حوار - إبراهيم بدوي: أكّد سعادة السيد جاي سوهان سينج سفير سنغافورة لدى الدولة، أن قطر أظهرت قدرة كبيرة في مُواجهة تحدّيات الأزمة الخليجيّة الراهنة، فيما يعدّ بُشرى خير لدولة قطر، حيث تواصل البلاد تحقيق خطوات هامة في مسيرة النهضة والتطوير. وشدّد في حوار مع الراية بمُناسبة اليوم الوطني لبلاده على أن اهتمام سنغافورة بسوق الأعمال القطري لا يزال قوياً، مشيراً إلى إطلاق مجلس الأعمال السنغافوري في قطر أكتوبر الماضي باعتباره خطوة ومنصة رئيسية لتعزيز الروابط التجارية بين البلدين. وأعرب سفير سنغافورة عن ثقته في استمرار نمو صادرات الغاز القطري إلى بلاده مع تركيزها على التحول إلى الطاقة الصديقة للبيئة، لافتاً إلى وصول أول شحنة للغاز القطري المسال من شركة قطر غاز إلى سنغافورة في ٧ أبريل من العام الجاري. وقال إن قطر هي ثالث أكبر شريك تجاري لسنغافورة في الشرق الأوسط عام 2017، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما ١٨ مليار ريال قطري، بنسبة زيادة بلغت ٨٠% عن العام السابق. كما أعرب عن ترحيب بلاده بزيادة الاستثمارات القطرية بقطاعات المصارف والعقارات والضيافة، حيث بلغ حجمها ٥ مليارات ريال قطري عام ٢٠١٥. وقال سفير سنغافورة لدى الدوحة إنه على يقين بأن قطر سوف تنظم مونديالاً رائعاً وممتعاً للعالم أجمع عام ٢٠٢٢، بينما سلّط الضوء على أهمّ المشروعات المُشتركة بين البلدين، وغيرها من التفاصيل في نصّ الحوار التالي: -- ما أبرز ملامح تطور علاقات قطر وسنغافورة في الآونة الأخيرة، وتقييمكم لهذه العلاقات؟ - العلاقات بين جمهورية سنغافورة ودولة قطر - والتي تأسست في عام 1984- ممتازة وترتكز على العلاقات القوية بين قيادتَي البلدين. وشهدت العلاقات الثنائية نموًا ملحوظًا خلال السنوات الماضية، وقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، بأول زيارة دولة إلى جمهورية سنغافورة في أكتوبر من عام 2017، وتعتبر الزيارة التي قام بها صاحب السمو إلى سنغافورة تاريخية لأنها كانت أول زيارة دولة استضافتها واستقبلتها فخامة الرئيس حليمة يعقوب، رئيس جمهورية سنغافورة منذ توليها الرئاسة. وسبقت هذه الزيارة زيارتا دولة قام بهما صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إلى سنغافورة في عامي 2005 و2009، ما جعل قطر أكثر دولة في مجلس التعاون الخليجي تقوم بزيارات رسمية إلى سنغافورة. كما أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السنغافوري سعادة الدكتور فيفيان بالاكريشنان إلى قطر في أبريل من العام الجاري، كانت دفعة قوية للتعاون الثنائي بين البلدين، وخلال هذه الزيارة، شارك سعادة الدكتور فيفيان بالاكريشنان في رئاسة الاجتماع الافتتاحي لآلية الرصد والتنفيذ (IMM) مع سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيّة. وخلال هذا الاجتماع، أكّد الجانبان على النمو في نطاق ومضمون العلاقات الثنائية بين البلدين على مرّ السنين. واستعرضا نتائج المناقشات التي جرت بين ممثلي البلدين الأعضاء في لجان العمل الفنية المشتركة والتي تغطي مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأمن، والأعمال، والشؤون القانونية، والاستدامة، والتنمية الاجتماعية. بشرى خير -- تمرّ قطر بأزمة حصار جائر منذ ما يزيد على عام، كيف ترون تعامل قطر مع تداعيات هذه الأزمة؟ - أستطيع أن أقول إنه لم يكن هناك أي تأثير كبير لهذه الأزمة على حياة المواطنين والمقيمين في دولة قطر. استمرّت الحياة كالمعتاد ولا تزال هناك مجموعة واسعة من المواد الغذائية وغيرها من السلع المتوفرة في المحلات التجارية. لقد أظهرت دولة قطر قدرة كبيرة في مواجهة التحديات المختلفة وتحول الحصار إلى حافز لمواصلة تحقيق خطوات هامة في مسيرة التطوير والنهضة. مجلس أعمال -- كيف يمكن لمجلس الأعمال السنغافوري دعم رؤية قطر نحو تنويع الاقتصاد؟ - تهتم الشركات السنغافورية بسوق الأعمال القطري في مجالات مختلفة تشمل الهندسة المعمارية والهندسة والأغذية والمشروبات والخدمات الأمنية وإدارة المرافق والتكنولوجيا المالية والنفط والغاز على سبيل المثال لا الحصر. ونبحث دائماً عن مجالات جديدة للتعاون. وفي هذا الصدد، يعتبر إطلاق مجلس الأعمال السنغافوري (SBC) في دولة قطر خطوة رئيسية، حيث تمّ تأسيس هذا المجلس من قبل مجتمع الأعمال السنغافوري في أكتوبر عام 2017، بالتزامن مع زيارة الدولة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، إلى سنغافورة. ونأمل تطوير هذا المجلس إلى منصة رئيسية أخرى تستطيع من خلالها الشركات السنغافورية والقطرية تعميق الروابط التجارية وتبادل الأفكار حول التعاون التجاري المتبادل الذي يخدم مصالح البلدين. صادرات الغاز -- ما هي إمكانات وفرص التعاون في مجال الطاقة والغاز؟ - يوجد هناك إمكانات وفرص كبيرة للتعاون في قطاع الطاقة بين البلدين. وتعتمد سنغافورة حاليًا على الغاز الطبيعي لتلبية جميع احتياجاتها لتوليد الكهرباء تقريبًا. ودخلت شركة بافيليون (Pavilion) السنغافورية للطاقة مؤخرًا في اتفاق مع قطر للبترول لبدء تصدير الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى سنغافورة. وقد وصلت أول شِحنة من الغاز الطبيعي المسال من شركة قطر غاز إلى سنغافورة في 7 أبريل 2018. ونحن على ثقة من أن العلاقة بين قطر غاز وشركة بافيليون، بالإضافة إلى صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى سنغافورة ستستمرّ في النمو في المستقبل، نظراً لتركيز سنغافورة على الانتقال والاعتماد على الوقود الصديق للبيئة لتوليد الطاقة. ونظراً لوضع سنغافورة كميناء رئيسي للشحن، فإن سنغافورة تشجع أيضًا خطوط الشحن القطرية على استخدام سنغافورة كمركز للواردات القطرية. تسهيلات للقطريين -- ما هي التسهيلات المقدمة للقطريين لزيارة سنغافورة؟ - القطريون يمكنهم زيارة ودخول سنغافورة بدون تأشيرة، وهذه الميزة موجودة منذ فترة. وتتمتع سنغافورة باتّصال جوي ممتاز مع دولة قطر، مع قيام الخطوط الجوية القطرية بتشغيل ثلاث رحلات يومية بين الدوحة وسنغافورة. -- ما أهم عوامل جذب السائح القطري إلى سنغافورة؟ - تعتبر سنغافورة مكاناً مثيراً للاهتمام للسياح، فالمجتمع السنغافوري نسيج ثري من الثقافات واللغات والأديان المختلفة. وتعكس المهرجانات والاحتفالات الجميلة التي تعقد على مدار السنة تنوّع الثقافات في المجتمع السنغافوري. وتتجسد تقاليدنا وتراثنا في تنوع النكهات والأطباق في المطبخ السنغافوري، من أرخبيل الملايو والصين والهند وحول العالم. وبالنسبة للأشخاص الذين يحبون التسوق، تعدّ سنغافورة جنة للمتسوّقين مع العديد من مراكز التسوق والمحلات التجارية. ويسعدني القول إن سنغافورة هي واحدة من أكثر الدول الصديقة للعائلات في العالم، حيث يمكن للعائلة بأكملها الاستمتاع هناك. ويمكن للزوّار الاستمتاع بجزيرة سنتوسا ومتنزه يونيفرسال ستوديوز الترفيهيّ. وعلى الرغم من الاعتقاد الشائع بأن سنغافورة مدينة حضرية بشكل كبير، إلا أن سنغافورة تحتفظ بكثير من المساحات الخضراء، حيث تمتلك سنغافورة العديد من المعالم الطبيعية، بما في ذلك حديقة حيوان سنغافورة المشهورة عالمياً والسفاري الليلية والسفاري النهرية، وموقع تراث اليونسكو الخاص بسنغافورة، وهو حديقة سنغافورة النباتية. ويمكن للزوّار الاستمتاع بهذه الأماكن السياحية. التعاون التعليميّ -- ماذا عن التعاون التعليمي والثقافي؟ - أعتقد أن هناك الكثير الذي يمكننا القيام به معًا فيما يتعلق بالتعاون والتبادلات التعليمية والثقافية. ويحظى نظام التعليم السنغافوري بتقدير كبير في جميع أنحاء العالم. وتحتلّ الجامعات السنغافورية المختلفة مثل الجامعة الوطنية بسنغافورة وجامعة نانيانج للتكنولوجية، بالإضافة إلى مؤسسات التعليم العالي الأخرى في سنغافورة، مرتبة عالية بين أفضل الجامعات والمؤسسات التعليمية في العالم. إن تنوّع مجتمعنا يرسم مشهداً فنياً وثقافياً نابضاً بالحياة في سنغافورة، ونأمل أن نعمل مع المؤسسات الثقافية في قطر لاستكشاف مجالات جديدة للشراكة في المستقبل. حجم الاستثمارات القطرية حول حجم الاستثمارات القطرية في سنغافورة قال السفير جاي سوهان سينج: بلغ الاستثمار القطري المباشر في سنغافورة حوالي 2 مليار دولار سنغافوري (حوالي 5.2 مليار ريال قطري) في عام 2015. وأضاف: تمتلك الكيانات القطرية الكُبرى مثل جهاز قطر للاستثمار، وأوريدو، وكتارا للضيافة، وبنك قطر الوطني، وبنك الدوحة، استثمارات وعمليات كبيرة في سنغافورة. وقال: وفي هذا الصدد، أريد أن أوضح أن اتفاقية الاستثمارات الثنائية بين قطر وسنغافورة والتي تم التوقيع عليها خلال زيارة الدولة الأخيرة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى سنغافورة، تُعتبر رسالة مهمة للمستثمرين من البلدين وتشجّعهم على زيادة الاستثمارات في بلدينا، مع ثقة تامة بأن أصولهم ستكون آمنة. وأضاف: ونظرًا لوضع سنغافورة كمركز مالي وتجاري في جنوب شرق آسيا، فإننا نرحّب أيضًا بزيادة الاستثمار القطري في القطاع المصرفي والمالي في سنغافورة، إلى جانب قطاع العقارات والضيافة الذي تستثمر فيه دولة قطر بشكل كبير في سنغافورة. قطر ثالث أكبر شريك تجاري لسنغافورة أكّد السفير السنغافوري أن قطر هي ثالث أكبر شريك تجاري لسنغافورة في الشرق الأوسط عام 2017، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 7.7 مليار دولار سنغافوري (حوالي 18.4 مليار ريال قطري)، بنسبة زيادة 80٪ تقريبًا، مقارنة بالعام السابق. وقال: نظراً لأن سنغافورة تعتبر مركزاً إقليمياً رئيسياً لقطاع النفط والغاز في جنوب شرق آسيا، فإن الصادرات السنغافورية الرئيسية إلى قطر تشمل منتجات مثل البترول ومشتقات الهيدروكربون الأخرى. كما تقوم سنغافورة بتصدير مكوّنات وقطع غيار الآلات الثقيلة مثل توربينات الغاز (gas turbines) والتي تستخدم في قطاع الطيران والقطاع البحري، بالإضافة إلى كمية صغيرة من المجوهرات والمعادن الثمينة. وبالنسبة للصادرات القطرية الرئيسية إلى سنغافورة تشمل الزيوت البترولية الخام والغاز الطبيعي المسال. اهتمام سنغافورة قوي بالسوق القطري أكّد سعادة السيد جاي سوهان سينج سفير سنغافورة لدى الدولة، أن الاهتمام بسوق الأعمال القطري لا يزال قوياً، خاصة بمجالات الهندسة المعمارية والهندسة وإدارة المرافق والنفط والغاز. وأضاف: نحن نبحث دائماً عن مجالات جديدة للتعاون الثنائي. وفيما يتعلق بمشاريع سنغافورة الرئيسية في قطر، قامت شركة كيبل سيغهرس للهندسة ببناء محطة معالجة مياه الصرف الصحي في شمال الدوحة في منطقة أمّ صلال، بالإضافة إلى مركز إدارة النُّفايات الصلبة المحلية في مسيعيد. ويوفّر مشروع "ناقلات - كيبل البحري" المُشترك بين شركة ناقلات القطرية وشركة كيبل أوفشور آند مارين السنغافورية، خدمات الصيانة وخدمات تحويل وصيانة المرافق البحرية في حوض بناء السفن في رأس لفان. وتشارك شركة التطوير العقاري "SECC Group" السنغافورية في مشروع "بالاس فندوم هوتيل- ريزيدنسز - مول" في الوسيل. التقدم السريع في مشروعات المونديال مثير للإعجاب أعرب سعادة جاي سوهان سينج سفير سنغافورة، عن إعجابه الشديد بالتقدّم السريع الذي يتمّ إحرازه في المشاريع المتعلقة بكأس العالم. وقال: في كل مكان نرى مشاريع إنشاءات رئيسية قيد التنفيذ بما في ذلك مشاريع الطرق السريعة الجديدة والفنادق وأعمال التطوير في مطار حمد الدولي ومترو الدوحة، وبالطبع الملاعب التي ستستضيف المباريات في كأس العالم. وأضاف: إن ملعب الثمامة سيتمّ افتتاحه رسمياً في عام 2019، بعد افتتاح استاد خليفة الدولي في مايو 2017. إنني أتطلع إلى نهائيات كأس العالم في دولة قطر، وأنا على يقين من أن القطريين سينظّمون بطولة ممتازة ليتمتّع بها العالم أجمع.
مشاركة :