عن عمر نهاهز الـ94 عامًا، رحل الأديب السوري حنا مينة، يوم الثلاثاء (21 أغسطس)، مخلفًا وراءه إرثًا روائيًا ضخمًا، وأدبًا واقعيًا، جعلهُ «شيخ الرواية السورية وأحد أعمدة الرواية العربية في إثرائه لفيوض الخطابات السردية وتمازجاتها التاريخية والسيَرية والواقعية مع الأخيولة»، كما يذكر موقع «اكتشف سوريا». ولد الراحل مينة في مدينة (اللاذقية) عام (1924)، وهذا ما جعل العديد من أعماله ترتكز على البحر وأهله، إذ كان إسهامه في ما يُعرف بـ«أدب البحر» كبيرة؛ «وذلك لأن الأدب العربي القديم يكاد يكون خاليًا من الإبداع العربي البحري، وكتب تقريبًا ثمان روايات عن البحر لعل أهمها (الشراع والعاصفة) التي أطلق النقاد عليها اسم قصيدة البحر أو ملحمة البحر»، إلى جانب رواية «البحر والسفينة وهي»، ورواية «الياطر»، وغيرها. كما ألف مينة العديد من الروايات التي تناولت مختلف الموضوعات، كرواية «المصابيع الزرق»، و«الثلج يأتي من النافذة»، و«بقايا صورة»، و«المرأة ذات الثوب الأسود»، و«عروس الموجة السوداء»، و«المغامرة الأخيرة»، و«الفم الكرزي»، و«حارة الشحاتين»، و«صراع امرأتين»، و«الأرقش والغجرية». كما كتب العديد من المجموعات القصصية، والدراسات النقدية والأدبية، كـ«القصة والدلالة الفكرية»، و«ناظم حكمت وقضايا أدبية وفكرية»، و«أدب الحرب»، وهي دراسة بالاشتراك مع الدكتور نجاح العطار، وكتب «ناظم حكمت؛ السجن، المرأة، الحياة»، و«ناظم حكمت ثائرًا»، وغير ذلك من الدراسات والروايات العديدة. يقول الراحل عن نفسه: «لقد تقضى العمر، في حلقاته المتتابعة، بشيء جوهري لدي هو تحقيق إنسانيتي، من خلال تحقيق إنسانية الناس. أنفقت طفولتي في الشقاء، وشبابي في السياسة، ولئن كان الشقاء قد فُرِضَ علي من قبل المجتمع، فعشت حافيًا، عاريًا، جائعًا، محرومًا من كل مباهج البراءة الأولى. فإن السياسة نقشت صورتها على أظافري بمنقاش الألم، فتعلمت مبكرًا، كيف أصعّد الألم الخاص إلى الألم العام، وكيف أنكر ذاتي، وأنتصر على رذيلة الأنانية، وكل إغراءات الراحة البليدة، التي توسوس بها النفس، فكان الإنسان في داخلي، إنسانًا تواقًا إلى ما يريد أن يكون، لا إلى ما يُراد له أن يكون».
مشاركة :