يشهد العراق انقساما في المشهد السياسي بشأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران في السادس من الشهر الجاري. الموقف الرسمي، متمثلا في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، تذبذب بين إعلان الالتزام بالعقوبات في البدء، وبين الاقتصار على عدم استخدام الدولار في التعاملات التجارية مع طهران، وفق تصريحات العبادي. تيارات سياسية شيعية على رأسها تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم أعلنت رفضها للعقوبات وتطبيقها. ويقول القيادي في تيار الحكمة حبيب الطرفي إن العقوبات "فرضتها أميركا على إيران وتخص مصالحها وليست أممية"، مضيفا "بيننا وبين إيران حدود وعلاقات اقتصادية وثقافية". ويوضح الطرفي في حديث لـ "موقع الحرة" قوله: "نحن كعراقيين يجب أن نرى أين مصالحنا، هذه العقوبات أمر يعني أميركا ... كعراقيين لا يفترض أن نكون مع محور دون آخر". ويتابع الطرفي قائلا " يفترض أن يكون هناك توازن في العلاقات... نحن غير ملزمين كشعب وحكومة قادمة بهذه العقوبات". تحذير وتوازن وحسب تقرير لوكالة "رويترز" الثلاثاء، استند على تصريحات مسؤولين لم تفصح عن هويتهم، فإن وفدا عراقيا سيزور واشنطن لطلب استثناء العراق من تطبيق بعض العقوبات المفروضة على إيران. وكان المبعوث الأميركي الخاص بشأن إيران برايان هوك حذر الخميس من أن واشنطن على استعداد لفرض عقوبات على الدول التي ستواصل التعاون التجاري مع إيران. ويرى سياسيون عراقيون أن الالتزام بالعقوبات الأميركية ضد طهران يقدم المصلحة الوطنية على المصالح "الفئوية الدينية أو الطائفية أو الشخصية"، حسب قول إحسان الشمري المستشار في رئاسة الوزراء. الشمري قال عبر حسابه على "فيسبوك" بعد أيام على تطبيق العقوبات إن "العبادي يضع التداعيات الاقتصادية على الشعب العراقي نتيجة عدم الالتزام بتطبيق العقوبات في سلم أولوياته في التعامل مع هذا القرار". وأضاف أن "التوازن في العلاقات الخارجية مع اللاعبين الكبار في المنطقة، هو ما يضمن المصالح العليا للبلد والشعب" وأن العبادي، الذي أبدى رفضا للعقوبات مع إعلانه مطلع الشهر الجاري عن تطبيقها، نجح في تحقيق هذا التوازن. الخط الفاصل الباحث بالمركز العراقي للدراسات الاستراتيجية رعد هاشم يقول إن العبادي تعرض لضغوط ممن أسماهم بـ "الأحزاب الموالية لإيران" في العراق من أجل تعديل موقفه بشأن العقوبات. ويوضح لـ"موقع الحرة" أن الأحزاب الموالية لإيران ناصبته (العبادي) العداء ... ضيقوا الخناق عليه". ويضيف أن "التبعية لإيران جعلتهم يتشددون بطلب استثناء العراق من العقوبات وهذا يعني الفشل بعينه". ويستورد العراق مجموعة كبيرة من السلع من إيران، تشمل الأغذية والمنتجات الزراعية والأجهزة المنزلية ومكيفات الهواء وقطع غيار السيارات. وبلغت قيمة البضائع التي استوردها العراق من إيران نحو ستة مليارات دولار في الـ 12 شهرا المنتهية في آذار/مارس 2018، بما يمثل نحو 15 بالمئة من إجمالي واردات العراق في 2017. كما أن هناك عقودا للطاقة بين البلدين تساهم في التجارة التي بلغ حجمها 12 مليار دولار العام الماضي. ويرى أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة الكوفة إياد العنبر أن حكومة بغداد ليس أمامها "أي حلول" بشأن التعامل مع ملف العقوبات الأميركية على طهران. ويقول لـ "موقع الحرة" إن "الأمر لا يتعلق بموازين التبادل التجاري (بين العراق وإيران) ... إنما يعتمد بالأساس على إرادات إيرانية" أو نفوذ لطهران في دهاليز السياسة العراقية. ويضيف العنبر أن "العقوبات ممكن أن تأثر من الناحية السياسية أكثر من الناحية الاقتصادية على العراق ... إيران قادرة على خلق مجالات اضطراب معينة أو تأجيج مسائل قد تحدث إرباكا لأي حكومة مقبلة وقد تشكل خطرا عليها". ويتابع العنبر قائلا إن أزمة الحكومة العراقية في مسألة العقوبات هي عدم وجود توازن واضح بين العلاقة مع إيران والعلاقة مع أميركا. وأضاف: "أن الجمع بين متناقضين في العلاقات الدولية لا يمكن أن يستمر طويلا" وأن العقوبات تمثل "خطا فاصلا" أمام بغداد عليها أن تختار أي إلى أي جانب ستكون.
مشاركة :