لم يكذب أحد المعلقين الكرويين حينما قال مرة: «ان نصف المشاهدين او اكثر لا يحبون مورينيو»، ذاك لم يأتِ اعتباطا ولم يكن وليد الصدفة او من باب التجافي أو الحنق بحق مدرب وصف بالعبقري وكان يعيش افضل مواسم حياته وأكثرها قوة وعقلية تدريبية وانجازية استمرت مدة طويلة، طوت بين صفحاتها (البرتغال وانجلترا وإيطاليا واسبانيا، ومازالت في القمة تبحث عن جديد). مورينيو الذي قاد مرة كلبه للمنصة جنب الى جنب ملكة بريطانيا، لم يكن مغرورا أو متعجرفا، بقدر ما كان يعبر عن استثنائيته وجماهيريته وأحقيته بحرية التصرف. تلك بعض الصفات الخالقة للخصومة حد الكراهية، لذا عاش الرجل بين الشهرة وغضب ومقت الآخرين، حتى الصحافة منهم بكل مواجعها ومواجهاتها وشجاعتها وربما صفراويتها مدفوعة الثمن. البعض صرح بما هو أقرب إلى الحقيقة وليس فيه تجنٍ، وان كان هاضما لبعض حقوق زيدان، حتى قالوا إن ما حققه زيزو من ثلاثية أوروبية مع الريال كانت من صناعة مورينو الذي بنى فريقا عالميا لم يتسنَ له القدر والتوفيق لحصد نتاجه التي ضحكت أخيرا للفرنسي زيدان. مورينيو يمر بظروف صعبة للغاية منذ سنوات أخيرة في الدوري الإنجليزي، إذ تعثر وانهزم في معقل تشيلسي المفضل لديه، ما اضطره إلى المغادرة ليحط في المانيوناتيد بكل شهرته وجديته التي لا تقبل ولا تبرر الخسارة، ومازال يترنح متعثرا منذ موسمين، إذ لم يجد نفسه حتى الآن، وذلك صعب التصديق والقبول من قبل اليوناتيد، خصوصا في البريمرليغ الذي لن يسامحوا به من لا يسعدهم أداء ونتيجة. وقد كانت خسارته الأخيرة امام توتنهام بثلاثية في معقله وأمام جماهيره صعبة الهضم وقاسية جدا، قد تقطع كل الجسور وربما تنبئ بنهاية حزينة لرجل يمتلك من التاريخ والمكانة ما لا يستحق ان يجلجل بهذه الحالة والطريقة. جاري نيفيل مدافع يونايتد السابق قال إنه ينبغي على النادي التمسك ببقاء المدرب مورينيو، رغم البداية الكارثية للموسم الجديد. مضيفا لشبكة «سكاي سبورتس»: «تابعنا إقالة لويس فان جال بعد الفوز بنهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، وإقالة ديفيد مويز قبل 4 مباريات من نهاية الموسم، لذا نحن لم نعد نتحدث عن نادٍ يتصرف كما اعتاد تاريخيا». من جانبها، بردة فعل طبيعية منسجمة، كتبت صحيفة «ميرور»: «ستتعرض للإقالة في الصباح»، وهي هتافات صدرت عن جمهور توتنهام بحق مورينيو خلال المباراة. من ناحيتها، خرجت صحيفة «ديلي اكسبرس» بعنوان «آلام مورا تصيب مورينيو» في إشارة إلى تسجيل لاعب توتنهام لوكاس مورا لهدفين في اللقاء، فيما أشارت صحيفة «مترو» إلى معاناة المانشستر بعنوان «مزيد (مورا) من الشقاء». مورينيو على غير العادة، برسالة بليغة شجاعة تحمل أكثر من عنوان، نزل الى الميدان مباشرة بعد أن صافح خصمه باكتينوا مهنئا بالفوز قبل إطلاق صافرة الحكم، بمبادرة غير معهودة لا في الملاعب العالمية ولا من مورينيو نفسه، وتمشى يقبّل لاعبيه ويواسيهم، ثم استدار وجها لوجه أمام جماهير المايوناتيد الغاضبة وأخذ يصفق كثيرا ويحمل قميص الفريق الأحمر، بإشارات وتعابير مع كل حزنها وكبريائها المجلجل، إلا أنها رسالة شجاعة لم نعتدها من مورينيو الذي على ما يبدو قد خلقت منه الظروف وحنكته الخسارة مدربا جديدا يمكن أن يعود بروحية وشخصية واقعية أكثر مما كان عليه من قبل، فالاستقرار والفهم النفسي يحرر الذات والعقل ليكونا أقدر على الإبداع، ذاك ما ينتظر من رجل كبير كمورينيو كــان يســمى ومــازال «سبيشل وان»، بمعزل عــن الأحــداث والظـروف والخسارات بكل الألوان.
مشاركة :