انتقالها إلى “التهدئة” وهذا ما يفسر تسويق حركة حماس لخطابها الجديد من خلال منابر المساجد، في موقف يعد انقلابيا في مرونته مقابل تصلب موقف قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله حيال أي تطور قد يشتبه بكونه جزءا من “صفقة القرن”. وتكشف متابعة المواقف الإسرائيلية أن إسرائيل تعمل على إنجاح هذه المفاوضات باعتبارها “نصرا” لها ونجاحا في “سياستها الحازمة” لإجبار قطاع غزة على وقف الهجمات ضد إسرائيل. وكانت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار ألغت كافة فعاليات صلاة العيد في مخيمات العودة قرب السياج الحدودي مع إسرائيل “تفاديا لوقوع شهداء أو جرحى، حتى لا ينغص الاحتلال فرحة المواطنين في العيد”، وفق ما قال مسؤول في الهيئة. وعلق وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على الموضوع خلال تدريب عسكري في شمال إسرائيل قائلا إن “هناك تراجعا كبيرا” في المواجهات على الحدود مع قطاع غزة، مؤكدا وجود حوار مع “المصريين والأمم المتحدة ورسميين على الساحة الدولية”. وأضاف ليبرلمان محذرا أنه “في حال كانت هناك رغبة بالتوصل إلى اتفاق أكثر شمولا، لا بد من التوصل إلى إجراءات حول الرهائن ورفات الجنود”. وتطالب إسرائيل حماس بتسليمها جثتي جنديين قتلا عام 2014 في غزة، إضافة إلى تسليم إسرائيليين يفترض أنهما على قيد الحياة ومحتجزين لدى حماس. وعلى الرغم من تشديد حركة حماس على رفضها لصفقة القرن، إلا أن مراقبين يرون أن ما يتم الحديث عنه من تدابير وإجراءات قد تطال البنى التحتية لقطاع غزة وتصل إلى حد إثارة مسألة تشغيل المطار والميناء وشق منافذ مائية للقطاع، يندرج ضمن مسعى سبق لواشنطن أن لوحت به من فصل التعامل مع غزة عن التعامل مع الضفة الغربية. كوشنر.. نحو اتفاق أكثر شمولا كوشنر.. نحو اتفاق أكثر شمولا وقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله إن الفلسطينيين يعولون على جهود مصر لإفشال مخططات فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية. وأكد، في حديث له عقب صلاة عيد الأضحى، في مقر الرئاسة برام الله، أن “صفقة القرن لن تمر، والأولويات لمقاومتها هي ألا نسمح بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وأن الحل الأمثل لإزالة الاحتلال ورفع الحصار هو الوحدة الوطنية”. وخاطب حركة حماس مشيرا إلى أن “البحث عن ممر مائي إلى قبرص أو العريش ليس هو الحل، الحل هو الوحدة الوطنية الفورية، من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ونحن نعول على المصريين ونثق بهم لإفشال هذه المخططات التي تهدف إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية”. وأضاف “كان لدينا ميناء ومطار في قطاع غزة والآن نبحث عن ممر مائي. هذا تقزيم للمشروع الوطني الفلسطيني بل هو قضاء عليه”. وكان المجلس المركزي الفلسطيني أصدر بيانا، في نهاية أعماله السبت الماضي، أكد فيه عن رفضه الكامل للمشاريع التي وصفت بالمشبوهة الهادفة إلى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، على اعتبار ذلك جزءا من صفقة القرن. وقال المجلس المركزي إن “التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية وطنية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وليس عملا فصائليا، كما تم في المفاوضات غير المباشرة الفلسطينية الإسرائيلية عام 2014 وفقا للمبادرة المصرية لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أو اقتراح مشاريع إنسانية وموانئ ومطارات خارج حدود دولة فلسطين وذلك لتكريس تدمير المشروع الوطني وتصفية القضية الفلسطينية والتأكيد أن لا دولة في قطاع غزة ولا دولة دون قطاع غزة”. مفاوضات التهدئة وصفقة القرن يرى خبراء أميركيون في شؤون الشرق الأوسط أن ارتباط مفاوضات التهدئة بصفقة القرن ليس احتمالا بعيدا خصوصا أن جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي في هذا الشأن، كان تحدث وفريقه عن “السلم من خلال الاقتصاد”. واعتبر هؤلاء أن واشنطن لن يضيرها تحقيق تقدّم في القطاع بعد انقطاع العلاقات الأميركية مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية منذ قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس قطع هذا التواصل وسحب رئيس البعثة الفلسطينية حسام زملط من واشنطن. وتؤكد مصادر في القاهرة أن مصر تتعامل مع مسألة التهدئة بكونها مصلحة أمنية ومعيشية للغزيين وأن ليس للأمر مفاعيل سياسية كبرى مرتبطة بالقضية الفلسطينية وما يحكى عن صفقة القرن.
مشاركة :