تتلاشى خيارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شيئاً فشيئاً لتجنب احتمال عزله أو حماية عائلته من الملاحقة القضائية، وفق ما يؤكد خبراء في القانون، بعد أن أظهرت إدانات صدرت بحق اثنين من كبار مستشاري دونالد ترامب السابقين الثلاثاء، أن انتقاداته المتكررة فشلت في إعاقة التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر بشأن احتمال وجود تواطؤ بين فريق حملته الانتخابية وروسيا للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2016 واحتمال عرقلة القضاء.وهو ما حدا بترامب في محاولة أخيرة للتأثير على الرأي العام، بأن يعلن في مقابلة بثت أمس الخميس، أن أسواق المال «ستنهار» في حال تم عزله على خلفية تصريحات محاميه السابق مايكل كوهين الذي انقلب ضده. قال ترامب لبرنامج «فوكس آند فريندس» التلفزيوني «أقول لكم إنه في حال تم عزلي، أعتقد أن الأسواق ستنهار. وأن الجميع سيصبحون فقراء جداً»، وكان ترامب يرد على سؤال حول متاعبه القانونية بعد أن قال محاميه السابق كوهين تحت القسم، إنه تحرك بتعليمات منه بهدف «التأثير على الانتخابات» الأمريكية. ثم استفاض ترامب في تصريحات حول خلق وظائف وغير ذلك من التقدم الاقتصادي، الذي قال إنه تحقق خلال رئاسته، مشدداً على أنه لو فازت منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، لكان الأمريكيون في حال أسوأ بكثير. وقال ترامب «لا أعرف كيف يمكن عزل شخص قام بعمل رائع». ووجه كوهين ضربة سياسية موجعة لترامب بعد أن أقرّ في محكمة في نيويورك الثلاثاء بتهم تضمنت تسديد مبالغ بشكل غير قانوني في الحملة الانتخابية مشيراً إلى أن الرئيس كان متواطئاً معه في ذلك. وفي هذا السياق اعترف كوهين بأنه دفع مبلغي 130 و150 ألف دولار لامرأتين تقولان إنهما أقامتا علاقة مع ترامب لقاء التزامهما الصمت، مؤكداً أن ذلك تم «بطلب من المرشح» ترامب، وكان الهدف تفادي انتشار معلومات «كانت ستسيء إلى المرشح»، وبينما لا يمكن لأحد معرفة مدى تماسك الملف الذي أعده مولر ضد الرئيس والدائرة المقربة منه، يشير سلوك ترامب إلى أنه يشعر بضغط كبير.ويوضح الخبراء أن لديه ثلاثة خيارات استراتيجية رئيسية لا يعد أي منها جيداً. التعاون مع مولر رغم إصراره مراراً على أنه لم يرتكب أي جرم، حاول ترامب تعطيل وتأخير التحقيق متجنباً على مدى أشهر مقابلة مولر، وهذه استراتيجية سيئة إذا كان فعلاً لا يوجد لدى ترامب ما يخفيه، بحسب أستاذ القانون الدستوري في جامعة «هوفسترا» إريك فريدمان، الذي يقول «عليه تبني سياسة انفتاح بشكل كامل»، الأمر الذي سيدعم حملة البيت الأبيض في وصم تحقيق مولر بأنه حملة «مطاردة شعواء»، وسيتطلب القيام بذلك تخليه عن دعمه لمستشارين سابقين على غرار مدير حملته الانتخابية السابق بول مانافورت الذي تمت إدانته الثلاثاء بالاحتيال المصرفي والضريبي، لكن بإمكان ترامب تبرير ذلك بالإشارة إلى أنه «يجفف مستنقع» الفساد في واشنطن «مرتدياً بذلك عباءة الإدارة الجيدة».لكن روبرت بينيت، وهو محامي دفاع في القضايا الجنائية في واشنطن عمل لدى الرئيس الأسبق بيل كلينتون يرى أن الوقت تأخر كثيراً للقيام بذلك، وقال لوكالة فرانس برس «قرروا (في إدارة ترامب) منذ مدة طويلة مهاجمة المدعي الخاص. سيكون من الصعب الآن تغيير مواقفهم»، وأضاف «من الذي سيهاجمه (ترامب) الآن؟ إنه في أعلى الهرم»، وأشار بينيت الذي يعمل حالياً كمستشار رفيع لدى شركة «شيرتلر وأونوتاريو» في واشنطن إلى أنه من المؤكد أن التعاون مع تحقيق مولر الآن لن يغير اتجاهه إلاّ إلى الأسوأ.وسيكون إجراء مقابلة مع مولر مسألة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لترامب المعروف بتبديل رواياته على الدوام، وقال بينيت «أرجّح أنه لن يكون بإمكانه التعاون بصدق دون تجريم نفسه بشكل إضافي».وسيضع التعاون الرئيس كذلك في موقف صعب إذا تركزت أنظار مولر، كما يعتقد كثيرون، على نجل الرئيس دونالد ترامب جونيور أو غيره من أفراد العائلة. مهاجمة التحقيق وشراء الوقت وتعد انتخابات 6 نوفمبر/تشرين الثاني التحدي الأبرز أمام ترامب حالياً حيث هناك خطر بأن يسيطر الديمقراطيون على إحدى غرفتي الكونجرس أو كليهما(الشيوخ والنواب). ويحتاج ترامب إلى منع حدوث ذلك لتجنب كونجرس قد يدعم عزله. وتمثلت استراتيجيته حالياً بإقناع الناخبين بأن تحقيق مولر عملية غير شرعية وداعمة للديمقراطيين، وذلك على أمل كسب التأييد للجمهوريين. لكن لا يبدو أن جهوده تثمر عن الكثير، بحسب استطلاعات الرأي.وإضافة إلى ذلك، يطالب البيت الأبيض مولر بالالتزام بسياسة لوزارة العدل تقضي بألا يقوم المدعوون قبل 60 يوماً من الانتخابات بأي تحرك قد يؤثر على أي مرشح، لكن عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق مايكل جيرمان الذي بات حالياً يعمل لدى «مركز برينان للعدالة» يرى أن هذه السياسة لا تمنع مولر من مواصلة تحقيقه. وقال «لا توقف أجهزة إنفاذ القانون كل التحقيقات قبل 60 يوماً من الانتخابات». وأضاف « لا أرى أحداً في انتخابات نوفمبر مرتبط بأي طريقة بالأشخاص الذين يدور التحقيق حولهم». خيار إقالة مولر بإمكان ترامب كذلك إقالة مولر وإلغاء التحقيق، وهو أمر هدد به مراراً لكنه لم ينفذه إثر تحذيرات النواب من أن ذلك قد يتسبب بعزله. لم يساعد «خيار العزل» الرئيس السابق ريتشارد نيكسون عندما أقال المحقق الخاص أرشيبولد كوكس الذي كان يتولى التحقيق في قضية «ووترجيت» في أكتوبر/تشرين الأول 1973. وأدى ذلك إلى تقلص الدعم لنيكسون بينما تابع المحقق الذي حل مكانه القضية بجميع الأحوال إلى أن استقال نيكسون بعد نحو عام بعدما بات عزله أمراً لا مفر منه. واشنطن تحذر موسكو من التدخل في الانتخابات قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، إنه حذر نظيره الروسي نيكولاي ياتروشيف، أمس الخميس، من أن واشنطن لن تتسامح مع أي تدخل في انتخابات منتصف الولاية التي ستجرى في نوفمبر /تشرين الثاني، بعد ظهور أدلة جديدة على تدخل روسي. وجاء الاجتماع بين بولتون ونظيره الروسي في جنيف لمتابعة القمة التي عقدت في هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين الشهر الماضي، وقال بولتون وباتروشيف إن الخلافات حول مسألة التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأمريكية منعتهما من إصدار بيان مشترك. وصرح بولتون للصحفيين «لقد أوضحت أننا لن نتسامح مع التدخل في انتخابات 2018، وأننا مستعدون لاتخاذ الخطوات الضرورية لمنع حدوث ذلك».وصرح باتروشيف لوكالة «ريا نوفوستي» الاخبارية بأن بيانا مشتركاً أولياً اقترحته الولايات المتحدة كان يتضمن إشارة إلى تدخل روسيا في الانتخابات، وأضاف «قلنا إذا تضمنت الوثيقة مثل هذه العبارة فيجب أن تتضمن كذلك عبارة تقول إن على الأمريكيين عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.. وعليه قالوا إنهم لن يوقعوا هذا البيان».(وكالات) طرق مساءلة الرئيس الأمريكي شهد مايكل كوهين محامي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السابق يوم الثلاثاء، بأنه رتّب «بناء على توجيه» من الرئيس لدفع مبالغ ضخمة من المال قبل انتخابات الرئاسة في 2016 لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، ونجمة مجلة بلاي بوي السابقة كارين مكدوجال. وفيما يأتي أوجه الحماية التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي من المقاضاة الجنائية، وكيف يمكن استخدام المساءلة النيابية لعزله من منصبه.هل يمكن اتهام الرئيس بارتكاب جريمة وهو في منصبه؟لم يتطرق الدستور الأمريكي إلى هذا الأمر. وسبق أن قال عدد من الخبراء القانونيين، إنه لا يمكن اتهام الرئيس أثناء شغله منصب الرئاسة، وإنه إذا ارتكب الرئيس جريمة، فإن المسار المناسب في تلك الحالة هو المساءلة البرلمانية. وينص الدستور الأمريكي تحديداً على أن من الممكن عزل الرئيس بتهمة الخيانة أو الرشوة أو غيرها من «الجرائم الكبرى والجنح». كيف تتم عملية المساءلة؟تبدأ عملية المساءلة في مجلس النواب، إذ يمكن لأعضائه أن يتقدّموا فرادى بمشروعات قرارات لمساءلة الرئيس، مثل مشروعات القوانين العادية، أو يمكن للمجلس أن يبدأ الإجراءات بالموافقة على قرار بالتفويض في إجراء تحقيق، وتستلزم مساءلة الرئيس الموافقة بأغلبية بسيطة في مجلس النواب، غير أن عزل الرئيس من منصبه يتطلب موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ.وسبق مساءلة رئيسين أمريكيين، الأول آندرو جونسون في 1868 والثاني بيل كلينتون في 1998. وفي الحالتين لم توافق الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ على عزل أي منهما، وبقي الاثنان في موقعيهما، وفي حالة عزل الرئيس يتولى نائبه قيادة البلاد لحين إجراء الانتخابات الرئاسية العادية التالية.
مشاركة :