اقتصاد تركيا يدفع ثمن ديكتاتورية السلطان

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يواجه الاقتصاد التركى حالة من الانكشاف بعد سيطرة الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» على الاقتصاد، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية فى يونيو ٢٠١٨، فضلًا عن تعيين صهره «براءة ألبيرق» وزيرًا للخزانة والمالية، ترسيخًا لهيمنته على السياسات المالية والنقدية، والتحكم فى البنك المركزى، لتخفيض سعر الفائدة، ظنًا منهم أنه سيكون دافعًا لمواجهة التضخم، وزيادة الاستثمارات الخارجية ما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى من ١٠٪، بجانب ارتفاع معدلات البطالة أيضًا فوق ١٠٪؛ وهو ما يعنى عدم قدرة الحكومة على زيادة عائدات الضرائب لتغطية العجز فى الميزانية، البالغ ٥٠ مليار دولار. لذا فقد تراجعت قيمة السندات السيادية التركية وفقًا لقيمتها بالدولار، كما واصلت الانخفاض، فعلى سبيل المثال، انخفض الإصدار المستحق فى ٢٠٤٥ بمقدار٤.٣ سنت إلى ٨٧.٢ سنت، كما تراجع إصدار السندات الدولية استحقاق ٢٠٣٨ بواقع ٣.٩ سنت إلى٩٥.٨٧ سنت.التعاطى التركى سعت تركيا إلى انتهاج مبدأ الندية فى التعاطى مع واشنطن تمثلت فى ردود الفعل والتصريحات عالية المستوى، فقد رد «روهصان بكجان» وزير التجارة التركية أن بلاده سترد على واشنطن فى حالة فرضت عقوبات جديدة عليهم وفقًا لقواعد منظمة التجارة العالمية. كما توعد «أردوغان» بأن أنقرة سترد على العقوبات الاقتصادية على منتجاتها بالتحول إلى أسواق جديدة، ملمحًا أن العلاقات بين الجانبين أصبحت على المحك، وقال أردوغان: «لا يسعنا سوى أن نقول وداعًا لكل من يقرر التضحية بشراكته الاستراتيجية وبنصف قرن من التحالف مع بلد عدد سكانه ٨١ مليون نسمة، من أجل قس يرتبط بجماعات إرهابية؟»، كما حث الشعب على استبدال الدولار واليورو بالليرة؛ للدفاع عن قيمة العملة الوطنية. وفى هذا السياق، حاول «أردوغان» استغلال الأوضاع الاقتصادية والتوتر الحاد مع واشنطن للتقرب إلى القيادة السياسية الأوروبية رافضًا اللجوء إلى صندوق النقد الدولى، مهاتفًا المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» الأربعاء، والخميس نظيره الفرنسى «إيمانويل ماكرون» لبحث أهمية تعزيز العلاقات بين الجانبين. بجانب المباحثات التى أجراها «ألبيرق» مع نظيره الألمانى «أولاف شولتز» لبحث العلاقات بينهم والتوافق حول إمكانية عقد اجتماع بينهما خلال الشهر المقبل وبالفعل تم تحديد هذا اللقاء يوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٨، ونظيره الفرنسى «لومير» للاتفاق على العمل المشترك وتطوير التعاون الاقتصادى بين البلدين، وتوصل الوزيران إلى اتفاق حول عقد لقاء بينهما فى باريس يوم الـ٢٧ أغسطس ٢٠١٨.ترقب أوروبىتحاول البنوك الأوروبية التعاطى مع أزمة الليرة بكفاءة وفعالية تجسدت فيما قام به قام البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير باختبار داخلى لتحمل هبوط الليرة التركية بنسبة ٤٠٪ برغم من استمرار انهياراها؛ حيث أظهر الاختبار أن البنك يستطيع تحمل الانهيار والتكيف مع مثل هذا الانخفاض، معربًا أن الوضع المالى للبنك لن يتأثر برغم من أن نقرة من أهم دولة لدى البنك من حيث العمليات منذ ٢٠١٤، فى المقابل يمتلك البنك عددًا كبيرًا من المشروعات والقروض وحيازات أسهم تقدر بإجمالى ٧.٣ مليار يورو (٨.٣١ مليار دولار). كما ارتفع المؤشر ستوكس ٦٠٠ الأوروبى ٠.١٪ مع صعود معظم البورصات الرئيسية. وفى هذا الصدد استطاعت الأسهم الأوروبية التعامل مع الانهيار بشكل حذر، وتمكنت من الارتفاع فى التعاملات المبكرة يوم ١٥ أغسطس ٢٠١٨ متجاهلة الخسائر التى واجهتها الأسواق الناشئة، فى سياق استمرار محاولات القيادة التركية انحسار الأزمة وانتهاج سياسات للتعافى.مخاوف أوروبية يعد الاقتصاد التركى من أهم الاقتصاديات الناشئة التى استطاعت تحقيق طفرة نوعية فى مستويات التنمية المستدامة فى كثير من القطاعات الاقتصادية، كما حاول التوسع من خلال الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية. كانت الدول الأوروبية فى صدارة المستثمرين داخل أنقرة، وهو ما تمثل فى عدد القروض بنوك منطقة اليورو فى أنقرة التى بلغت قيمتها ما يقرب من ١٥٠ مليار دولارا، وفقًا لما كشفه بنك التسويات الدولية، وتأتى فى مقدمة هذه البنوك المقرضة البنوك الإسبانية والفرنسية والإيطالية. وبالفعل كانت هذه الدول من أوائل الاقتصادات التى تأثرت بهذا التراجع فى قيمة العملة فقد انعكست على أسهم بعض المصارف الأوروبية الكبرى، فقد انخفض UniCredit إيطاليا بنسبة ٥.٦٪ وانخفض BBVA الإسبانى بنسبة ٥.٥٪، وانخفض مؤشر BNP Paribas الفرنسى بنسبة ٤.٣٪، وانخفض سهم Deutsche Bank بنسبة ٥.٣٪. (٨). لذا فهناك تخوف من استمرار أزمة الليرة على المدى المتوسط والطويل نتيجة استبدادية «أردوغان» وتحكمه فى مسار الاقتصاد التركى وفقًا لمصالحه الخاصة التى تدعم حكمه وتحركاته الخارجية. ختامًا؛ من المتوقع أن تستمر أزمة الليرة التركية نتيجة الخلاف المستمر مع واشنطن الذى سينعكس على ثقة المستثمرين، ويجعلهم يتراجعون عن الاستثمار، وبيع سندات الليرة التركية التى يملكونها فى أنقرة، فبرغم من التقدم الذى شهدته فإنها تعتمد على الاستثمارات الأجنبية التى توفر لها العملة الصعبة ما يؤكد مدى هشاشة الاقتصاد التركى.

مشاركة :