مع انتهاء عطلة العيد الطويلة التي توّجت عطلة الصيف، ومع عودة عجلة الحياة للدوران من جديد، تعود القضايا الأكثر إثارة على الساحة المحلية للواجهة من جديد، مع أنها لم تبتعد كثيرا خلال العطلة، حيث تولى من بقي من النواب في الكويت أثناء العطلة إثارتها والتذكير بها، وصولا إلى التلويح بالتصعيد السياسي، خصوصا في الملف الأكثر حساسية وحاجة للتعاطي بعقلانية، ونقصد به «الإحلال».وقبل الخوض في الملف، وبيان انعكاساته الإيجابية والسلبية، ومواطن المصلحة الوطنية فيه، والمصالح الأخرى، يجدر بنا أن نشير إلى أن قضية التوظيف للمواطنين وإتاحة فرص عمل لهم، أمر لا جدال فيه ويتقدم على ما سواه من مسائل، بل له الأولوية، لأنه يمثل قضية أمن وطني، ومسألة اجتماعية لها امتداداتها التي يجب ألا نغفل عنها، فإتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين يجب أن تكون في صدارة أي تحرك حكومي، ولاسيما أننا مقبلون على أعداد هائلة من خريجي الجامعات والمعاهد التطبيقية، التي تحتاج إلى فرص وظيفية يجب أن تحسب لها الحكومة ألف حساب، فالمواطن أولى في الحصول على الوظيفة، وهذا مبدأ لا يختلف عليه اثنان.ولكن أن تستغل القضية في قضايا لا تخدم البلد ومصالحه فهذا أمر لا يرضاه أحد، ولاسيما إذا تحول إلى مادة إعلامية يستخدمها بعض النواب لتسجيل مواقف انتخابية، غير منتبهين إلى الآثار الاجتماعية للمسألة، وأعني هنا ما برز في الآونة الأخيرة من مزاج شعبي يمكن أن نصفه بـ«المعادي» للوافدين ناتج عن تداعيات بعض التصريحات النيابية، ومن أراد أن يتابع ذلك، فليدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ويتابع ردود الفعل على تصريح هذا النائب أو ذاك، من متابعيه، فسيظن أننا في حرب مع الوافدين، وكأن الوافد الموجود في الكويت، جاء إلى البلاد رغما عنا، واغتصب الوظيفة أو المهنة التي يشغلها، وليس هناك من استخرج له تأشيرة دخول، وهيأ له الوظيفة التي يعمل بها، بل أكثر من ذلك هناك من يحضر الأعداد الكبيرة من الوافدين ويزجهم في السوق بعد أن يكون قبض منهم المبلغ المعلوم، من دون أي مراعاة لمصلحة الوطن وأهله. فالقضية أيها السادة تعالج بعقلانية وتخطيط واعٍ يحقق مصلحة البلد ويعمل على إحلال المواطنين مكان الوافدين بأسلوب علمي وعملي، بعيدا عن الإثارة وتأليب الرأي العام على المقيمين، كما فعل بعض برلمانيينا للأسف الشديد، والنتيجة كانت سلبية.فمع عودة الحياة لمدارسنا يوم غد الثلاثاء، بالتحاق معلمي ومعلمات المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ويلحقهم معلمو الثانوية يوم الاحد المقبل، فإن المدارس، وفق مصدر تربوي موثوق، على موعد مع عجز كبير في الهيئة التعليمية، ستتضح معالمه مع دوام الطلبة ووضع الجداول الدراسية، حيث يقول المصدر إن المدارس شهدت مع نهاية العام الماضي حركة إحلال واسعة، ولاسيما في المواد التي تشهد إقبالا كويتيا عليها، فيما كانت هناك حالات عديدة من الاستقالات، من مواد أخرى، أضف إلى ذلك ما قامت به الوزارة من «تفنيشات» لمعلمين وصلت خدماتهم إلى 34 سنة أو ممن وصلوا إلى سن 65 عاما، حيث جاءت هذه التفنيشات ضمن حركة الوزارة لتنفيذ خطط وضعتها لجنة الإحلال البرلمانية بضرورة إنهاء كل وزارة خدمات عدد معين من الوافدين، من دون مراعاة خصوصية هذه الوزارة او تلك، ولاسيما وزارة التربية، فمع التفنيشات والاستقالات- والكلام للمصدر- لم تكن التعاقدات التي تمت خلال فترة الصيف على قدر المأمول، فأصبحت هناك فجوة بين من تم تسريحهم ومن تعاقدت الوزارة معهم، لتكون المدارس على موعد مع العجز في الهيئة التعليمية ستبرز صورته في الأسبوعين المقبلين، وسيكون أبناؤنا الطلبة هم الضحية ومن سيدفع الثمن في النهاية، فهل هذا الأمر سيحقق أهداف النواب في مسألة الإحلال؟الأمر باختصار يحتاج إلى خطة طويلة الأجل، مبنية على دراسات عملية، تدرس التبعات السلبية قبل الإيجابية لأي عملية ولاسيما في الوزارات الأكثر حساسية، التربية والصحة على وجه الخصوص، وليتوقف النواب الأفاضل عن إثارة القضية بشكل إعلامي سلبي، وليعملوا بصمت مع الحكومة في التخطيط لتأمين وظائف للكويتيين وتقليل أعداد الوافدين، وليس كما نراه الآن، عندما حكم عدد من النواب على الحكومة بأنها «فاشلة» في السنة الاولى من خطة الإحلال، وسط دعوات لتقليص عدد الوافدين مليونا ونصف المليون خلال سنة!h.alasidan@hotmail.com@Dralasidan
مشاركة :