تسارعت وتيرة التصريحات الصحافية التي تكشف عن مشاريع تلفزيونية غربية عملاقة، مؤذنة لبدء صراع إعلامي، سيكون على الأرجح عنوان العام 2015. ففي تشرين الثاني (نوفمبر) أعلنت قناة «إتش بي أو» الأميركية، المعروفة بالمستوى الرفيع لأعمالها الفنيّة، أنها ستطرح خدمة لمشاهدة برامجها عبر الإنترنت فقط، أي من دون الحاجة للاشتراك عبر «الكيبل»، لتقترب من نموذج شركة «نتفليكس». وبعد أسابيع من هذا الإعلان، كشفت قنوات عريقة، مثل: «سي بي أس» و «شو تايم»، عن أنها تتجه أيضاً لتقديم خدمات مشابهة. ويقيناً أن نموذج «نتفليكس» هَزَّ الصناعة التلفزيونية، فالجميع يحاول أن يلحق بالتغييرات الكبيرة التي قدمها، ومنح «المُشاهد الشاب» الإمكان ليشاهد البرامج التلفزيونية أينما كان وكيفما يشاء، عبر الأجهزة الإلكترونية، أو أجهزة التلفزيون التقليدية، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات عن مستقبل «الكيبل»، السائد حالياً في تزويد خدمة التلفزيون في الدول الغربية. الرد من شركة «نتفليكس» على قرار «إتش بي أو» جاء سريعاً، فأحد مديريها صرح بمزاح لا يخلو من الجدّ، إن «نتفليكس» ستتحول إلى «أتش بي أو»، بسرعة أكبر من محاولات هذه الأخيرة التشبه بشركته، مشيراً إلى النجاحات الكبيرة النقديّة والجماهيرية للأعمال الحصريّة التي قدمتها شركته التي حققت أيضاً نجاحات مالية كبيرة العام الماضي. فأرباح الشركة في الربع الثاني من 2014 وصلت إلى نحو 71 مليون دولار، وعدد المشتركين بالخدمة حول العالم تعدى 50 مليون مُشترك، موزعين على 40 بلداً. كما نالت المسلسلات الحصريّة للشركة 31 ترشيحاً لجوائز «إيمي»، الأمر الذي ميزها عن كثير من القنوات، حتى تلك العريقة بتاريخها. وواصلت «بي بي سي» تطوير خدمتها لمشاهدة البرامج على الإنترنت «أيبلير» (خدمة مجانية للذين يعيشون في بريطانيا ومدفوعة الثمن خارجها). وللمرة الأولى جرّبت «بي بي سي» عرض مسلسلات على الخدمة وقبل عرضها على التلفزيون، الأمر الذي يُشير إلى الأهمية التي توليها المؤسسة البريطانية لخدمتها هذه، والتي حققت عام 2014 رقماً قياسياً بعدد المشاهدات، اذ وصل عدد المرات التي طلبت فيها مواد من الخدمة للمشاهدة إلى 187 مليون مرة في كانون الثاني (يناير) الماضي. ومن بريطانيا أيضاً، أعلنت مؤسسة «Barb» البريطانية المختصة بأعداد مشاهدي التلفزيون، أنها ستحسب ومن العام المقبل أعداد المشاهدين لبرامج التلفزيون على أجهزة «التابليد»، المتزايد كل شهر تقريباً، وهو ما يحصل في هولندا أيضاً، إذ أكد استطلاع آخر أجرته مؤسستا «Sanoma» و «SBS» الهولنديتان على 1300 مشترك، أن مشاهدة التلفزيون عبر خدمات المشاهدة المدفوعة الثمن أو المجانية في تزايد. الأكيد أن القنوات تُحاول أن تحاصر الشباب وتُوفر لهم خدمات على مقاساتهم، فكل الاستطلاعات تُؤكد أنهم لا يحبذون المشاهدة التقليدية الحيّة لبرامج التلفزيون، لذلك تحاول قنوات عملاقة مثل «بي بي سي» أن تصل اليهم، فالمؤسسة أعلنت أنها ستفتح محطة على «أيبلير» لـ «راديو1»، تقدم كواليس البرامج الإذاعية تلفزيونياً للراغبين، وذلك بعدما لاحظت أن الأفلام التي كانت تنشر على «يوتيوب» حققت أرقام مشاهدة وصلت الى بضعة ملايين للفيلم الواحد أحياناً.
مشاركة :