الجزائر – أمام الارتدادات التي أفرزتها حملة التغييرات التي أجرتها قيادة الجيش الجزائري، في الآونة الأخيرة، على رأس الأجهزة والمديريات والنواحي التابعة لها، يجري احتواء الحراك وتأطيره في سياق نظامي بحت، بعيدا عن القراءات السياسية، التي ربطتها بإعادة توزيع التوازن داخل هرم السلطة، وبالمستقبل السياسي للبلاد، في ظل دخول الموعد الرئاسي مرحلة العد التنازلي. استغل قائد أركان الجيش الجزائري ونائب وزير الدفاع الجنرال أحمد قايد صالح، فرصة تنصيب اللواء مفتاح صواب، كقائد للناحية العسكرية الثانية بوهران، خلفا لسلفه سعيد باي الذي أحيل على التقاعد، لإطلاق رسائل من أجل احتواء الارتدادات التي خلفتها عملية التغييرات الأخيرة. وشهدت المؤسسة العسكرية تنحية ضباط سامين في وزارة الدفاع والأجهزة التابعة لها، فضلا عن النواحي العسكرية. وقال”إن الهدف الذي أحرص على تحقيقه ميدانيا على مستوى هذه الناحية العسكرية، بل على مستوى كافة مكونات الجيش، بمختلف هياكله وتشكيلاته، يتطلب تحقيقه جهدا عظيما وعملا متفانيا وعقلانيا، يُبذلان من طرف الجميع ودون استثناء، كل في نطاق مسؤوليته القيادية والتسييرية، وحدود صلاحياته ومجال تخصصه التقني والعلمي والمعرفي”. وأضاف “بهذا الحس وبهذا السلوك وبهذه الكفاءة، تستطيع قواتنا المسلحة أن تؤدي مهامها كما ينبغي وأن تستمر في متابعة مشوار التحديث والتطوير لمختلف مكوناتها، وأن تسهر دومًا على بقائها في حالة الجاهزية التامة لمواجهة أي طارئ”. وغلبت على كلمة الجنرال قايد صالح المفردات الفنية ومصطلحات العقيدة العسكرية، في تلميح لرفع اللبس عن القراءات السياسية التي أحاطت بحملة التغييرات. ومست الحملة ضباطا وجنرالات يحسبون على مرحلة الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، وذهب البعض إلى ربطها بالحراك الدائر في البلاد حول المستقبل السياسي، ومرشح السلطة في الاستحقاق الرئاسي المنتظر بعد ثمانية أشهر. قائد الأركان يشدد على التكامل في التراتبية والمسؤولية بينه وبين بوتفليقة لتأكيد التناغم بين الرئاسة والجيش ومن أجل تأكيد التناغم بين مؤسستي الرئاسة والجيش، عكس ما تداولته دوائر سياسية مهتمة، شدد قائد الأركان على التكامل في التراتبية والمسؤولية بينه وبين الرئيس بوتفليقة، بوصفه وزير الدفاع الوطني والقائد الأعلى للقوات المسلحة. وأوردت بيانات وزارة الدفاع أنه “باسم فخامة رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، ووفقا للمرسوم الرئاسي المؤرخ في 16 أغسطس 2018، أشرف الفريق أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، على مراسم تسليم السلطة وتنصيب اللواء مفتاح صواب قائدا جديدا للناحية العسكرية الثانية بوهران، خلفا للواء سعيد باي الذي أحيل على التقاعد”. وتشهد المؤسسة العسكرية في الجزائر وتيرة متصاعدة، فرغم خلود مسؤولي المؤسسات المدنية الأخرى إلى قضاء إجازاتهم السنوية والابتعاد عن الأضواء، إلا أن الرجل القوي في المؤسسة العسكرية يجري تحركات مكثفة. وألمح في إشارة لمقاصد حملة التغييرات إلى أن “النية السليمة والمقاصد المخلصة والوفاء العظيم، هي سبب النتائج الميدانية والفعلية المحققة، وهو درب أوصل الجيش الوطني الشعبي، في زمن وجيز بل وقياسي إلى بناء جيش قوي بكل مل تعنيه عبارة القوة من معنى”. وتابع “إن النتائج المحققة ميدانيا وفي جميع المجالات، تبرز حرص قواتنا المسلحة على مواجهة كافة التحديات مهما كانت طبيعتها”. وأردف “تلك هي الخصائص السلوكية والمسلكية التي تواظب القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي على ترسيخها بين صفوف قواتنا المسلحة وهي جهود أصبحت اليوم يانعة الثمار وبارزة المعالم والمؤشرات، بفضل ما يلقاه جيشنا من عناية دائمة ورعاية متواصلة من لدن رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، وإننا على هذا الدرب ماضون”. وفي خطوة لإضفاء الاستقرار على وحدات ومنتسبي المؤسسة العسكرية، وتفادي حالة الارتباك التي خلفتها عملية إقالة مدير الأمن السابق الجنرال عبدالغني هامل، في المؤسسة الأمنية، يجري بث مراسيم تنصيب قادة النواحي والضباط الجدد لمختلف الأجهزة والمصالح، على المباشر في جميع المرافق والمقار العسكرية.
مشاركة :