بعد انتهاء موسم الحج لهذا العام 1439هـ ، والذي تميز عن سابقيه باستحداث خدمات جديدة سهلت على ضيوف الرحمن حجهم، وخاصة استخدام التقنية من خلال تطبيقات الهواتف النقالة، بالإضافة إلى زيادة أعداد المتطوعين من الشباب في مختلف المجالات والتخصصات، والتوسعة التي شهدها الحرم المكي والمشاعر المقدسة، والتنظيم المتميز الذي جعل قرابة ثلاثة ملايين من الحجيج والمنظمين يتحركون بكل يسر وسهولة، أما رجال الأمن فهم فى مهمة ملحة تعجز عن وصفها الأقلام، ومهما قلنا في حق هذه الجموع الغفيرة منهم، فإننا لن نوفي ولو جزءا يسيرا مما قدموه لضيوف الرحمن الذين أدوا هذه الشعيرة وعادوا إلى ديارهم سالمين غانمين يحملون في قلوبهم ذكريات جميلة من أرض الحرمين الشريفين لن تمحوها الأيام من ذاكرتهم حاملين في قلوبهم كل حب وثناء وشوق لهذه الأرض الطيبة ولشعبها ولقيادتها، وما زاد حج هذا العام تألقًا تلك المكرمة الملكية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز باستضافة أسر الشهداء من مصر والسودان واليمن وفلسطين؛ لتأدية فريضة الحج على نفقته ورعايته الكريمة ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة من أجل تسهيل أداء فريضة الحج للمسلمين، بالإضافة إلى التكفل بنفقات الهدي لجميع الحجاج المستضافين ضمن البرنامج، والبالغ عددهم 5400 حاج وحاجّة ينتمون إلى قرابة 95 دولة من مختلف القارات. موسم الحج هو تحدٍ كبيرٍ تخوضه المملكة بقيادتها وشعبها، ليس لعدم كفاءة أو قلة مقدرة؛ لكنه تحدٍ من أجل التميز في الأداء والتطوير فيما يقدم لحجاج بيت الله الحرام، وتحدٍ من أجل تمكين ضيوف الرحمن على اختلاف فئاتهم العمرية واختلاف لغاتهم وألوانهم وثقافاتهم من أداء هذا الركن العظيم بكل يسر وسهولة، وقد كسبت المملكة بقيادتها وشعبها هذا الرهان، وتفردت في خدمة هذه المشاعر المقدسة، ليس هذا العام فقط، بل منذ سنوات طويلة، وهم يخدمون هذا البيت العتيق، كيف لا وقد اختص الله هذه الأرض المباركة بأن جعل بيته العتيق ومدينة رسوله الكريم فيها من دون سواها من بلاد العالم ، وهذا فضل كبير لا يؤتيه الله سبحانه وتعالى، إلا لمن شاء. ومع كل ما تقدمه المملكة من أعمال جليلة أبهرت العالم بأسره يظهر علينا أعداء الأمة ليستنقصوا من هذه الجهود الجبارة في تنظيم موسم الحج وخدمة حجاج بيت الله الحرام. إن أمثال هؤلاء يحملون فكرا طائفيًا وحقدا دفينًا تجاه العرب وتحديدًا أرض الحرمين الشريفين منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ولم يعد ذلك خافيًا على أحد من المسلمين وغيرهم. المشكلة الكبرى عندما يمنع أبناء جلدتنا حجيجهم من أداء هذه الفريضة، ويطلقون مأجوريهم؛ للاستنقاص من الأعمال الجليلة التي تقوم بها المملكة، فالأول لديه دوافع سياسية وعداء تاريخي متجذر في نفسه ونهجه العقيم، أما الثاني فهو مجرد أداة، ومغرر به، وهو أعمى البصر والبصيرة، ظن أن ماله أخلده، واعتقد في نفسه المريضة بأن دخوله جحر الحية سيقيه من لدغها، فبئس القرار، وبئس المصير، وستبدي له الأيام ما كان يجهل. حكومة خادم الحرمين الشريفين سخرت كل إمكاناتها لاستقبال ضيوف الرحمن، ووفرت لهم كل سبل الراحة.. فتحت لهم عشرات المستشفيات لعلاج المرضى ممن قدموا لأداء الحج، ومكنت كل مريض من أداء فريضته بتخصيص سيارة إسعاف لكل منهم يرافقه طبيب وممرض.. وربع مليون رجل أمن يسهرون بكل تفانٍ على أمن وراحة الحجيج، وقد رأينا صورا من الإحسان والإنسانية يقدمها هؤلاء الرجال قد انهالت لها مآقينا، وأكثر من 34 ألف متطوع صحي، والكثير من التسهيلات التي لايمكن حصرها وذكرها في هذه الأسطر البسيطة. إن هناك أبواقًا ساءها نجاح الحج لهذا العام وطوال الأعوام الماضية، ساءها انطباعات الحجيج وثناؤهم على أرض المملكة ومليكها وشعبها، ساءها دعاء ضيوف الرحمن وهم واقفون على جبل عرفه أن يحفظ الله هذا البلد ويحفظ قادته وشعبه وأن يزيد عليهم الخير ويجزيهم خير الجزاء على ما يقدمونه إلى الحجيج والمقدسات الطاهرة، ساءها أن أنظار مليار ونصف المليار مسلم متوجهة لتشاهد تفرد المملكة وتميزها فيما تقدمه لضيوفها، وكيف مكنت هؤلاء من أداء فريضتهم خاشعين فرحين مستبشرين آمنين مطمئنين على أنفسهم، متلذذين بأداء هذه المناسك الميسرة.. ساءها نجاح المملكة بكل اقتدار في خدمة ورعاية الحرمين الشريفين والاهتمام بهما وتوسعتهما ليستوعبا المسلمين من كل بقاع المعمورة، وكما يقال لا تُرمى إلا الشجرة المثمرة.. ولا يُطعن من الخلف إلا من كان في المقدمة، وهذه لا يأتي بها إلا صديق جاهل أعمى القلب والبصيرة. الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة العربية السعودية بقيادتها وشعبها في خدمة الحرمين الشريفين وكل من قصدهما من حجيج ومعتمرين، كضوء الشمس في كبد السماء لا يحجبها غربال، أما من عميت قلوبهم وأفئدتهم فلا يرون حجاج بيت الله الحرام كيف يثنون ويشكرون ويلهجون بالدعاء للمملكة وقيادتها وشعبها، والتي سهلت لهم أداء هذا الركن بكل أريحية منذ دخولهم أرض الحرمين الشريفين حتى خروجهم منها. حفظ الله أرض الحرمين الشريفين آمنة مطمئنة مستقرة سخاءً رخاءً، وحفظ الله قيادتها وشعبها وجعلها في خير لا ينضب.
مشاركة :