ألقي الأديب والروائي يوسف القعيد، خلال عموده في بوابة الأهرام، بعنوان "آسفين يا مصر"، الضوء على تقرير «البوابة نيوز» الذي تناول قصة المخترع المصري الصغير "محمود المالكى"، بتاريخ 16 أغسطس الماضي، وكتبه الزميلان تامر أفندي وأحمد طلعت رسلان"، تحت بعنوان «"المالكي" مخترع الشمسية الطائرة يناشد الرئيس بمساعدته في السفر لكندا». وكتب يوسف القعيد، قائلا: العنوان في الأصل لكتاب: آسفين يا مصر، لمارلين سلوم، نشرته قبل 4 سنوات دار ميريت، وجدته عند باعة الكتب القديمة فى مدينة نصر، وحزنت لأنني لم أجد كتباً أخرى لنفس المؤلفة. ولأن محمد هاشم توقف عن النشر لأسباب كثيرة ومتداخلة. وخسرنا ناشراً مهماً، والحكاية التى أكتب عنها لا فضل لى فى الاهتداء إليها. الأستاذة سلوى عبد الرحمن، محررة حقوق الإنسان بمجلة المصور وبوابة دار الهلال. ولفتت نظرى لها، وأرسلت لى بوسائل التواصل الاجتماعى بياناتها، مأخوذة من جريدة "البوابة نيوز"، عبر تحقيق صحفى، والشاب بطل الحكاية اسمه محمود المالكى، من الإسماعيلية، أحب الاختراع والابتكار منذ صغره، فى الخامسة عشرة من عمره أجرى بحثاً عن «تعطيل صاروخ بواسطة شعاع»، وبه حصل على المركز الأول فى محافظته والرابع على الجمهورية فى مسابقة أقيمت للموهبين والمخترعين الصغار. شارك بعدها فى مسابقة للاختراعات أقيمت فى روسيا. وحصد المركز الأول عن اختراعه لجهاز تكييف متنقل يحمله الشخص على شكل شمسية. ولكنه طائر يتم التحكم فيه. فازت اختراعات أخرى له بالعديد من الجوائز. فى معارض أقيمت فى تايلاند علاوة على روسيا. أى أن العالم اعترف به. ولكن مصر تنكرت له. رغم أن له 5 اختراعات حظيت باعتراف علمى وعالمى لا شك فيه. أرسل رسالة لوزير التعليم العالى، الدكتور خالد عبد الغفار. والوزير قام بعمل بلوك له على الواتساب. وقد دهشت من تصرف وزير التعليم العالى. فعندما يتشجع شاب ويراسله ويتواصل معه. فإن أول مشاعر تنتابه هى الفرح والسعادة ويتواصل معه. باعتبار أن كل طالب علم بمنزلة ابن له. لم ييأس الشاب لأن الإيمان بالأمل قدرة فريدة. وتمت مخاطبة رئيس أكاديمية البحث العلمي الدكتور محمود صقر. وحدد له مقابلة مع نائبه. وقابله النائب وكان اسمه الدكتور عمرو، الذى حوله إلى موظفة سألته على طريقة أبطال الروتين فى الدراما المصرية: طلباتك إيه؟. قال لها: عندى اختراع ولا أستطيع السفر إلى معرض CAN بكندا بسبب ارتفاع تكاليف السفر. وكل ما أحتاجه توفير التأشيرة وتكاليف السفر. سمع الرد: ماعندناش فلوس ليك. وهكذا لم يجد الشاب أمامه سوى اللجوء للرئيس عبد الفتاح السيسى. وربما وجدنا له العذر. فالرئيس اهتم بالشباب بصورة لا تحتاج لكتابة. ويكفى أنه يجلس فى مؤتمرات الشباب ستة مؤتمرات حتى الآن وعن يمينه شاب، وعن يساره شاب آخر. بعيداً عن قواعد البروتوكول ولا حتى العرف العام. أكتب هذا الكلام مع أننى ضد أن كل من له مشكلة لا يجد أمامه إلا الرئيس السيسى، فالرئيس مسئول عن أكثر من مائة مليون مصرى داخل مصر وفى كل مكان من العالم. وربما كانت مشاكلهم بالملايين. ويجب على أجهزة الدولة المصرية وعلى المسئولين فيها. كل حسب موقعه. أن يقوم بدوره. بإخلاص وضمير وتفانٍ وإحساس وإدراك وطنى. تعلق سلوى عبد الرحمن على المشكلة: الرئيس السيسى ليس من المفروض أن يقوم بعمل كل شىء. لا بد أن تكون لدينا خطة جماعية للتطوير ونقف كلنا يداً واحدة. وإن كنا نبحث عن قدوة لنا فى عالم اليوم. سنجد أمامنا التجربة الصينية عندهم إرادة داخلية مع قوانين رادعة. مبادرات فردية ومجتمع يُمكِّن الأفراد من تحقيق ذواتهم وما يحلمون به من خلال الإمكانات التى يقدمها لهم. إنهم هناك لا يعملون بالهوى والمزاج. ولكن انطلاقاً من مشروع وطنى محدد. أكمل ما أنا بصدده. فأكاديمية البحث العلمى أنشئت فى أواخر ستينيات القرن الماضى. كانت واحدة من أحلام جمال عبد الناصر حتى يجعل العلم أساساً ثابتاً ومهماً لنهضتنا التى كان يحلم بها لمصر. وكانت فيها إدارة كبرى لبراءات الاختراع. وكانت واحدة من معالم مصر. وفى مرحلة ربما أصبحت وزارة مستقلة. ثم ألحقت بوزارة التعليم العالى. ووصل الحال بها إلى ما نحن فيه الآن.عندما فكرت في الكتابة حول الموضوع. وجدت بالصدفة وحدها فى جريدة الأخبار عدد الجمعة الماضي حديثا مع الدكتور محمود صقر، رئيس الأكاديمية على صفحة كاملة. أجراه حازم بدر. وعناوينه تتناقض تماماً مع أرض الواقع. لأن مصر علمتنا أن الكلام أسهل من السهولة. والفعل أصعب من الصعوبة. إن لم يكن في درجة الاستحالة. وتلك مجرد نظرة على العناوين: مولنا التحالفات البحثية بـ 130 مليون جنيه. تطبيق الثواب والعقاب يبدأ بالرؤوس الكبيرة. تمويل البحث العلمي في تطور. واقتربنا من نسبة 1% من الدخل القومي. غياب ثقافة الحماية يضعنا في مرتبة متأخرة على مقياس الاختراعات. وعندما يتكلم في حديثه عن بنك الابتكار الوطني الذي تم إطلاقه في مؤتمر الشباب السادس يقول: - أن هذا البنك حجة على من يدعى أن أبحاثه حبيسة الأدراج. فأي فكرة أو بحث مبتكر يمكن تسجيلهما في البنك. ليراهما المستثمرون والجهات المانحة المهتمة بموضوعات البحث والابتكار. وتوفر الأكاديمية من جانبها خدمة التواصل بين الطرفين. لا أطلب من وزير التعليم العالي، ولا من رئيس أكاديمية البحث العلمي أن يقابلا أي شاب لديه اختراع. مع أن الاهتمام بالشاب النابغ أضخم تشجيع يمكن أن يجده في بداية حياته. ولكن الأهم وجود آلية مؤسسية للعمل. وقاعدة علمية للتعامل مع صاحب الاختراع مهما يكن سنه. ومع افتراض وجود خيال في الاختراع. فالإنسانية تقدمت من عصور الغابة إلى ما نحن فيه على أجنحة الخيال. الذى لولاه لكنا نعيش الآن عند الخطوة الأولى في التاريخ الإنساني. ربما كان العلم بمعناه المجرد كلمة السر التي تحدد المسافة بين ما نطلق عليه: العالم الأول، والثاني، والثالث، الذى اخترنا أن نكون جزءاً منه وسعدنا بالاختيار. وتصورناه قدراً من أقدارنا. ولا نحاول التقدم خطوة للأمام. كان العلم مساحة الحلم الذى أخذ الإنسان من الكهوف والغابات إلى ما بعد الفضاء. وأوصلته إلى القمر. نظرة يا مصر لاختراع شاب، الشباب مرحلة الحلم والرغبة في تغيير العالم للأحسن بالعلم، الحلم والعلم؟ كلمتا السر لإخراجنا مما نحن فيه.
مشاركة :