برلين - يتزايد القلق في ألمانيا حيال اللجوء إلى العنف من جانب المجموعات المتشددة من اليمين المتطرف والذي برز من خلال الحوادث التي وقعت طوال يومين في شمنيتس، شرقي البلاد، وسط أجواء توتر بشأن مسألة الهجرة. ودانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الثلاثاء، الاحتجاجات العنيفة التي نظمها اليمين المتطرف والتي تحولت إلى هجمات على الأشخاص الذين يدل مظهرهم على أنهم أجانب، مؤكدة أنه لا مكان في ألمانيا “للكراهية في الشوارع”. وأصيب 20 شخصا على الأقل الاثنين بسبب إلقاء ألعاب نارية وغيرها من قبل متظاهرين من اليمين المتطرف، وآخرين من المعادين للفاشية في المدينة. وصرحت ميركل “ما شهدناه هو أمر لا مكان له في ديمقراطية دستورية”. وأضافت “لدينا تسجيلات فيديو لأشخاص يطاردون آخرين ولتجمعات جامحة وللكراهية في الشوارع وهذا لا مكان له في دولة دستورية”. وأكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أنه ليس هناك أي مبرر لأعمال العنف التي شهدتها شوارع مدينة شمنيتس كرد على مقتل رجل ألماني في شجار بين أشخاص من جنسيات مختلفة هناك. وقال زيهوفر، الثلاثاء، “خالص تعاطفي مع ذوي ضحية الهجوم بسكين، وعميق أسفي على حالة الوفاة هذه”. وأعرب عن تفهمه لقلق المواطنين إزاء هذا الحادث، مستدركا بقوله: “ولكنني أرغب أن أقول بوضوح تام أيضا إن ذلك لا يبرر تحت أي ظرف الدعوة للعنف أو لأعمال شغب عنيفة”، مؤكدا أنه ليس هناك مكان لذلك في دولة قانون. وأضاف زيهوفر أن شرطة ولاية سكسونيا تواجه موقفا صعبا حاليا، وأكد أنه يمكنها -إن رغبت ذلك- أن تحصل على مساعدة من الحكومة الاتحادية في صورة “تدابير دعم شرطية”. وأعرب جوزف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا كذلك عن مخاوفه وقال إنه أصبح الآن من “واجب المواطنين مواجهة عصابة اليمين المتطرف”. واعتبرت مجلة در شبيغل، الثلاثاء على موقعها في الإنترنت، أنه “عندما تتسبب جموع متحمسة من اليمين المتطرف بحصول اضطرابات في وسط ألمانيا وتتجاوز الأحداث دولة القانون، فهذا يذكر قليلا بالوضع في جمهورية فايمار”. وهذه إشارة إلى النظام السياسي الديمقراطي الذي نشأ في ألمانيا في سياق الحرب العالمية الأولى، والتي اضطرت إلى أن تواجه بصورة دورية محاولات لتقويض الاستقرار في الشارع وانتهت بالتلاشي لدى تسلم أدولف هتلر السلطة في 1933. ولا تزال البلاد بعيدة عن الوقوع في الاضطرابات، لكن عمليات “المطاردة الجماعية” للأجانب التي قام بها أنصار لليمين المتطرف الأحد في شوارع شمنيتس، ثم أعمال العنف التي ميزت مساء الاثنين بتجمع جديد لبضعة آلاف منهم – حيث نظم البعض استعراضا وقدموا التحية الهتلرية- شكلت صدمة للبلاد. وأعلن عن تظاهرة جديدة بعد ظهر الثلاثاء، هذه المرة في مدينة دريسدن القريبة من شمنيتس وعاصمة ولاية ساكس الإقليمية التي يتجذر فيها اليمين المتطرف بقوة حيث تصدر نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في سبتمبر 2017، ما أثار زلزالا سياسيا في ألمانيا. وقد بدأت المسألة في نهاية الأسبوع، عندما قتل ألماني في الخامسة والثلاثين من العمر طعنا بالسكين خلال شجار على هامش احتفال محلي. واعتقلت الشرطة مشبوهين اثنين، الأول سوري والثاني عراقي في العشرين من العمر متهمين بالتحرك في أعقاب “مشادة كلامية”.
مشاركة :