المرزوق.. أم الخير.. وأم الصحافة النسوية في الخليج

  • 8/24/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في 17 مارس سنة 2013 فقدت الكويت والخليج واحدة من رائدات العمل الصحافي اللواتي اقترن عملهن في مجال الإعلام بأعمال كثيرة أخرى على الأصعدة الاجتماعية والإنسانية والخيرية، داخل الكويت وخارجها، بل كانت واحدة من المقاتلات اللواتي وهبن أنفسهن للدفاع عن المرأة الكويتية والخليجية ونشر الوعي حول الشؤون الأسرية. في ذلك اليوم الحزين، غيّب الموت، بعد معاناة مع المرض وعلاج طويل في ألمانيا، السيدة «غنيمة فهد المرزوق» عن عمر ناهز 72 عامًا، فتم تشييعها ودفنها بمقبرة الصليبيخات وسط حضور كثيف. وبهذا انطفأت شمعة من شموع الخليج التي كافحت وعملت بلا كلل منذ سنوات شبابها الأولى من أجل أن تسود القيم الأسرية النبيلة وأن تـُحترم المرأة مواطنة لها ما للمواطن الرجل من حقوق. كما يشير لقبها، تنتمي غنيمة المُكناة بـ«أم هلال» إلى عائلة المرزوق الكويتية، والأخيرة اسم رنان في تاريخ الكويت كونها إحدى العائلات التي أهدت البلاد ثلة من المشاهير والنجباء في عوالم التجارة والصحافة والوزارة والبرلمان والدبلوماسية والاقتصاد، ناهيك عن أن عائلة المرزوق اشتهرت بامتلاكها للسفن والمراكب الشراعية الكبيرة وبساتين النخيل في البصرة، علاوة على صولاتها وجولاتها في أعمال الغوص والاتجار باللؤلؤ وتصدير المواد الغذائية والأخشاب التي قادت بعضا من أبناء الأسرة إلى السكن والعمل في الهند البريطانية، لا سيما في مدن بمبي وكراتشي وكاليكوت. تقول الباحثة الكويتية «حصة عوض الحربي» في الصفحات من 420 إلى 425 من كتابها الموسوعي «تاريخ العلاقات الكويتية الهندية 1896-1965» إن عائلة المرزوق نزحت من منطقة «رماح» (أو من قرية إرماح الصغيرة) بوسط نجد إلى الكويت، وسكن مؤسسها «مرزوق بن عبدالله السبيعي» بادئ ذي بدء في فريج السبعان (فريج بن بحر لاحقًا)، قبل أن تنتقل العائلة إلى السكن في فريج أطلق عليه اسمها، وهو «فريج المرزوق» في الحي القبلي (الجبلي) من مدينة الكويت، حيث بنوا البيت المعروف اليوم بـ«بيت السدو». وتخبرنا الباحثة أيضًا أن عائلة المرزوق عائلة كبيرة وتنقسم إلى قسمين؛ القسم الأول يشمل مالك المراكب والمتاجر مع الهند منذ أواخر القرن 19 «داود سليمان عبدالله المرزوق»، إضافة إلى أبنائه عبدالله وحمد ومحمد وعبدالوهاب وعبدالعزيز وخالد، وأشقائه عبدالوهاب وعبدالعزيز وخالد. أما القسم الثاني فيشمل محمد سليمان المرزوق وابنه الوحيد مرزوق الذي تولى رعايته مع شقيقاته الثمان عمهم داود سليمان المرزوق الذي علم مرزوق أصول التجارة، فقام الأخير بالسكن في الهند في الفترة ما بين 1885-1890 والعمل في تجارة المواد الغذائية والأخشاب من خلال مكتبين أحدهما في بمبي والآخر في كراتشي. وبسبب النشاط التجاري الواسع لمرزوق محمد سليمان المرزوق، كلفه الشيخ مبارك الصباح في عام 1908 بتأسيس وكالة لإمارة الكويت في كراتشي تكون مهمتها إدارة الشؤون التجارية للكويت وتوفير احتياجات التجار الكويتيين من البضائع والسلع والخدمات. وخلال وجوده في الهند، أنجب مرزوق أربعة من الأبناء، هم محمد ويوسف وجاسم وفهد، والأخير هو والد السيدة غنيمة، وبالتالي فإن جدها هو مرزوق المرزوق الذي توفي في كراتشي سنة 1921، تاركًا ماله وحلاله لأبنائه الأربعة، فقام الابن الأكبر محمد بإدارتها مع إخوانه حتى أربعينات القرن العشرين، علمًا بأن محمد مرزوق المرزوق عـُين من قبل الشيخ احمد الجابر وكيلاً معتمدًا له في كراتشي قبل وفاته هناك في سنة 1954. وإذا ما عدنا إلى والد السيدة غنيمة، وهو «فهد مرزوق المرزوق»، نجد أنه كغيره من آل مرزوق استقر في الهند البريطانية وعمل بها تاجرًا، وكانت له فيلا سكنية راقية في منطقة جمشيت رود. وقد أسهم كل هذا في اتصاله وتواصله مع حكام الكويت وشيوخها وتجارها، بل واستضافة عدد منهم في بيوته. هذا ناهيك عن نجاحه في نسج علاقات تجارية قوية مع أكبر البيوتات التجارية الهندية. وحينما عاد إلى الكويت واصل نشاطه التجاري وتم اختياره عضوًا في مجلس المعارف وعضوًا مؤسسًا للمجلس البلدي ولبنك الكويت الوطني. وقد كتبت الصحافية المصرية المقيمة في الكويت حمدية خلف في كتابها «دانة في بحر الكويت» الصادر عام 2007 على لسان غنيمة ما يلي: «عن ذكرياتي مع الوالد، وكان يقيم في الهند حيث تجارته، وتصادف أن سافر معنا الشيخ عبدالله السالم -أمير البلاد- وكان من عادته ان يمضي إجازته السنوية في الهند، وكان الشيخ عبدالله السالم أديبًا وشاعرًا وعاشقًا للأدب، وكان أخي مرزوق معي، وكان يحفظ المعلقات والأشعار العربية ويتحدث الانجليزية بطلاقة إذ كان طالبا في الجامعة الامريكية ببيروت، وناداه الشيخ ليجلس بجواره، ويتحدث معه في الأدب والشعر ويتسامران، ولم يكن هناك حاجز أبدًا بين الشعب الكويتي وحكامه على مدى عمرنا».   ولدت غنيمة المرزوق في الكويت في مطلع أربعينات القرن العشرين، لكنها قضت جزءًا من طفولتها بدءًا من سن الرابعة في الهند؛ بسبب وجود والدها هناك من أجل التجارة، كما أنها درست لفترة قصيرة في إحدى المدارس الهندية مع شقيقتها سارة وشقيقها مرزوق. دعونا نقرأ شيئا مما قالته عن طفولتها بحسب ما أوردته جريدة «الجريدة» الكويتية (18/‏3/‏2013): «فترة الطفولة هي أمتع فترات حياتي. حياتي كانت كحياة أي طفلة في مجتمع هادئ بسيط، تربط بين أفراده علاقات الأسرة الواحدة، علاقات حميمة. كانت الكويت عبارة عن أحياء ثلاثة، هي حي (جبلة) كما ننطقها في الكويت، وحي (شرق) وحي (وسط). أنا ولدت في حي (القبلة)، والدي وجدي رحمهما الله كانا يعملان في التجارة. كانت لهما تجارتهما في الهند والكويت. كان البحر مصدر رزق الكويتيين؛ غوصًا بحثًا عن اللؤلؤ، أو مسرحًا لسفن الكويتيين للتجارة. كنا ميسورين، لكن كنا نتصرف بحساب في الملبس والمأكل. نكاد نقول مجتمع الكويت في زمن الطفولة كان خاليًا من المشاكل. كان مجتمعًا بلا مشاكل. مجتمعًا رائعًا منفتحًا يرتبط بالإسلام وبالعروبة، أما عن العلاقة في الأسرة بالنسبة إلى الوالد والوالدة والشقيق والشقيقة، فكانت علاقة محبة وصداقة وعلاقة دفء وحرارة ورعاية وحماية وتشجيع للحوار الديمقراطي والشورى، ومن هنا كانت روعة مرحلة الطفولة». عن ذكريات فترة طفولتها في الهند البريطانية، نقلت صحيفة الأنباء الكويتية (17/‏3/‏2013) عنها قولها: «أذكر في هذا الزمن الباكر من عمري أن والدي كان عنده فيلا لسكنه، وكان ملحقا بها بيت للضيافة، تعود -كغيره من الكويتيين المقيمين في الهند وباكستان- استقبال ضيوفه فيها. أذكر أن البحارة الكويتيين والآخرين من دول الخليج كانوا عندما يصلون الى الهند يسكنون عند صاحب السفينة، كان ذلك جزءًا من تقاليدنا، كانت بيوت الكويتيين المقيمين في الهند مفتوحة لبحارة السفن الأخرى التي لا بيوت لأصحابها في الهند، كانت هذه الضيافة قانونا يلتزم به أصحاب السفن، وكان والدي واحدا منهم». حينما عادت غنيمة من الهند إلى الكويت أكملت دراستها في المدرسة القبلية حتى المرحلة الثانوية. ومع أنها كانت متفوقة حينذاك في الرياضيات إلا أن ميولها الأدبية كانت أكثر وضوحا، الأمر الذي قادها، بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة، إلى السفر إلى مصر، حيث التحقت هناك بكلية الآداب/‏جامعة القاهرة لدراسة الصحافة. أما لماذا الصحافة تحديدًا، فقد لعبت ثلاث أسباب دورًا في ذلك، أولها أنها نشأت في بيت ثقافي كان يعجّ بالصحف والمجلات والكتب التي كانت تصل إلى الكويت من مصر ولبنان، وكان شقيقها مرزوق الطالب آنذاك بجامعة بيروت الأمريكية يحرص على اقتنائها بانتظام. أما السبب الثاني فهو قيامها بكتابة مقال ترثي فيه شقيقها مرزوق بعد وفاته، وحصولها على إشادة من معلمات اللغة العربية بسبب قوة وبلاغة المقال، واقتراحهن أن ينشر المقال في مجلة «البعثة» التي كانت تصدر عن «بيت الكويت» في القاهرة. والسبب الثالث هو اشتراكها في مسابقة لكتابة القصة القصيرة نظمتها مجلة «البعثة»، وفوزها بالجائزة الثانية، وهو ما جعلها تشعر أكثر فأكثر أنها خلقت للكتابة والانضمام إلى بلاط صاحبة الجلالة بعد صقل موهبتها الفطرية بالدراسة الأكاديمية. وقتها لم تكن أي من مواطناتها قد درسن الصحافة بعد، لكن بالرغم من ذلك فإن والدها وأسرتها لم يمانعا، بل شجعاها، خصوصا أنها كانت تؤمن بأن الصحافة رسالة سامية. وتفيد سيرتها الذاتية أنها كانت منذ صباها منفتحة على آفاق الثقافة والمعرفة والاطلاع على ما يدور في العالم من تطورات وأحداث، وذلك بتأثير من والدتها نورية العدساني وشقيقها مرزوق. كما كانت مهمومة ومنشغلة بالتزامن بالقضايا العربية والقومية، بدليل مشاركتها في أول مظاهرة نسائية شهدتها الكويت سنة 1956 وتوجهت إلى مبنى المقيمية السياسية البريطانية، وذلك احتجاجًا على العدوان الثلاثي على مصر.   خلال دراستها في مصر، وفي أثناء عملها رئيسا للجنة الثقافية لاتحاد طلبة الكويت بالقاهرة، تعرفت إلى زميلها ومواطنها رئيس الاتحاد «فجحان هلال المطيري» الذي تقدم للزواج منها، وكانت «شبكة» الخطوبة عبارة عن ترخيص صادر من وزارة الإرشاد والأنباء الكويتية (وزارة الإعلام لاحقًا) لإصدار مجلة، وذلك بعد أن تيقن فجحان من رغبة خطيبته غنيمة في العمل بالصحافة بعد التخرج، علمًا بأن التصريح المذكور كان فجحان هلال المطيري -ابن تاجر اللؤلؤ الأشهر في الكويت هلال المطيري، وأول مدير لمكتب الأمير الشيخ عبدالله السالم الصباح بعد تخرجه- قد اشتراه في سنة 1964 من المرحوم «حمد العيسى» المحامي الذي كان قد حصل على الترخيص من الجهات الرسمية لإصدار مجلة أسبوعية تحت اسم «أضواء المدينة». تخبرنا أم هلال أن العمل الصحافي لم يكن سهلاً في الكويت في تلك الحقبة بصفة عامة، فما بالك بقيام فتاة كويتية بخوض غماره، لكنها تستدرك فتقول إن زوجها فجحان ساندها بقوة، ووقف إلى جانبها لجهة استخدام الترخيص الذي بحوزتها في إطلاق أول مجلة أسبوعية في المنطقة تعنى بشؤون وشجون المرأة والأسرة الكويتية والخليجية تحت اسم «أسرتي». وقد صدر العدد الأول من المجلة بالفعل في فبراير عام 1965. ثم أصدرت المرزوق لاحقًا جريدة «أجيال» الأسبوعية لمخاطبة الشباب حتى سن الخامسة والثلاثين، ونجحت تجربتها بدليل أنها واصلت العمل وأسست «مؤسسة فهد المرزوق الصحافية» التي تحولت إلى واحدة من قلاع الصحافة في الكويت والخليج.   واستمر دعم زوجها لها في هذا المشروع غير المسبوق إلى أن تُوفي شابًا في عام 1974، تاركًا لها وراءه عدة أبناء (غيداء وهلال ومنى وعُلا ومرزوق). والمعروف أن «أسرتي» لقيت صدى طيبًا لدى الجنسين. وفي سياق الأسباب، قالت صحيفة «الوطن» الكويتية (17/‏3/‏2013) ما مفاده إن غنيمة المرزوق حرصت على أن يكون لها خط واضح وصريح يقوم على هدف توجيه الأسرة والمرأة الكويتيتين وتبصيرهما بشؤون عالمهما دون زيف أو مجاملة، وعلى مبدأ أن المرأة والرجل يكملان بعضهما بعضا، وأن المرأة نصف المجتمع وحقوقها السياسية واجبة الانتزاع بالقوة، ناهيك عن أنها حرصت على ألا تصوّر مجلتها الموقف بين المرأة والرجل على أنه معركة. عدا عن ذلك، انعكس على مجلتها الكثير مما كانت تؤمن به، مثل التعايش بين أهل الأديان المختلفة، ودعم القضايا العربية والإسلامية وانتهاج الإسلام الوسطي الداعي إلى المساواة والعدالة وحرية المعتقد، والرافض للظلم والعدوان. ولعل من الأسباب الأخرى لنجاح واستمرار «أسرتي» أن غنيمة المرزوق تجاوزت المعتاد في الصحافة، مثل الخبر والتحقيق والحوار والحملة، إلى فن «المقال الكاريكاتيري». إذ راحت تحرر باب «أم الخير» الذي جسّدت فيه شخصية الأم والجدة التي ترصد التحولات والظواهر الاجتماعية الطارئة على المجتمع الكويتي وتنتقدها بأسلوب ساخر وقلم لاذع، مستهدفة محاربتها وبيان نتائجها السلبية. وتحدثت أم هلال عن ابنها البكر «هلال» في كتاب «دانة من بحر الخليج» (مصدر سابق) فقالت: «هلال، شخص غير متكلف، ولا يعرف التصنع، ويتميز بالصراحة والوضوح في التعامل، لذلك حين لا يعجبه منطقك يصارحك برأيه، وأيضا حين يرتاح لشخص ما يُبدي ارتياحه بوضوح». من الذين تحدثوا عنها، الكاتب المصري الكبير «رجاء النقاش» الذي التقاها في بيت الكويت في القاهرة، فوصفها بأنها «امرأة بألف رجل» بناءً على ما لمسه من مواقفها المتصفة بالحكمة والذكاء والقوة وقول الحق وعدم الوقوف مكتوفة اليد حيال القضايا الإنسانية. وطالما أتينا على ذكر القضايا الإنسانية، فإن لغنيمة المرزوق مآثر لا تحصى في ميادين الخير والبر والإحسان ونصرة الفقراء والمعدمين في كل زوايا الكون، مع حرصها وتشديدها على الكتمان. ولولا إسهاماتها المشهودة في العمل الخيري الكويتي لما لـُقبت بـ«أم الخير»، ولما اختيرت عضوًا في مجلس إدارة الصندوق الوقفي للدعوة والإغاثة التابع للأمانة العامة للأوقاف الكويتية، وعضوًا في مجلس إدارة جمعية بشائر الخير. في قائمة أعمالها الإنسانية: إطلاق مهرجان «طبق الخير» والطلب من «الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية» بالكويت الإشراف عليه، إطلاق مشروع «ابن الشهيد» دعمًا لمصر في أعقاب انتصار أكتوبر 1973 وقيامها بحملة تبرعات لهذا الغرض، مع تبرعها هي وأختها سارة بمبلغ 160 ألف دينار، تأسيس جامعة في جمهورية قرقيزيا، إنشاء كلية ثانوية في كشمير، إنشاء كلية للبنات في ألبانيا، تشييد كلية فهد المرزوق في باكستان، الإسهام في صندوق إعانة المرضى ومحتاجي الأطراف الصناعية من ضحايا حرب الشيشان، مساعدة النساء المسلمات في البوسنة والهرسك، دعم لجنة مسلمي أفريقيا ولجنة الرحمة العالمية في أعمالها الخيرية في القارة السمراء، التكفل بتعليم ألف طفل اريتيري حتى إنهاء مراحلهم الدراسية، إنشاء قرى الحنان للأيتام في كل من لبنان والسودان. حظيت غنيمة بالعديد من صور التكريم خلال مشوارها الصحافي، فقد نالت جائزة الدولة التقديرية سنة 2011 من وزارة الإعلام الكويتية، وجائزة «إنجاز العمر» في قطاع النشر من قبل مؤتمر الشرق الأوسط للنشر المنعقد في دبي سنة 2006؛ تقديرًا لريادتها في إنشاء الصحافة الأسرية، وإسهامها الرائد في تأسيس أول تنظيم نقابي للصحافيين في منطقة الخليج العربي. واختيرت من قبل قسم الإعلام بجامعة الكويت شخصية للعام 2000/‏2001 في مجال الريادة الإعلامية، كما اختيرت عضوًا من خارج هيئة التدريس في مجلس كلية الآداب بجامعة الكويت، ومنحها «مركز دراسات مشاركة المرأة العربية» في باريس جائزة المرأة العربية المتميزة، ومنحتها جامعة قرقيزيا درجة الدكتوراه الفخرية؛ تقديرًا منها لأعمالها الخيرية والإنسانية. ونختتم بما ورد عنها وعن شخصيتها ووفائها النادر في كتاب «دانة من بحر الكويت» آنف الذكر. إذ قالت مؤلفته: «حتى تكتمل الصورة عن صفات غنيمة المرزوق وفكرها وطباعها، لا بد أن نتحدث عن جانب آخر من فكرها وطبعها المعروف بوفائه النادر. فهي أولاً وقبل كل شيء وفية لزوجها، بعد رحيله إلى رحاب الله لحرصها على شفافية ونقاء قصة الحب الكبير. كما أنها كانت وفية لأمومتها، تضع أولادها في مقدمة وأولويات مسؤولياتها، وتحرص عليهم، وهي وفية لدينها ووطنها، فلا أحد يمكنه تصور ثورة هذه الإنسانة الهادئة حين يمس الدين أو الرسول (ص) أي تجريح. إن صمتها يتحول الى بركان ثائر، ولا تهدأ حتى ترد على المسيئين، وتفند أقوالهم بالمنطق والحجة، ولا تخشى في ذلك سوى خالقها. أما وفاؤها لوطنها فهي مثل أي مواطن صالح يدين بالولاء لوطنه، كما لا تقبل على وطنها بأن تمس منه شعرة أو أن يمس بكلمة وتنبري دوما للدفاع عن مصالحه، لكنه ليس دفاع المحب العاشق لبلده فقط، وإنما أيضا العادل والمنطقي والعاقل في دفاعه وحجته. وأجمل ما في هذه الشخصية أن كل شيء يمر لديها من خلال العقل والمنطق، على الرغم مما تتمتع به شخصيتها من رومانسية، لكنها دائمًا ممزوجة بالعقلانية والمنطق، وهذا ما يميز كتاباتها الفكرية».

مشاركة :