تركيا تعرض تفكيك جبهة النصرة في إدلب لكسر عزلتها

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

موسكو - عكست زيارة وفد وزاري تركي رفيع إلى روسيا مساعي أنقرة للبحث عن مخرج مشرف في قضية إدلب والملف السوري ككل بعد أن تراجع التأثير التركي إقليميا ودوليا بسبب العزلة التي تسبب فيها الرئيس رجب طيب أردوغان بتصعيد مواقفه تجاه حلفاء تقليديين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وكان من الواضح من خلال وجود كل من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات هاقان فيدان، وهم أبرز المقربين من أردوغان، في موسكو لبحث الملف السوري، أن تركيا تريد أن تلعب دورا مهما في إدلب عبر تفكيك هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) بهدف استرضاء روسيا من جهة، والحفاظ على صورة أنقرة كطرف مؤثر في الملف السوري من جهة ثانية، فضلا عن تطويق خسائرها وحفظ ماء وجه الرئيس التركي بسبب كثرة شعاراته وتهديداته بأن بلاده صاحبة كلمة فاصلة في أزمة الشمال السوري. وقال وزير الخارجية التركي الجمعة إن السعي لحل عسكري في إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا سيكون كارثيا. وأضاف جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرجي لافروف “الحل العسكري هنا سيكون كارثة، لا على منطقة إدلب فحسب بل كارثة أيضا في ما يتعلق بمستقبل سوريا”. وأكد أنه من المهم إزالة مخاوف روسيا في ما يخص إدلب، حيث من الضروري ألا تشكل الجماعات المتطرفة أي تهديدات لوجودها وقاعدتها في المنطقة. وتابع أن الهجوم على إدلب سيقضي على مصداقية كل من تركيا وروسيا في القضية السورية، لذا يجب تبديل ذلك بالحديث معا عن كيفية إزاحة هذه المخاوف، وإحلال الاستقرار هناك. وقال لافروف في المؤتمر الصحافي إن عشرات الآلاف من المتشددين يحاولون عرقلة جهود تركيا لفصلهم عن القوات الأكثر اعتدالا، محذرا من أن الجماعات المتشددة تسعى إلى السيطرة على هذه المنطقة. وكان جاويش أوغلو ولافروف قد اجتمعا في أنقرة قبل عشرة أيام، ووجه حينها الوزير التركي رسالة مماثلة عندما قال إن “مجزرة” ستحدث إذا قصفت إدلب حتى وإن كان بها متشددون. ويعتقد محللون أن الزيارة مهمة لكونها تأتي قبل أسبوع من قمة ثلاثية تركية روسية إيرانية بشأن سوريا، وأنه من المتوقع أن تعرض روسيا شروطها للتسوية مقابل تمكين تركيا من دور اعتباري في رعاية التسوية. ويشير المحللون إلى أن هامش المناورة يضيق على أنقرة خاصة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي الوفد التركي، ما يعني ضرورة التزام الأتراك بتنفيذ تعهداتهم بمواجهة التيارات المتشددة في محافظة إدلب وتحريك المعارضة السورية الحليفة لهم للقيام بهذه المهمة. وتقع إدلب تحت سيطرة مزيج من الجماعات المقاتلة والمتشددين السنة الذين يعتقد أنهم القوة المهيمنة هناك. وسبق أن تعرضت المنطقة لسلسلة غارات جوية وقصف هذا الشهر في تمهيد محتمل لهجوم حكومي واسع النطاق. ودعمت تركيا بعض جماعات المعارضة في إدلب وأقامت 12 نقطة مراقبة عسكرية بها، وهي تحاول منع هجوم لقوات موالية للرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعمه موسكو. ويرى مراقبون أن الهجمات المحدودة التي بادر إليها النظام لا تعدو أن تكون رسالة روسية لتركيا بأن إدلب قد تعرف نفس مصير الغوطة الشرقية ودرعا إذا لم يبادر الأتراك إلى مواجهة المتشددين الإسلاميين في المدينة، ما يعني أن أنقرة ستكون مضطرة إلى حرق إحدى أبرز أوراقها في الملف السوري لإرضاء موسكو. وإذا لم تتحرك تركيا، فإن قوات الأسد والميليشيات الحليفة لإيران تتحضر لخوض معركة إدلب وتحريرها، ولا شك أن روسيا لن تعارض هذا الهجوم بالرغم من النقاشات التي تجريها مع واشنطن بشأن انسحاب إيران وأدواتها من سوريا. ويشير المراقبون إلى أن الرئيس التركي لن يجد أفضل من معركة إدلب لإثبات جدية تحالفه مع روسيا في وقت يعيش فيه وضعا صعبا بسبب العقوبات الأميركية التي ساهمت بشكل مباشر في تهاوي الليرة التركية، وقد تتسبب في انهيار شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم. لكن خبراء عسكريين يشككون في قدرة تركيا على تفكيك هيئة تحرير الشام والمجموعات الإسلامية المتشددة المتحالفة معها، مشيرين إلى أن تلك المجموعات استفادت من الرعاية التركية لتراكم الأسلحة والخبرات القتالية، وهو ما يجعل هزيمتها أمرا معقدا. ويراهن أردوغان على أن الحل في إدلب سيحافظ لبلاده على موقع مهم في الملف السوري، وأنه قد يوفر غطاء لسيطرتها على المناطق الحدودية، لكن الأمر قد لا يتجاوز مجرد الافتراض خاصة أن الولايات المتحدة أعلنت أنها لن تغادر شمال شرق سوريا في الوقت القريب، ما يعني استمرار رعايتها للمناطق والحركات الكردية، ما يمثل تحديا قويا أمام شعارات الرئيس التركي. ويستبعد الخبراء أن تقبل روسيا بإطلاق يدي أردوغان على الحدود التركية السورية، خاصة أن استراتيجيتها في إعادة المناطق إلى سيطرة نظام الأسد تقوم على التدريج، ما يعني أنها لن تقبل بأن يظل جزء من الأراضي السورية خارج تلك السيطرة بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وهي جزء من مشاورات التسوية التي تجريها مع واشنطن، والتي قد تفضي إلى ترتيب انسحاب إيراني تدريجي من سوريا وفق جدول زمني مضبوط مقابل تسريع عودة الأراضي الواقعة تحت نفوذ الأكراد إلى حكم الأسد.

مشاركة :