خطيب الحرم المكي: الخدمات الجليلة التي تقوم بها المملكة لخدمة الحجيج يشهد بها القاصي والداني

  • 8/24/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، المسلمين بتقوى الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والاستيقاظ من الغفلة والاستماع إلى القول الحسن واتباعه؛ مشيراً إلى أن السعيد من يزال تائباً، والفائز من كان للمعاصي مجانباً. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: حجاج بيت الله الحرام، ها أنتم فرغتم من أعمال حجكم، وأديتم مناسككم، تقبل الله منا ومنكم، وجعل حجكم مقبولاً، وذنبكم مغفوراً، وسعيكم مشكوراً، وأعادكم إلى بلادكم وأهليكم سالمين غانمين، وفي رعاية الله محفوظين، وأصلح بالكم، وأحسن منقلبكم ومثواكم، ولعلكم وقد تقّلبتم وتنقلتم في هذه العرصات المقدسة والمشاعر المعظمة، واجتهدتم في أعمالكم وعباداتكم، ترجون من ربكم المغفرة والقبول. وأضاف: أهم ما يجب أن ينظر فيه المسلم ويتفكر فيه؛ هو تحقيق التقوى، ولا يكون ذلك إلا بالنظر في أعمال القلوب التي هي الأصل وهي الغاية، وأعمال الجوارح تابعة لها؛ فأعمال القلوب من أعظم أصول الإيمان، وقواعده العظام من محبة الله، ومحبة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وإخلاص الدين لله، والتوكل عليه، والصبر على حكمه والخوف منه، والرجاء فيما عنده، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب". وأردف: أهم أعمال القلوب ولبها ومدارها الإخلاص، وكان من تلبية نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: "اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة" رواه ابن ماجه، والإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل أجمعين، والإخلاص مأخوذ من الخلوص، وهو الصفاء، ومأخوذ من التخلص، وهو التصفية والتنقية، وحقيقة الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة، خالصة، مخلصة. وتابع: من علامات الإخلاص "السر والكتمان"؛ فلا يحب المخلص أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله، كما أنه لا يبالي لو خرج كل قدر له من قلوب الناس وقد قالوا: "المخلص لا رياء له، والصادق لا إعجاب له" وقالوا: "لا يتم الإخلاص إلا بالصدق، والصدق لا يتم إلا بالإخلاص، ولا يتمان كلاهما إلا بالصبر" بدليل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس". وقال "ابن حميد": الإخلاص سبب لعِظَم الجزاء والثواب حتى مع قلة العمل وصغره، وقال: تأملوا حديث "المرأة البغي من بني إسرائيل التي رأت كلباً يطيف بركية كاد يقتله العطش؛ فنزعت موقها فسقته؛ فغُفر لها به". "والحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.. وحديث "الرجل الذي كان يمشي بطريق؛ فوجد غصن شوك على الطريق، فأخره؛ فشكر الله له، فغفر له" (متفق عليه).. وقصة الثلاثة أصحاب الغار وهي في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر.. وحديث صاحب البطاقة يوم القيامة حين ينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل مد البصر، ثم يخرج له بطاقة فيها الشهادتان، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء، أخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.. يصدق ذلك ويوضحه: حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) رواه البخاري. وأضاف: مما يعين على الإخلاص ويثبته، مُشاهدة منة الله وفضله وتوفيقه، وأن كل ما يأتي به العبد فهو بالله وعونه لا بنفسه ولا بجهده، وأنه بمشيئة الله لا بمشيئته؛ فكل خير فيه العبد فهو مجرد فضل الله ومِنته وإحسانه ونعمته، وهو سبحانه المحمود؛ وبهذا يعرف العبد مقام ربه، ويعرف ضعف نفسه. وأردف: من مُعينات الإخلاص تحقيقُ التوحيد، وصدقُ التعلق بالله، وحسنُ عبادته، والإكثارُ من عبادات السحر من قيام الليل، والأوراد، وصدقات السر، والعبادة في الخلوات، والإلحاح بالدعاء، والمجاهدة في ذلك كله ومصاحبة الأخيار الصالحين الناصحين المخلصين. وتابع: من لطف الله ومنته أن جعل أعمال العبد المعتادة وعاداته تنقلب إلى عبادة يثاب عليها إذا صحت نيته، وخلص قصده من "الأكل، والنوم، والسفر، والسمر، والبيع، والشراء، وغيرها"؛ كلها يثاب عليها العبد مع النية الصالحة وقصد التقرب بها إلى الله ونفع عباده، والتقوّي بها على عبادة الله، وتحقيق مراضيه سبحانه. وقال "ابن حميد": مع عِظَم الإخلاص وأهميته وشدته ودقته؛ إلا أن الله بفضله ورحمته ولطفه وتيسيره على عباده؛ قد شرع من الأعمال ما هو ظاهر ومعلن أمام الملأ من صلاة الجماعة، وأعمال الحج كلها، والصدقات المعلنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح؛ فإظهار هذا وأمثاله لا يتعارض مع الإخلاص، ولا يشوش عليه؛ فالإخلاص محله القلب، وهو سر بين العبد وبين ربه؛ بل إن مدح الناس وحمدهم لعمل العبد لا يشوش على الإخلاص؛ فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: (أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده عليه الناس؟ قال: ذلك عاجل بُشرى المؤمن) متفق عليه؛ مؤكداً أنه لا ينبغي للعبد أن يترك الطاعة خوفاً من الرياء وعدم الإخلاص؛ فهذا يُعَد من مداخل الشيطان ومكائده. ودعا الله عز وجل أن يحفظ لهذه البلاد أمنها وقيادتها؛ على ما قدّموه ويقدمونه من خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام، ومن توسعات وتسهيلات يشهد لها القاصي والداني؛ حيث تقوم الجهات الحكومية والمعنية كافة، بتكثيف جهودها في كل عام لخدمة الحجاج والمعتمرين والزوار لبيت الله الحرام، بتوجيهات وعناية وحرص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين.

مشاركة :