ثورة التكنولوجيا والأخبار الملفقة

  • 8/24/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

غالبا ما تكون الأخبار المضللة أكثر انتشارا على شبكة الانترنت وعبر مواقع التواصل الاجتماعية من الأخبار الصحيحة ذات المصدر الحقيقي، لاحتوائها على عنصر الإثارة والتشويق أحيانا. وكالة فرانس برس العالمية الرائدة في بث الأخبار والمعلومات الصحفية، والتي تتمتع بمصداقية وقبول منذ عقود طويلة، نشرت منذ فترة تحقيقات ودراسات معمقة حول ما بات يعرف بظاهرة الأخبار الكاذبة التي بدأت بالتطور والتنامي في ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة والثورة التكنولوجية والمعلوماتية التي يشهدها العالم، ولا سيما في مواقع التواصل الاجتماعية التي أصبحت أداة فاعلة ومؤثرة في عالم الأخبار اليوم. هذه الحملة التي تقوم بها فرانس برس تأتي كخطوة أولية في سبيل محاربة تلك الأخبار المضللة التي بدأت تغزو العالم الافتراضي، وحتمت على الوكالة الدولية سرعة مواجهة هذا الطوفان الإخباري والمعلوماتي المكثف بجرعات صحفية مركزة تشمل تحقيقات ودراسات تحاول من خلالها فرانس برس تثبيت مصداقيتها لدى جمهورها العريض، وتنشيط ذاكرته بالعودة إلى أخبارها ومعلوماتها التي تبثها من مصادر حقيقية. لقد ساهم ظهور وسائل التواصل الاجتماعية بمختلف منصاتها فيس بوك وتويتر وانستقرام وواتس اب وتلجرام ويوتيوب وقوقل، وغيرها من التطبيقات في تغيير قواعد اللعبة الاتصالية في العالم، بعد أن كانت وسائل الإعلام التقليدية من صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعات ووكالات رسمية هي المتسيدة والمتصدرة للمشهد العالمي لعدة عقود بلا منافس أو منازع يقاسمها هذا الاهتمام الكبير. لقد بات من الواضح كيف أن المزاج العام لسياسات الدول وسلوكيات الأفراد أصبح رهن قواعد اللعبة الإعلامية الجديدة التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعية في الوقت الحاضر. ولعل إلقاء نظرة سريعة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز بها الرئيس ترمب خير مثال على حجم تأثير وسائل التواصل الاجتماعية ليس في أمريكا فحسب، بل في العالم. لقد لعبت الأخبار المضللة دورا محوريا في الضغط الإعلامي وتمهيد الرأي العام لقبول ما يطرح عبر تمرير رسائل وأجندات معينة لتحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية وغيرها. وزاد من قوة تأثير المعلومات الملفقة وانتشارها ظهور وسائل التواصل الاجتماعية التي هزت العالم ووقعت بسببها العديد من الأحداث التي غيرت طبيعة دول كبرى، حيث يتم اختراق المجتمعات عبر صناعة مواد إعلامية مفبركة بطرق احترافية متطورة تتماشى مع المزاج العام للمجتمعات المستهدفة، ويتم بثها بشكل مكثف بهدف إحداث التغيير المطلوب، وتعد حملة الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أحد أبرز الأمثلة على ذلك. تكمن خطورة الأخبار والمعلومات المضللة في عدم قدرة بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعية على التمييز بين المعلومات الكاذبة والصحيحة، نظرا لاختلاف درجات وعي الجمهور وقدرته على التحقق من المعلومات بشكل صحيح. ويبقى السؤال الأهم: ما هو الحل لمواجهة سيل المعلومات والأخبار الملفقة في ظل ثورة التكنولوجيا الحالية؟ إن الحل يكمن في إيجاد تشريعات وتنظيمات قانونية دقيقة تتماشى مع التغيرات والتطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة الاتصالية والإعلامية اليوم بحيث يسهل تطبيقها والعمل بها، كما أن من المهم نشرها وتعريف مستخدمي ورواد مواقع التواصل الاجتماعية والجمهور عموما بها، بهدف رفع مستوى الوعي بالتشريعات التي تكفل تنظيم الساحة الإعلامية.

مشاركة :