أول بحرينية ترسم التراث الخليجي على الأدوات والإكسسوارت المنزلية.. حصلت على جائزة الفن التشكيلي في عمر 13عاما.. رائدة الأعمال المصرفية الفنانة عايدة نور لـ«أخبار الخليج»: بعد خمسة عشر عاما من العمل المصرفي قررت أن تشبع هوايتها التي ظهرت عليها منذ نعومة أظافرها، فأطلقت مشروعها الخاص الذي ظل يراودها سنوات طوالا، لتصبح أول بحرينية ترسم التراث الخليجي على الأدوات والإكسسوارات المنزلية. رائدة الأعمال عايدة نور امرأة طموحة، تعشق المجازفة، ترفض الاستسلام، لا تحبذ الجمع بين الوظيفة والعمل الحر، لذلك خاطرت بوظيفتها المصرفية المرموقة لتحصل على حريتها، ولتحقق ذاتها، وبدأت من الصفر من جديد، حتى أصبحت اسما لامعا في سماء الفن والبزنس. فكيف كانت البداية؟ ومتى حققت الانطلاقة؟ وبماذا غامرت؟ وإلى أين وصلت؟ وما خطتها للاستمرار الذي هو في رأيها أصعب من الوصول؟ وأسئلة أخرى عديدة حاولنا الإجابة عنها في الحوار الآتي: كيف كانت البداية مع الفن؟ منذ طفولتي وأنا أعشق الفن، وأسهم في الأنشطة الفنية المختلفة بالمدرسة، وأذكر أنني حصلت على المركز الأول في مسابقة جائزة الفن التشكيلي عند عمر 13 عاما على مستوى مدارس البحرين، وقد ظلت هذه الهواية تلازمني على مر السنوات، وساعدني على نموها وصقلها أخي وهو فنان أيضا حيث تعلمت منه فن استخدام الألوان، وبديهيات الفن التشكيلي بشكل عام. هل فكرت في دراسة الفن؟ لا، لم أفكر في دراسة الفن، بل أقدمت على دراسة الحاسوب، ثم حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال، وبعد التخرج عملت في القطاع المصرفي حتى وصلت إلى منصب مرموق، وهو مديرة موارد بشرية، بعد خبرة امتدت أكثر من خمسة عشر عاما، ثم حدثت النقلة في حياتي. وما هي النقلة؟ كان قرار الاستقالة من وظيفتي والتخلي عن منصبي والبداية من الصفر من جديد نقلة مهمة في مشواري العملي، بل مثل مجازفة خطرة، وذلك بعد شعوري بأهمية التفرغ للشيء الذي أحبه منذ صغري، ورغبتي الشديدة في أن أصبح حرة نفسي، وفي أن أعطي أكثر. وكيف انطلق المشروع؟ قبل تركي الوظيفة بعام تقريبا بدأت أمارس هواية الرسم، وكنت أرسم لوحات، وأقوم بطبع الرسومات على أشياء نستخدمها في حياتنا اليومية، حيث لم أكتف بمجرد رسم لوحات للتعليق على الجدران، ومن هنا برزت فكرة مشروعي الذي انفردت به في ذلك الوقت. وما فكرة المشروع؟ كنت أول بحرينية تقوم برسم التراث الخليجي على الأدوات والإكسسوارات المنزلية، كأطقم الضيافة والكوشنز وغيرها، وكانت بدايتي «أون لاين»، وحدث ذلك في آخر عام عمل لي في البنك، ولكني بعد فترة قصيرة قررت التفرغ تماما لمشروعي، لأنني لا أؤيد الجمع بين الوظيفة والعمل الحر، والذي أراه ليس في صالح أي منهما، حيث لا بد لأحدهما أن يأتي على حساب الآخر. ولذلك، وحرصا على أداء عملي على أكمل وجه وعدم التقصير فيه جاء قرار التفرغ. وهل شعرت بندم تجاه هذه المخاطرة؟ بالعكس لم أشعر قط بأي ندم على بدايتي من الصفر من جديد، صحيح أن قرار التفرغ كان صعبا للغاية، ولكني أخذت المخاطرة بشجاعة وبحماس شديدين، وأصبحت حرة نفسي، حين شعرت بأن الوقت قد حان لإخراج ما بداخلي من طاقة وعطاء، وأن أستغل كل دقيقة في حياتي للإنجاز لنفسي ولأسرتي ولمجتمعي. هل أنت شخصية مغامرة؟ نعم أنا بطبيعتي شخصية مجازفة، وحين أحب شيئا أخوض فيه حتى لو شعرت بتخوف شديد، ودائما أسير وراء شغفي وحدسي، وبالفعل أطلقت مشروعي في جرأة شديدة وتقدمت لمركز ريادات لاحتضان مشروعي وحصلت على الموافقة، وتم منحي مساحة للعرض هناك، وكنت قد أعددت دراسة جدوى شاملة تتعلق بكل شيء يخص المشروع، وكان التسويق هو الصعوبة الأولى. وكيف تغلبت على هذه الصعوبة؟ لقد حاولت التغلب على صعوبة التسويق لمنتجاتي بالإقدام على تقديم منتج جديد ومختلف، يمكن استخدامه كهدايا في مختلف المناسبات، وحرصت على أن أطرح المنتج بصورة لا تكلف صاحب الهدية أي عناء في تقديمها من خلال توفير التغليف وبطاقات الإهداء وغيرها، وراعيت أن تكون رسوماتي حصرية ومميزة ومبتكرة، الأمر الذي منح مشروعي طابعا خاصا ومتفردا. وماذا عن المنافسة؟ بالطبع المنافسة شديدة والسوق مليء بمشاريع مماثلة اليوم، ولكن تبقى الجودة هي المقياس للبقاء والمواصلة، وخاصة فيما يتعلق بالمواد المستخدمة في الرسومات وإتقان العمل اليدوي والمهارة في إبرازه بشكل جميل يحمل لمسات من الإبداع والحرفية والمهارة، وهذا ما يوجد الفرق بين منتج وآخر في مجالنا. هل السعادة في الرحلة أم في الوصول؟ السعادة في الاثنين الرحلة والوصول، والحمد لله أشعر بها اليوم بعد أن صنعت لنفسي اسما معروفا في السوقين المحلي والخليجي، ولكني على قناعة بأن الوصول قد يكون سهلا، ولكن الاستمرارية هي الأمر الصعب، لأنها تمثل تحديا كبيرا وتحتاج إلى جهود مضاعفة. ما الخطوة القادمة؟ الخطوة القادمة هي الخروج بمشروعي إلى نطاق أوسع ونقله إلى موقع خاص، إلى جانب عرض بضائعي في بعض المحلات التجارية المعروفة، كما أنني أفكر حاليا في استبدال مشروعي في مركز ريادات بمشروع آخر أطلقته مؤخرا. وما المشروع الجديد؟ بعد أن استقر مشروعي الأول ووقف على قدميه، فكرت في إنشاء مشروع آخر كان يستهويني منذ فترة طويلة، وهو خاص بتجارة أزياء نسائية للسهرة من خلال استيرادها من الخارج وبيعها في البحرين، وهو أيضا يتعلق بالفن ويتماشى مع ميولي بشكل عام، حيث أقوم باختيار الموديلات بنفسي بما يتناسب مع الذوق البحريني. وماذا عن التوفيق بين أسرتك وعملك؟ لم يحدث قط أن سمحت لنفسي بأن يطغى عملي على حساب مسؤولياتي الأسرية، بل على العكس أشعر اليوم بعد التفرغ للعمل الحر أنني أقضي وقتا أطول مع زوجي وأبنائي مقارنة بأيام الوظيفة، فعملي لا يتطلب الوجود خارج المنزل كثيرا، وأحيانا أنجزه في البيت. هل سبق ومررت بأزمات؟ أنا أدرب نفسي دائما على النجاح والقوة، ولا أفكر في شيء يؤلمني أو يسحب مني طاقتي، وبالطبع أي إنسان يواجه عادة عثرات في فترات معينة، ولكني لا أعرف الاستسلام، وحتى لو فشلت فيكفيني شرف التجربة، والمرأة عموما إذا طاحت فهي قادرة على أن تقف على قدميها من جديد، المهم توافر الإرادة والإصرار، وهذا ما طبقته عمليا خلال مشواري، وهذا هو الدرس الذي تعلمته من والدتي. ماذا تعلمت من والدتك؟ والدتي قدوتي في الحياة، تعلمت منها تحمل المسؤولية وعدم الاستسلام أو الانكسار، مهما واجهتني أي صعوبات، فقد كانت مثالا جميلا وعظيما للقوة وللصبر وللتحمل، وبرغم ما واجهته في حياتها من ظروف صعبة للغاية فإنها لم تشعرنا قط نحن أبناءها الست بأي ضعف، فكانت مثالا للقوة لنا جميعا. وماذا تعلمت من والدك؟ لقد ورثت عن والدي حب التجارة، ولذلك لا أتردد في خوض أي مشروع يخطر على بالي، بعد دراسته جيدا، فأنا شخصية تكره الروتين، وأتمتع بشغف شديد للحياة، وفي الوقت نفسه أعلم جيدا مدى قدراتي، وقد ساعدتني خبرتي المصرفية في مجال تأسيس المشاريع في عملي الخاص كثيرا. كيف ترين المرأة البحرينية اليوم؟ المرأة بشكل عام تتمتع بقدرات خاصة، ولديها إمكانية الجمع بين عدة أدوار في الوقت ذاته وبمهارة، فهي مخلوق يتمتع بطاقات هائلة، وإذا لاقت الدعم والبيئة المناسبة تستطيع أن تعطي بشكل لا محدود، وهو ما نجده في مملكتنا متحققا على أرض الواقع، وخاصة في ظل دعم المجلس الأعلى للمرأة، وقد نجحت المرأة في استغلال هذا المناخ بشكل كبير. ماذا ينقصها؟ لا ينقصها شيء، فالبيئة مهيأة لها لتحقيق كل ما تطمح إليه، لذلك تبقى هي المسؤولة الأولى عن النجاح أو الفشل، ولم يعد عملها نوعا من الترف بل ضرورة تفرضها ظروف الحياة المعقدة اليوم التي تستلزم المساهمة في الأعباء المادية مع الرجل. وما رأيك في أسلوب التربية اليوم؟ أرى الجيل الحالي اتكاليا بشكل كبير، فالأهالي اليوم يقدمون كل شيء لأبنائهم على طبق من ذهب، ولم يعد لهم الدور الوحيد في التربية، وخوفنا الزائد على أبنائنا جعلنا ندللهم كثيرا، وخاصة من قبل الأم التي تلعب الدور الأكبر اليوم في تربية أبنائها، على عكس السابق فقد تربي جيلنا على يدي الأم والأب، ولذلك أجد الجيل الحالي يفتقد هيبة الآباء وحزمهم في التربية. وماذا عن دور وسائل التواصل؟ وسائل التواصل في حد ذاتها تعتبر شيئا إيجابيا، والمشكلة تكمن في إساءة استخدامها، فللأسف هناك من يستخدمها في الكشف عن الحياة الخاصة بصورة منفرة، ولكني أراها هوجة وستنتهي كالسناب شات والانستجرام وغيرها. ما حلمك القادم؟ أنا لا أتوقف عن الأحلام أو الطموحات، ودائما أسعى إلى تطوير نفسي ومهاراتي وتعلم الجديد، فقد علمتني تجربتي في الحياة أهمية أن أكون مبدعة ومتميزة ومواكبة للمستجدات على الساحة دائما؛ لأن ذلك من أهم أسباب نجاح العمل الحر اليوم.
مشاركة :