رحلة الحج.. لوحة إنسانية حافلة بالتسامح

  • 8/25/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

رحلة الحج تبدأ بالفرح، فينسى الحجيج تعب السفر لأنهم سيكملون الركن الخامس من أركان دينهم، وقد ظلوا طوال حياتهم يتمنونه فيدخرون له المال، ليذهبوا لزيارة الكعبة والطواف حولها وأداء كل المناسك، بعد ذلك ورغم التعب وخاصة أولئك الذين تقدم بهم العمر تبدأ فرحة العودة للديار لتبقى ذكريات الحج في البال. مكة المكرمة - في منظر مهيب، وعلى وقع التلبية الجماعية، تتدفق سيول الحجاج البيضاء من جبل عرفات ومحيطه متجهة نحو مزدلفة للمبيت والتقاط الأنفاس والحصى، في تكرار لمشهد سنوي آسر يعاد فيه تجسيد رحلة التوحيد الأولى التي اختطها نبي الله ابراهيم، ويعاد أحيائها في التاسع من ذي الحجة من كل عام، حيث يتم رسم تفاصيل اللوحة الإنسانية العملاقة والناصعة للإسلام من خلال ركنه الخامس الذي حدد مناسكه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع التي تتكرر تفاصيلها، لتضم في طياتها قصصا وأجناسا وأعراقا بشرية وأفكارا ومذاهبا توقفت لوهلة عن الجدال حول الخلافات وتوجهت نحو السماء بقلوب مشرعة بالرجاء والتضرع. على طريق مناسك الحج، ابتداء بطواف القدوم وصولا إلى طواف الوداع ومرورا بعرفة يوم الحج الأكبر ومزدلفة ومنى ورمي الجمرات الثلاث تتوالى المشاهد الإنسانية المعبرة عن مقاصد هذا الاجتماع الإسلامي الأكبر على الإطلاق الذي تشارك فيه حشود من مسلمي مختلف بقاع العالم، تجاوز عددها في هذا الموسم وفقا للجهات الرسمية السعودية المنظمة للحج أكثر من 2 مليون وثلاثمائة حاج، تتولى رعايتهم وتيسير أمورهم في مناسك الحج المختلفة 45 جهة أمنية ومدنية، تتكون من أكثر من ربع مليون مشارك يقدمون 215 خدمة للحجاج. تحتشد الصور والمعاني الإنسانية بكثافة في الحج لتكشف عن مقاصد هذا النسك الإنسانية التي تموج بالقيم التي تعبر عن فريضة مسكونة بالخضوع والاستسلام للخالق في رمزيتها الدينية، بينما تعبر عن ملامح التجانس والتآلف العابرة للمذاهب والجنسيات والألوان. تداعيات صالح البيضاني رحلة حاج وصحافي تداعيات صالح البيضاني رحلة حاج وصحافي يرمز يوم عرفات لحالة تجلي واتصال مباشرة بين العبد وربه، حيث ترتفع الأكف وتشرئب الأرواح من على جبل عرفة وفي منطقة عرفات التي تكتسي بالبياض وتتعالى من جنباتها التلبيات والأدعية. وفي مزدلفة يلتقط الحجاج أنفاسهم المتعبة من رحلة السير ويلتقطون الحصاة التي سيواصلون السير بها إلى منى حيث يتطلعون لتحقيق أمنياتهم بحج يرجعون به إلى بلدانهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، حيث يذهبون في يوم العيد وخلال أيام التشريق الثلاث لرمي الجمرات في تأس بما قام به أبوالأنبياء إبراهيم وهو يرجم الشيطان الذي تمثل له بشرا غويا! يرمي الحجاج الجمرات الثلاث تعبيرا عن التكفير عن أخطائهم التي اقترفوها قبل أن يمضوا إلى آخر مراحل الحج من خلال طواف الوداع الذي يختتمون به مناسك شاقة ولذيذة ومفعمة بالأمل والرجاء، امتزجت بصور حافلة بالمآثر النبيلة التي ارتسمت في عقولهم وقلوبهم. صور عديدة للطاعة وبر الوالدين والمكابدة والصبر والتوسل والإلحاح في الدعاء و التعايش والتمازج البشري في أزهى صوره وإزالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والعرقية وانتفاء الحدود والحواجز المصطنعة والالتقاء في فيض من المشاعر النادرة التي لا يمكن البوح بها إلا في زمان ومكان محددين: البيت الحرام والأشهر الحرم.

مشاركة :