نواكشوط - ارتفعت خلال الأيام الماضية حدة السجال السياسي بين الأحزاب الموريتانية المشاركة في الانتخابات النيابية، والمحلية المقررة في الأول من سبتمبر المقبل، وسط أجواء حملة دعائية ملتهبة. وكثفت الأحزاب السياسية من مهرجاناتها (مؤتمراتها) الدعائية مع بداية الحملة التي افتتحت في 17 أغسطس الجاري. وبدأ الرئيس محمد ولد عبدالعزيز، الجمعة الماضية، جولة في جميع محافظات البلاد، بهدف حشد الدعم لحزبه “الاتحاد من أجل الجمهورية”، وهي الجولة التي أثارت غضب أحزاب المعارضة، متهمة الرئيس باستغلال هيبة الدولة والأموال العمومية لصالح حزب منافس. وفي بعض محطات جولته بالمحافظات شدد ولد عبدالعزيز، على ضرورة انتخاب لوائح حزبه، محذرا من أن بعض أحزاب المعارضة قد تشكل خطرا على استقرار البلد. وشهدت الأيام الماضية تراشقا إعلاميا واسعا عبر وسائل الإعلام المحلية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا بين حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم، “والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية” أكبر أحزاب المعارضة. وعبْر العديد من البيانات الصحافية، اتهم “المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة” (ائتلاف أحزاب المعارضة الرئيسية)، حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم بـ”تجنيد” الدولة ووسائلها وإدارتها وسلطتها لصالحه. وعبّر قادة أحزاب المعارضة في مهرجانات منفصلة، عن مخاوفهم من أن “يكون الحزب الحاكم يخطط لتزوير الانتخابات والتلاعب بها”. وقالوا، إن السنوات العشر الماضية من حكم “حزب الاتحاد من أجل الجمهورية”، كانت نتائجها سلبية، “إذ ازدادت نسبة الفقر وتردت جميع الخدمات العمومية”. لكن رئيس حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية”، سيدي محمد ولد محم، خرج في 19 أغسطس الجاري، في مؤتمر صحافي مفندا تصريحات معارضيه. وقال ولد محم، إن موريتانيا تحوّلت خلال السنوات العشر الأخيرة من “بلد يعيش على وقع المواجهات الداخلية بين القوى الأمنية والتنظيمات الإرهابية، إلى بلد تتحرك قواته بكل ثقة لفرض الأمن بمجمل نقاط التوتر في القارة السمراء”. ويرى عدد من المراقبين، أن الاستقطاب الحادّ الذي بدأ مع انطلاق الحملة الدعائية ناجم عن الشعور بالتحدي الذي يعيشه عدد من الأحزاب الكبيرة، ولا سيما حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم، وحزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” الذي يتزعم المعارضة، بالإضافة إلى عدة أحزاب أخرى تطمح إلى المحافظة على مكانتها. ويعتقد المحلل السياسي الموريتاني، أحمد ولد محمد فال، أن المشاركة الواسعة للأحزاب السياسية، ودخول شخصيات فاعلة في المجتمع المدني، ووجوه شبابية نشطة معترك النزال السياسي، جعل الأحزاب الكبرى أمام تحدّ كبير. وأشار إلى أن مشاركة 98 حزبا سياسيا في هذه الانتخابات عززت مخاوف حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم من عدم تمكنه من تأمين أغلبية برلمانية، كما صعّبت مهمة تمثيل لائق بالنسبة إلى الأحزاب السياسية الكبرى.
مشاركة :