يصوت مجلس الشورى في بداية جلسة الاثنين المقبل وللمرة الأخيرة على الموافقة على «خفض معدل الخصوبة الكلي عن طريق تشجيع المباعدة بين الولادات، كما وردت نصاً بالوثيقة السياسية السكانية المقدمة من الحكومة أو حذفها واستبدالها بعبارة تشجيع الرضاعة الطبيعية»، وإذا لم تتحقق الأغلبية اللازمة في هذه الجلسة الأخيرة يرفع الموضوع إلى الملك مرفقاً ما تم بشأنه من دراسة ومبيناً فيه نتيجة التصويت عليه في الجلستين. وعلمت «عكاظ» أن المجلس سيصوت في نفس الجلسة على تعديلات لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة بشأن الوثيقة حول حذف عبارة «خفض الخصوبة»، و«بدون مناقشة»، كما سيتم التصويت على الموافقة على ما جاء نصا بالوثيقة والتي كانت مثاراً للجدل والانقسام حول هذا الموضوع بين مؤيد ومعارض في عدد من الجلسات لعدم توصلهم لقرار. وقالت عضو المجلس الدكتورة لطيفة الشعلان «نحن أمام لجنة عادت للمجلس بنفس التوصية التي أسقطها قبل بضعة أسابيع وأسقطها للمرة الثانية في الجلستين الماضيتين، مع الإصرار على إهدار وقت في عرض توصية سقطت بامتياز شيء محير وملفت للنظر». وأضافت في جوهر هذه الوثيقة تنظيم النمو السكاني، فإذا رفضته اللجنة فلا معنى لقبولها للوثيقة؟ إذا لتوصي اللجنة برفض كامل الوثيقة. وزادت، «نحن أمام حالة تكررت أكثر من مرة وهي التي تكون فيها الحكومة أكثر علمية ومنهجية من بعض لجان المجلس، الحكومة تأتي بأرقام وإحصاءات ودراسات واللجنة تأتي بإنشاء لفظي، الحكومة شجاعة واللجنة مترددة ومتوجسة، الحكومة أبعد نظراً وأكثر استشرافاً للمستقبل من اللجنة». وبينت أن قوة المجتمعات تقاس اليوم بمتانة اقتصادها واستقرارها السياسي ونهضتها الفكرية وليس بكثرة أعدادها، وقالت «لنتأمل اليمن الشقيقة 24 مليونا، بينما الدنمارك 5 ملايين فقط العراق 33 مليون نسمة بينما السويد 9 ملايين نسمة، الدول التي حققت أعلى معدلات للنمو الاقتصادي والرفاه الاجتماعي والتقدم الصناعي هي في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وآسيا مثل اليابان التي تحكمت في نموها السكاني ولنقارن حالها بأوغندا وأفغانستان والنيجر، كما أن أول 20 دولة في العالم وفق تصنيف الرخاء الاقتصادي وتحقيق مستويات التنمية كلها دول النمو السكاني فيها واحد في المائة وليس بينها ولا دولة عربية أو مسلمة». وأشارت إلى أن نسبة الولادات لكل امرأة في البلدان الفقيرة الغارقة في مشاكلها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية ثلاثة أضعاف ولادات النساء في الدول الصناعية والمتقدمة، وتساءلت: هل درست اللجنة الوثيقة بحياد علمي ؟ لافتة إلى أن صفحتي 45 و46 من الوثيقة توضحان أن النمو السكاني لايزال مرتفعاً رغم انخفاض معدل الخصوبة وذلك للزيادة في القاعدة السكانية (النساء في عمر الإنجاب) فبينما كانت في 2004 تبلغ 4.2 مليون امرأة ستصبح في عام 2020 في حدود 6.3 امرأة، مشيرة إلى أن ذلك يؤكد أنه لا وجود لأي انكماش سكاني والقراءات غير علمية بل سطحية وظاهرية ومضللة. وذكرت أن وزارة الداخلية هي أولى الوزارات المشاركة في إعداد الوثيقة ولاشك بأن المخاطر الأمنية المرتبطة بتزايد عدد السكان في ظل محدودية الموارد والاقتصاد كانت ماثلة أمام كل من قاموا بإعدادها، واستغربت من اللجنة التي تتخذ قرارها بمعزل عن التحديات الجسيمة التي تواجهها المملكة منها تحديات أمنية مع تفجر مشكلات التطرف والإرهاب ومنها مشكلات اقتصادية مع اعتماد الاقتصاد على مورد ناضب هو البترول، مشكلات اجتماعية كالبطالة والعنوسة والمخدرات، ومنها تحديات تتعلق بأصل وجودنا وهو التحدي المائي في هذه الصحراء الشاسعة. واستطردت الدعاوى التي نسمعها من هنا وهناك عن مساحات شاسعة ينبغي ملؤها بالبشر، أو عن تهديدات حروب ومعارك غير واقعية بالمرة.. فالمساحات بدون اقتصاد متنوع ومصادر مياه ستعني لآلاف البشر مشكلة وجود حياة أو موت والحروب التي يتم تخويفنا بها لاتحتاج في عالم اليوم لجنود يحلون الكلاشينكوف، المعارك تدار من على ارتفاع آلاف الاقدام وبطائرات بدون طيار وبوسائل تحكم إلكتروني. وبينت أنه لا يجادل أحد في مشروعية تنظيم الولادات بل ذلك ماسار عليه الصحابة والتابعون عن طريق بعض الوسائل الطبيعية التي اهتدى لها الإنسان بالفطرة والعقل، ولدينا عدد من الفتاوى في ذلك الخصوص وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فتوى اللجنة الدائمة رقم 16013 والتي ورد فيها أن تنظيم النسل بمعنى تأخير الحمل فلا بأس للحاجة. وأضافت منذ السبعينات وحتى اليوم والدراسات الاجتماعية تربط انحراف الأحداث وتعاطي المخدرات وارتفاع نسب الجريمة بالزيادة السكانية غير المنضبطة التي تقابلها في العادة بطالة وترد في الخدمات وتناقص في الموارد الاقتصادية، حتى الدراسات النفسية ربطت زيادة الأمراض النفسية بالزيادة غير المنضبطة في أعداد السكان وما يقابلها من مشكلات اجتماعية" وأشارت إلى أن توجه الحكومة لكل ناظر منصف في الوثيقة هو ليس تجاه خفض عدد السكان إنما في اتجاه التخطيط التنموي الهادف لخلق مجتمع قوي نواته أسر تتمتع بالصحة والكفاية والتكامل، بحيث يصبح النوع سابقا على الكم الاعتباطي. واختتمت أن الوثيقة مصدرها الحكومة والجهات المشاركة فيها عشر وزارات حكومية، وبالتالي لا مجال البتة للتشكيك في توجه الحكومة أو المزايدة عليها في مسألة التقوى الدينية من جهة أو في مسألة الاهتمام بالمصلحة الوطنية من جهة ثانية، ونحن شركاء للحكومة بهدي القسم العظيم الذي أقسمناه في تأدية أمانة الرأي بحق واخلاص وبدن تمترس خلف أهواء أو مماحكات.
مشاركة :