هل يعيش جوزيه مورينيو آخر أيامه في "أولد ترافورد"؟ البرتغالي وقف طويلا بعد نهاية المباراة لتحية الجماهير المتبقية في مسرح الأحلام، بعد هزيمة كبيرة لكتيبته بثلاثية نظيفة أمام توتنام هوتسبير. هزيمة حسب سجل الإحصائيات هي الأكبر في مسيرته التدريبية في ضيافة فريق يقوده فنيا. البداية الجيدة لم تكن كافية لكي يبسط مانشستر يونايتد سيطرته على مجريات الأمور أمام ضيوفهم، فبمجرد بداية الشوط الثاني انهار كل ما بدى من تماسك خلال أحداث الشوط الأول. كيف تفوق ماوريسيو بوكيتينو؟ وكيف سقط مورينيو سقوطا حرا فقط خلال 45 دقيقة؟ والآن مع أبرز ملامح المباراة.. العقاب المستحق لا يوجد أفضل من البداية التي بدأ بها مانشستر يونايتد المباراة ضد توتنام. ضغط متقدم منذ الدقيقة الأولى، وتمريرات متقنة وتوزيع جيد للعب وانتشار مميز للاعبين. قرارات تكاد تكون سليمة من الجميع، مع مستوى جيد من جيسي لينجارد ولوك شاو تحديدا في خلق جبهة خطورة على الجبهة اليمنى. محاولات مستمرة لهز شباك هوجو لوريس بدرجات متفاوتة من الخطورة، ولكن الحارس الفرنسي كان بالمرصاد. قرابة 40 دقيقة لم يقترب فيها الضيوف لمرمى ديفيد دي خيا ولو بتسديدة، حيث بدت سيطرة يونايتد واضحة. ولكن هناك أمور تستحق العقاب. فرص عديدة للتسجيل، على رأسها تلك التي لا يمكن قبول فكرة ضياعها للبلجيكي روميلو لوكاكو أمام مرمى خالي، ولكن الكرة قررت أن تسير بمحازاة خط المرمى خارجا. هكذا انتهى الشوط الأول سلبيا. ظن مورينيو أن الفريق سيستمد من تفوقه في الشوط الأول مزيدا من القوة في الشوط الثاني، ولكن العقاب كان حتميا. لدغات برازيلية توتنام كان سلبيا للغاية خلال أحداث الشوط الأول مع تفوق نسبي لمنظومة يونايتد الدفاعية. لكن تلك المنظومة انهارت تماما مع بداية الشوط الثاني. حالة من التوهان وسوء التمركز لثلاثي قلب الدفاع، ظهرت بشدة في ردة فعل فيل جونز أثناء الهدف الأول وعدم التحرك المناسب أو القفز مع رأسية هاري كين التي هزت الشباك. كين يقضي تماما على لعنة أغسطس، ويهز شباك "أولد ترافورد" للمرة الأولى في مسيرته. هدف أنهى 3 مواسم من الصيام التهديفي للـ "سبيرز" في ضيافة يونايتد، ولكن الزيارة تلك المرة كانت تحمل أكثر من هدف. من جديد يظهر البطء الدفاعي وسوء الارتداد في هجمة الهدف الثاني المرتدة، والتي وصلت كعرضية أرضية للوكاس مورا ليسكنها في شباك ديفيد دي خيا. مورا بمثابة لدغة برازيلية حقيقية هذا الموسم يقدمها ماوريسيو بوكيتينو. اللاعب البرازيلي المنضم في يناير الماضي من باريس سان جيرمان ينال الآن قسطا أكبر من الدقائق لإظهار مواهبه، خاصة مع غياب الكوري الجنوبي سون هيونج مين. مهارات كبيرة شاهدنا للفتى البرازيلي في مقاطع فيديو مسجلة على موقع "يوتيوب"، استعاد جزء منها خلال مجهوده الفردي محرزا الهدف الثالث في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة بعد تفوق فردي على كريس سمولينج. هدف ثالث جاء بعد دقائق عديدة من محاولات يونايتد البائسة التي اتسمت بالاندفاع الكافي ولكن افتقرت إلى الخطورة الحقيقية. يرتفع رصيد مورا إلى 3 أهداف هذا الموسم في الدوري الممتاز، ومع المزيد من الأدوار الهجومية داخل مناطق جزاء الخصوم وبدقة عالية في إنهاء الهجمات على المرمى، فإننا نشاهد سلاحا جديدا يقدمه المدير الفني الأرجنتيني هذا الموسم. أندير هيريرا.. قلب دفاع؟ قرر جوزيه مورينيو بداية المباراة بتركيبة ثلاثية في قلب الدفاع أملا في الحد من خطورة توتنام الهجومية. ضمن الثلاثي، قرر مورينيو أن يبدأ بالثنائي جونز وسمولينج اللذان لم يبدأا المبارتين السابقتين، مع استبعاد إيريك بايي من قائمة المباراة وجلوس فيكتور ليندلوف احتياطيا. الإسم الثالث في قلب الدفاع كان الإسباني أندير هيريرا. هيريرا الذي يجيد اللعب كخط وسط في الأساس دخل المواجهة بتوظيف جديد كليا، فهل نجح فيه؟ في الواقع، لم يكن الإسباني سيئا. أدى المطلوب منه بدرجة كبيرة في الحد من خطورة ديلي آلي الهجومية، ونجح في تشتيت كرة وحيدة من منطقة جزاء يونايتد وتصدى لتسديدة أخرى خطيرة من آلي في الشوط الأول كما اعترض تمريرات لاعبي توتنام بشكل سليم لمرة وحيدة. دور آخر كان مطلوبا من هيريرا في هذا الموقع مع إجادته لإرسال الكرات الطولية، وهو بناء الهجمات بتمريرات طولية للوكاكو الذي يتسلمها كمحطة هجومية أو يمهدها لزميل قادم من الخلف. الأمر شكل خطورة على توتنام في الشوط الأول وفي بعض لمحات الشوط الثاني، حيث أتم هيريرا تمريرتين طولتين ناجحتين، ولكن لم يحقق النجاح المأمول. تجربة أنهاها مورينيو بعد 55 دقيقة من اللعب وتأخر بهدفين، حيث انتهى دور هيريرا في المباراة ليحل بدلا منه أليكسس سانشيز، الذي لم يقدم شيئا يذكر كالمعتاد منذ قدومه إلى مسرح الأحلام. بوجبا .. لغز مستمر 90 دقيقة من اللعب أتم في مجملها 34 تمريرة سليمة بدقة بلغت نسبها 79%. 4 كرات عرضية لم تصل لهدفها، و5 تمريرات طولية أتم 3 منها بشكل ناجح، وتصويبة وحيدة بين خشبات مواطنه لوريس. ذلك كان مجمل ما قدمه بوجبا طوال المباراة. مردود اللاعب الفرنسي يظل لغزا مستمرا، فبعد مستوى كبير في أول جولات الموسم ينحدر أداءه من جديد في مبارتين متتاليتين، دون صناعة الفارق المأمول. مستوى لم يرق لتقييم "جيد"، على الأقل إذا ما قارناه بما قدمه زميله البرازيلي فريد. الوافد الجديد يقدم مستويات لا بأس بها في 3 مباريات مع يونايتد، واليوم قدم الكثير من ملامح الخطورة الهجومية، وبالأخص عند تقدمه لمساندة الجبهة اليمنى خلال أحداث الشوط الأول، وكان قريبا من هز الشباك في مناسبتين جانبتا قائمي مرمى توتنام. عرضيات فريد كانت أكثر خطورة من زميله الفرنسي، حيث وصلت 3 منها إلى أهدافها بشكل سليم من أصل 6 محاولات، وأتم 4 تمريرات طولية بشكل سليم من أصل 7 مع دقة تمرير بلغت 76% فقط. لا ندري إن كان سيستمر مورينيو طويلا بعد هذه النتيجة أم لا، ولكن في كل الأحوال هل يدور مستقبل خط الوسط القريب في يونايتد حول فريد؟ من أجل منافسة على اللقب يونايتد يفقد 6 نقاط الآن بعد مرور 3 جولات فقط من عمر المسابقة. خسارتان في أول 3 جولات هو أمر لم يحدث للشياطين الحمر منذ موسم 1992/1993، فيالها من بداية سيئة. على الجانب الآخر، يحقق توتنام العلامة الكاملة بعد تحقيق 3 انتصارات متتالية. 9 نقاط تضعه على القمة بالتساوي مع ليفربول وواتفورد وتشيلسي، وتقدم معنوي جيد لهم جميعها بعد تعثر حامل اللقب هذا الأسبوع في فخ التعادل أمام ولفرهامبتون. سؤال كل موسم.. هل يستطيع الـ "سبيرز" المنافسة على اللقب؟ بداية كهذه ترفع كثيرا من أسهم الفرضية، وتحفز كثيرا المدير الفني الأرجنتيني من أجل اتمام مهمته التي أسس قواعدها على مدار سنوات متتالية. هل يحصد توتنام الألقاب أخيرا؟ لا يزال الوقت مبكرا للغاية، ولكن لتحقيق ذلك فيجب الإيمان بقدرة الفريق. انتصاران كبيران خارج القواعد ضمن أول 3 مباريات على حساب نيوكاسل ومانشستر يونايتد تواليا هي أمور تعزز من معنويات الفريق قبل حلول الجولات القادمة. كسر كين للعنة شهر أغسطس، وتألق كبير للوكاس مورا، وعودة مرتقبة لسون هيونج مين حيث يأملون أن يتمم رحلته مع منتخب بلاده الأوليمبي بنجاح في أندونيسيا حتى لا تتوقف مسيرته، جميعها أمور ستعزز من فرص الفريق اللندني في جولات ما بعد التوقف الدولي.
مشاركة :