«ليتركنا وشأننا»، هكذا عبّر المزارعون في جنوب أفريقيا عن استيائهم من انتقادات الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشروعاً حكومياً لإصلاح الأراضي، واتهموه بأنه تحدّث في هذه القضية من دون أن يعرف تفاصيلها. وقالت بريلين سوارت، وهي امرأة تربي المواشي وتزرع الحبوب مع زوجها قرب مدينة الكاب (غرب)، إن «الناس كانوا غاضبين جداً من ترامب ولا يزالون كذلك». وتشكل تغريدة الرئيس الأميركي محور كل الأحاديث في مؤتمر الزراعة الذي يجمع مزارعين ومصنعين ومسؤولين في بيلا بيلا، شمال شرقي جوهانسبرغ. وكان ترامب تأثر ببرنامج تلفزيوني بثته قناة «فوكس نيوز» المحافظة جداً، وطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو أن يدرس عن كثب مشروع الإصلاح الزراعي في جنوب إفريقيا. وكتب ترامب على حسابه على موقع «تويتر»: «طلبت من وزير الخارجية مايك بومبيو دراسة عن مصادرة أراض ومزارع ونزع ملكيتها وجرائم قتل مزارعين على نطاق واسع في جنوب أفريقيا». وأضاف: أن حكومة جنوب أفريقيا تقوم حالياً بـ «مصادرة أراض ومزارع، ونزع ملكيتها وجرائم قتل مزارعين (بيض) على نطاق واسع في جنوب أفريقيا». وردّت سلطات بريتوريا بحدةّ على تغريدة ترامب، ونددت بـ «تصريحات مقلقة وخاطئة وغير دقيقة وتتضمن معلومات مغلوطة وأحياناً منحازة سياسياً، وطلبت توضيحات». وقبل الانتخابات العامة المرتقبة عام 2019، يريد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا تسريع عملية إصلاح الأراضي «من أجل تصحيح الظلم التاريخي الخطير» الذي ارتُكب بحق الأقلية السوداء في حقبة الاستعمار ونظام الفصل العنصري. ويهدف إصلاح رامافوزا إلى تصحيح الخلل في الأراضي في جنوب أفريقيا، حيث تملك الأقلية البيضاء، التي تشكل 8 في المئة من الشعب، 72 في المئة من المزارع، في مقابل 4 في المئة للغالبية السوداء، أي 80 في المئة من السكان، وفق الحكومة. ولتصحيح ذلك، ينوي الرئيس تعديل الدستور للسماح باستملاك أراضي المزارعين الكبار من دون التعويض لهم، وتعهد مرة جديدة بـ «تسريع إصلاح الأراضي الضروري لتحقيق نمو اقتصادي شامل». وعلى رغم أن كلام ترامب كان مبالغاً فيه، إلا أنه لفت الانتباه إلى مشروع يثير منذ أشهر مخاوف وجدلاً حاداً في جنوب أفريقيا. وأشار تشيليدزي ماتشيدزولا (30 سنةاً)، وهو منتج حليب في ولاية الكاب الشرقية، إلى أن «نائب الرئيس ديفيد مابوزا قال للمزارعين إن الحكومة لن تقوم بأي شيء غير مدروس». وأضاف: «بما أنني مزارع، تثير مصادرة الأراضي قلقي وإن كنت أسود»، كما يشعر زملاؤه المزارعون البيض بقلق أكبر. وقال أحدهم ويدعى أندري سميث: «أخشى ألا يسلك السياسيون في بلدنا الطريق السليم للإصلاح». ولكن من غير الوارد السماح لرئيس أي دولة أجنبية التأثير في الجدل، وقال: «نحن لا نحبّ ترامب وصراحته، فهو لا يفهم شيئاً من الوضع في جنوب أفريقيا، ويجب أن يتم إطلاعه وأن توجه إليه دعوة لزيارتنا». ورأى المزارع الأسود في شمال شرقي البلاد ويسكي كغابو أن «ترامب يمكن إغضابه بسهولة وهذه ليست المرة الأولى»، في إشارة إلى انتقادات ترامب اليومية على «تويتر». وأضاف: «ليس لدي شيء ضد دونالد ترامب (...) لكن يجب أن يتحقق من الحقيقة قبل التحدث». وترفض مديرة القسم التجاري في شركة «غراين إس إيه» للحبوب جاني دو فيلييه، تشبيه البعض الوضع في جنوب أفريقيا بعمليات الطرد العنيفة لمزارعين بيض منذ نحو 20 سنة في زيمبابوي المجاورة. وأدى اعتماد هذه السياسة إلى انهيار اقتصاد البلاد الذي لم يستعد عافيته حتى اليوم. وقالت: «لسنا في هذا الموقع ولا أعتقد بأننا نسير في هذا الاتجاه، ولكن يجب أن نواجه ماضينا وهذا ليس أمراً سهلاً». وتابعت أن «إصلاح الأراضي كان حتى الآن فاشلاً». ويكرر المزارعون في جنوب إفريقيا بصوت واحد أن الحلّ لن يأتي من الخارج بالتأكيد. وقال ريديفان ماركوس وهو مزارع أبيض من الكاب الشرقية يبلغ من العمر 24 سنة إن «الكثير من الأمور تحدث في الولايات المتحدة وفي جنوب أفريقيا أيضاً، وعلى ترامب الاهتمام بمشاكله، وسنهتمّ نحن بمشاكلنا».
مشاركة :