توقع تقرير "أويل برايس" الدولي أن تنجح الولايات المتحدة في دفع صادرات إيران النفطية إلى مستوى يقترب من "الصفر"، مبينا أن الصادرات الإيرانية ستهوي إلى أقل من مليون برميل يوميا قريبا. وأوضح التقرير أنه سيتم تحويل الإنتاج الإيراني إلى المخزونات العائمة، مؤكدا أن الأرباح الإيرانية من صادرات النفط ستدخل في كساد واسع إضافة إلى أن تأثير ذلك في النظام الاقتصادي الهش بالفعل في إيران سيكون شديدا. وذكر التقرير أن الولايات المتحدة تريد بإصرار إسقاط مستوى صادرات النفط الإيراني إلى الصفر وذلك وفقا لبيان صدر أخيرا، عن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، مشيرا إلى تمسك الإدارة الأمريكية بوقف إنتاج الخام الإيراني وتجميد الإنتاج النفطي في ثالث أكبر منتج في منظمة "أوبك" وإلغاء دوره في سوق النفط العالمية. وأفاد التقرير أن الولايات المتحدة أعادت فرض العقوبات على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي الدولي الذي كان قد تم التوصل إليه في عام 2015، مشيرا إلى بدء تهديدات أمريكية صارمة بفرض عقوبات ثانوية على أي دولة تستمر في شراء النفط من إيران. واعتبر التقرير أن الحملة الأمريكية أثبتت فعاليتها، لافتا إلى أنه في النصف الأول من آب (أغسطس) الجاري تراجعت صادرات النفط الإيرانية بمقدار 600 ألف برميل يوميا، حيث انخفضت من 2.32 مليون برميل يومياً إلى 1.68 مليون برميل يوميا. وأضاف التقرير أن العملاء الرئيسيين للنفط الإيراني بما في ذلك كوريا الجنوبية والصين قلصوا مشترياتهم رغم أن الصين تتخذ بعض المواقف الدفاعية في مواجهة الولايات المتحدة كما لم تعط الصين أي إشارة على رغبتها في الامتثال للولايات المتحدة مع إعادة فرض العقوبات في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وذكر التقرير أن التخفيضات الكبيرة جاءت من الهند وهي ثاني أكبر مستورد في إيران حيث خفضت مشترياتها من إيران من 706.45 ألف برميل يوميا إلى 203.93 ألف برميل يوميًا خلال الفترة من 1 إلى 16 أغسطس الجاري. وأشار التقرير إلى أن الهند تحاول اتخاذ مواقف وسطية بين الولايات المتحدة وإيران من خلال مقاومة نسبية لنظام العقوبات الجديد مع العمل على الحفاظ على بعض واردات النفط والغاز الإيراني، لافتا إلى استيراد الهند 80 في المائة من طاقتها من إيران. وأوضح التقرير أن إيران – في محاولة يائسة منها للحفاظ على المشترين – عرضت تولي تأمين الشحنات وحرية استخدام الناقلات الإيرانية لمصلحة الهند كوسيلة لاستمرار التعامل مع نفطها. وأفاد التقرير أنه في حالة امتثال الهند كاملا للعقوبات الأمريكية ستنخفض صادرات النفط الإيرانية بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، مؤكدا وجود احتمال أقوى أن تتحول الهند إلى مصادر جديدة للإمدادات بما في ذلك الخام الأمريكي. ولفت إلى أن الواردات النفطية الهندية من الولايات المتحدة تتزايد باطراد، حيث بلغت الزيادة 264 ألف برميل يوميا في أيار (مايو) 2018. وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى الاستقرار بعد ارتفاعات تلقتها من تراجع إنتاج فنزويلا وأنجولا إلى جانب العودة المرتقبة للعقوبات الأمريكية على إيران التي تستهدف خفض مستوى الصادرات النفطية الإيرانية إلى مستوى الصفر. ويقاوم الارتفاعات السعرية التزام "أوبك" وحلفائها من خارج المنظمة بزيادة الإمدادات النفطية على نحو تدريجي لتأمين المعروض النفطي وتعويض التهاوي السريع في إنتاج عدد مهم من المنتجين في "أوبك" وخارجها. وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" تورستين أندربو الأمين العام الفخري للاتحاد الدولي للغاز، "إن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تضع قطاع النفط والغاز في تحديات كبيرة، خاصة أن هذه الحرب في حالة استمرارها ستؤثر بشكل واسع في معدلات النمو الاقتصادي العالمي". ولفت إلى أن الصين والاتحاد الأوروبي يحاولان مقاومة السياسات الاقتصادية الأمريكية خاصة عودة العقوبات على إيران بينما اليابان وكوريا الجنوبية والهند أكثر امتثالا، مشيرا إلى جدية الجانب الأمريكي في فرض عقوبات ثانوية على كل من يشتري النفط الإيراني بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية" رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة سيمنس العالمية، أن الدور السعودي والروسي في استقرار سوق النفط يسير بشكل جيد منذ تدشين البلدان جهود الشراكة والتعاون المشترك لاستعادة الاستقرار في سوق النفط في عام 2016، مبينا أن مواجهة تحديات السوق عززت التفاهم بين الجانبين خاصة في أعقاب ما سمي بثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة. وأوضح أن البلدين يتوليان حاليا مهمة تعزيز الإمدادات لتعويض الفجوة الحادة في المعروض بسبب العقوبات على إيران وفنزويلا وانقطاعات الإنتاج المتكررة في ليبيا ونيجيريا وأنجولا وكندا وبحر الشمال. من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية" أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، "إن أولى التداعيات السلبية للحرب التجارية بدأت الظهور في السوق، إذ تباطأت الاستثمارات في المشروعات طويلة الأجل تحسبا لامتداد هذه الحرب واستمرار انعكاساتها القوية على النمو. وأشار إلى أن امتداد التعريفات إلى النفط والغاز سيكون ضربة قوية لهذا القطاع الحيوي كما أن هناك مخاطر من اتساع الحرب التجارية لتشمل دولا أخرى. وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط أمس، حيث كبحها الارتفاع التدريجي في إمدادات "أوبك" بينما تلقت دعما من مخاطر محتملة على إنتاج آخرين مثل فنزويلا وإفريقيا وإيران. وسجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 76.21 دولار للبرميل بحلول الساعة 0542 بتوقيت جرينتش دون تغير يذكر عن سعر الإغلاق السابق. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربعة سنتات إلى 68.83 دولار للبرميل. وقالت لجنة المراقبة التابعة لمنظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، "إن منتجي النفط المشاركين في اتفاق خفض الإمدادات قلصوا الإنتاج في تموز (يوليو) الماضي، بمقدار 9 في المائة فوق ما تعهدوا به". وأضاف الخام الأمريكي عند تسوية أمس الأول، ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة، وصعدت عقود برنت بنسبة 0.9 في المائة، في ثاني مكسب يومي على التوالي، بدعم صعود معظم أسعار السلع المقومة بالدولار الأمريكي، إضافة إلى توقعات انخفاض إمدادات إيران. وعلى مدار الأسبوع الماضي حققت أسعار النفط العالمية ارتفاعا بمتوسط 5 في المائة، في أول مكسب أسبوعي خلال شهر، مع انحسار المخاوف بشأن وفرة المعروض في السوق. وحذرت وكالة الطاقة الدولية أمس الأول، من مزيد من الاضطرابات في إمدادات النفط العالمية، ولا سيما من فنزويلا التي تعاني مشكلات سياسية واقتصادية عنيفة. ووفقا لبيانات رسمية تراجعت الصادرات من فنزويلا إلى النصف في السنتين السابقتين، إلى نحو مليون برميل بحلول منتصف العام الجاري. وتتوقع الوكالة الدولية مزيدا من التراجع خلال الفترة المقبلة. وحذر فاتح بيرول المدير التنفيذي للوكالة الدولية من أن إنتاج النفط في ليبيا ونيجيريا لا يزال هشا على الرغم من تحسنه في الفترة الأخيرة. وقال بيرول "إنه من السابق لأوانه قياس تأثير العقوبات الأمريكية التي تستهدف طهران في تشرين الثاني (نوفمبر) في صادرات الخام الإيراني". وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 74.09 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 74.02 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 15 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سابع ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه في الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 70.64 دولار للبرميل.
مشاركة :