على أعتاب حقبة مقبلة تسترعي الانتباه

  • 8/23/2018
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

ليس من السهل أن يجد المجتمع تكامله في أي وطن ويصل إلى حد مستوى الدولة المتقدمة التي جعلت من القانون وحدة منهجية لا يمكن أن يتخطاها أحد، إلا عبر تنفيذ مجموعة استراتيجيات منهجية تصوب الخطأ في مجتمع شابه الخلل؛ والطريقة المثلى لتكامل الشعوب بالذات العربية على اعتبارها تأخرت في وضع منهج تطبيقي للقانون واكتفت بالتطبيق الوصفي الذي لا يغني ولن يغني الشعوب كي تتقدم أو تتكامل، فالمشكلة التي يمكن أن تعتبر هي العقبة الوحيدة تطبيق القانون فعلاً، ما لم يكن هنالك تطبيق يلغي التمايز ويخلق الواقع النقي من الحماية والوفاء، حماية المواطن, لأن القانون يطبق, ووفاء القانون بالالتزام بالعدل ووفاء المواطن بالإخلاص واحترام قانونه، فالفرضية التي مثلت الدول النامية كانت «فرضية الوجود» ومنها انطلق المجتمع إلى مزج الشعور الداخلي والانعكاس الخارجي لتفويض القانون وفاءً وإخلاصًا به وله، ما جعل اسم الدولة النامية ينعكس فعلاً ليمثل الفرضية فينتقل الى مستوى الحقيقة في الوجود، ولذلك أصبحت الدول العظمى تملك من القيم والمبادئ ما تطبقه شعوبها بلا رقابة، فالكل يمتثل لنص القانون بل والمبادئ السائدة تحدد قيمة الفرد وقدوته. هذا التكامل في جانب تطبيق القانون الذي يمثل الحركة الإصلاحية التي اشتملت على (فرضية وتحد)، فهناك دول غربية دمرت بالكامل واندثرت وانتهت معالمها بل وحتى حضارتها لكنها بقوة فرضية الوجود (أكون أو لا أكون) وقوة الإرادة لصناع القرار وتحدي الشعوب (بالنجاح) تكللت الجهود وافرة بالتقدم والازدهار، فأصبحت هنالك حضارة ووثب النجاح يتقدم كل الشعوب النامية وحصلت على وسام التنمية، والفضل يعود بعد الله إلى العمل المستمد روحه من القانون الوضعي، فلا يمكن أن ترى مخالفا للقانون كظاهرة اجتماعية أبدا، القانون يطبق على الجميع وهو فوق الجميع، ويجري التعامل مع المواطن وفق نص محدود لا يتعداه أحد، وليس معناه أن قوانين الغرب أفضل من قوانين الإسلام إلا أن الغرب أخذ منا العلم وفلتر ما يحتاج إليه واستخدمه، أما نحن فلم نتمكن من بلورة ناموسنا الإسلامي الذي لو تم تطبيقه فعلاً لسبقنا الدول النامية في تنميتها بشعوب مسلمة مسالمة تتفوق على فرضية الوجود الصغرى لمثل هذا خلق الله فأروني ما خلق الذين كفروا. القانون لا يختلف في محتواه من دولة إلى أخرى بالذات في الدول العربية، وتختلف النصوص التي تنظم كيفية التعامل الاقتصادي من دولة إلى أخرى ويتفق القانونيون على إدارة شؤون الإنسان بالحقوق والواجبات، وهي مسلمات اقتضاء حياة الإنسان، وفصلت بعض الدول بعض النصوص القانونية لمساحة من الحرية التي يمارسها الفرد في المجتمع لاعتبار أن الأفراد مختلفي المشارب والمناقب والمذاهب والملل والديانات، فنظمت أغلب قوانين الدول مساحة معترفة بالمذاهب السماوية الخاصة، ويختلف كل بلد بالمساحة التي يوليها الشعوب بحسب ظروف الدولة، ولكن أغلب الدول العربية أهملت دور القانون الرقابي على ملازمة التطبيق، والكثير من هذه الدول اهتمت بالشأن السياسي والقوانين السياسية وتداول الحكم ومشاريع السلطة، ولَم يجد المواطن مع تلك القوانين موقعًا يتداول فيه المساحة التي تخصه كفرد يمكن أن يتفاعل في التنمية والعمل التنموي، إضافة إلى بُعد القوانين عنا كأفراد وانحسارها على شخوص كالقانونيين والمحامين وبعض الساسة، ولجهل المواطن بالقانون وروحه وضرورته سادت الكثير من المفاسد في دولنا ومع تزاحم المصالح بقي القوي محتكرًا للنفوذ، وللأسف أصبح الوضع مقننًا ومحسوبًا على العروبة والإسلام والمسلمين. في وطني البحرين والذي أعتز بنفسي منتميًا إلى هذه الأرض الفاضلة والتي تتميز عن سائر الأراضي والبلدان، نعم هي دانة الخليج العربي، من أحاطتها المآرب وناوشها الذئبان ومن تحلت لعقود طويلة من الزمان بأرض الخلود والأمن والأمان وهي لازالت كذلك، موطني وموطن أجدادي وآبائي، خط فيها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة خط الإصلاح ونهجه، فقد فتح باب الوفرة وأضاء النور في ربوع الوطن، وليس غريبًا على أجداده ولا آبائه ولكن اتسم العهد الزاهر بتأسيس دولة المؤسسات والقانون، في بداية عهد شامخ يرنوا إلى إتاحة الفرصة لكل مواطن، ولسان جلالته يقول: «إن المسيرة ماضية لتقدم البحرين، وأننا كحكام مع تطلع الشعوب»، حقيقة أقولها وأقسم أني لا أغالي بها وأنا أزعم بصحتها أنه لم يعرف تاريخ الخليج العربي إصلاحا كإصلاح الملك حمد المفدى في البحرين، قاد جولة رسم فيها جزءا من حلم جلالته، فتح آفاق العطاء ونشر معاني الإخاء وبادر ولَم يقصر كرمًا وحنانًا على شعبه، تغير مفهوم الإصلاح إلى أن أصبح الإصلاح الشامل، ركز على فرضيتين، الأولى المشاركة الشعبية الواسعة في العملية الديمقراطية، والثانية الشعب مصدر للسلطات في الساحة السياسية، ونص ذلك في دستور مملكة البحرين وقد واجه جلالة الملك بعض الانتقادات، ولأول مرة أقولها، عاتب البعض جلالته وقدم الآخر رؤيته كنصيحة، لكن حكمة جلالته فاقت التصور ورؤيته السديدة بنظرة ثاقبة للمستقبل، مراعيًا جلالته شعبه ونظرة الشعب وطموحه، لم يقل «لا» بل قال هذه الديمقراطية، وسلم العهد للشعب وأقر وجود البرلمان، وشكل المجلسين الشورى والوطني، كل ذلك كان بداية إصلاح الذي لا يزال يمضي به جلالته. لم يكن جلالة الملك المفدى بحلمه وطموحه ينظر إلى ما سيقدمه لشعبه بل كان النظر لما يمكن للشعب أن يقدم لهذا الوطن، إن في رؤية الملك عقلنة للأمور ووعي وحسم وفِي قراراته مشاركة شعب، فقد عفى وعفى وأصلح ما أفسده المخربون وقتها، وواجه لوم اللائمين بقول جلالته «هؤلاء أبنائي وأنا والد للجميع» وبعد لم يكن ليرى ذلك الإصلاح بالكامل، حتى وضع منهج التعايش ونبذ التفرقة ورفض التحزب، فأشار بهامته نحو الشعب بمنهج الوسطية والاعتدال، قرب المذاهب ووحد رؤيتها وجمع شملها ولَم وحدتها، ولا يزال صاحب الجلالة سيد المتقدمين نحو معالجة القصور أو التقصير في مشروع الإصلاح الملكي الشامل، وفِي العهد المواصلة غير مكترث ولا نادم، ومع النواحي التي استغلها المغرضون كثيرة، فكانت الديمقراطية سببًا في مزاولة الحزبية وبشكل رسمي، ليس عيبًا في العملية الديمقراطية، ولكن العيب في من يستعملها، فقد أساءت النخبة التي عملت على إنجاح كتلتها في البرلمان، وأرادوا بعدها خطف البلد، ساوموا على الحكم وضربوا اللحمة الوطنية، وشكلوا الأحزاب، ومارسوا صنوف التمييز والفرقة والعنصرية، هكذا صنع مليكنا صنع الإحسان وهكذا صنع اللئام صنع اللئام. ليس مجاملة أن نقول إن الإصلاح الملكي الشامل بمعيّة جلالة الملك المفدى كان العهد الأول لجعل المواطن البحريني يتميز عن سائر الدول والممالك، وليس مجاملة أن أقول لو درس المغرضون خطوات الملك المفدى لوجدوا فيها الحل لكل مشاكلهم ومعاناتهم، ولو أعان المعتدون على طريق الخير والصلاح لأصلحوا لكن عيونهم طمعت وأفئدتهم أطاعت تلك الأجندات الخارجية من الدول العربية والغربية، وقد أوصلوا الحال إلى ما عليه الْيَوْمَ حال المواطن، فالمشروع المبارك والذي سيستمر بخطى جلالته بإذن الله هو الرائد في مسيرة الفلاح والعمل، ونحن نعمل بجد واجتهاد لأن نكون شركاء مع جلالته في العمل والعطاء والبناء، ولأن يعلم كل العالم أن هذه المملكة الصغيرة استطاعت أن تفوق تقدم تلك الدول الكبيرة بفضل حس المواطنة من جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه وأبقاه ومده بطول العمر والصحة والعافية. مشروع الملك حمد هو مشروع المؤسسة والقانون، تمهيدًا لجعل البحرين مملكة متقدمة على جميع الأصعدة، المستوى الاجتماعي وأخلاق المجتمع الفاضلة والتفاضل المجتمعي والتقدم الاجتماعي، وعلى صعيد القانون الذي يحترم الإنسان ويقدره ولأن الإنسان مصدر الطاقة والتنمية لقي هذا الصدى الواسع في تشريع القانون البحريني، وعلى صعيد احترام الحقوق والواجبات، وعلى الصعيد المالي الاقتصادي وعلى صعيد التنمية المستدامة، ولكي يصل هذا التمهيد الملكي لذروته كان من المفترض أن تعمل النخب على سن القوانين والتشريع لصالح المواطن والوطن، بعض الأخوة في البرلمانات السابقة عمدوا الى جمع المعلومات وعكفوا على توفير الأكاذيب لمحاربة نظام الحكم الخليفي ومحاربة الشعب وتقديم الذرائع لمن يريد النيل من وطننا الغالي، سلكوا مسلكًا مغايرًا عن مسلك الإصلاح، شعاراتهم تعكس خلاف الواقع الذي يعيشونه، فلم يجعلوا للإصلاح قيمة، ووفروا الأجواء المناسبة للمستعمرين والباغين وسربوا المعلومات المغلوطة عن الوطن، وليت هذا وحسب بل لا يمكن أن أضع وصفًا حقيقيًا لما جرى على هذا الوطن من أعمدة النفاق والشقاق ومن قدروا مصيرًا مختلفًا للمواطنين عن ذلك المصير الذي لو كانوا يطبقون القانون فيه لكانت السعادة منالهم، وهكذا إن حصرنا جزءا من المشروع الإصلاحي لوجدناه مشروع قانون ومؤسسة وإصلاح كامل، وعكسه وكل ما سواه باطل قدمه من أساء الظن والعمل. الدعوة مستمرة نحو تبني مشروع جلالة الملك المفدى الإصلاحي بتطبيق القانون والعمل على سد الثغرات التي قد توفر أجواء الفساد، ولن يستطيع المواطن تبني مشروع الملك إلا من وطن نفسه بالحس الوطني، وتخلى عن كل ما يمت بصلة للشخصيات والتبعيات والجمعيات والحزبيات، هذه البحرين وطن يرتقي برقي حكمه الخليفي، وعقل يحمل الحصافة من لدن ملك عادل عامر قلبه بالإحسان، ما قصر ولَم يكن يومًا إلا عونًا للمواطن والوطن، الدعوة مستمرة لأن نبني في وطننا ونعمل بجد لتطبيق القوانين وجعل القانون وحده قبلة شعور وفعل كل مواطن، إن تضافر الجهود والتقبل والتحمل هي أدوات تفعيلها يحتاج الى وطنية، عمادها رعاية الوطن وحمايته، أضلعها تبني المشاريع التنموية والمبادرات لصناعة جيل فاعل قابل مقبل على التعلم متسلح بالعلم متفاعل في المجتمع، الدعوة مستمرة لأن لا نكون عالة على الوطن همنا التفكير في وضع الاقتصاد أو المشاكل الاقتصادية وحسب بل التفكير الوطني في كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي، فنحن بحاجة إلى هكذا مستوى عقلي بالتفكير الرصين الذي يؤدي بالنتيجة إلى عمل منتج، الدعوة مستمرة نحو تفعيل الانتماء الوطني بوعي وعقل وقلب وروح المواطنة البحرينية، فالقيم والمبادئ لا بد أن يتم تطبيقها، التعايش والسلام لا بد من اعتناقهما، التسليم لأمر القائد صاحب الجلالة الملك المفدى وحكومته بقيادة سيدي حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان، ينبغي أن نسلك مسلك التوسط والعدل وذكر المحاسن، لا التذمر والشكوى والكلل والملل وخلق الشر والضر. المحافظة على المكتسبات الوطنية ومد جسور التصالح الوطني الذي لم يقطعه جلالة الملك المفدى، والدعوة للحوار حول الموضوعات العالقة، هذه دعوتي ضعوا يدكم بيدي نضعها بيد الملك المفدى، نعمل من أجل صالح الجميع، فمثل هذه القضايا هي ما يهم الناس، تعديل مستواهم الاقتصادي، زيادة حسهم الوطني، رفع نخوة المواطن للتعايش مع المختلفين، تذويب الفوارق وإنهاء الخلافات، مد الجسور والنظر في النقاط المشتركة، فلا الصراع مع الحكم ينفع ولا الغواية والحرق والتخريب ينفع، الحل هو الجلوس على طاولة الحوار، ولا تقل ليقدم الحكم هذه الطاولة فالحكم لم يقفل باب الحوار، لكن ليكن لك عقل في كيفية الرجوع للخلف عند نقطة التقاء تقود الى مبادرات وطنية هي ليست بعيدة كما أسلفت في أكثر من مقال. ‭{‬ رئيس جمعية السلام الخيرية

مشاركة :