لم تحمل أجواء الاتصالات الجارية حتى الآن في مسار تشكيل الحكومة العتيدة أي مؤشرات حلحلة لتذليل العقد، فهي لا تزال على حالها، ولا شيء حتى الآن يوحي بولادة قريبة للحكومة، على رغم المشاورات واللقاءات التي تكثفت في الساعات الماضية، فيما أبدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس تفاؤله بقرب تأليف الحكومة وفق ما نقل عنه النائب عبد الرحيم مراد، بعد لقائه والنواب السنة المستقلين. وفي هذا السياق أشار القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش إلى أن «احتمال الخرق وارد في الموضوع الحكومي مع انطلاق جولة مشاورات جديدة»، ولفت إلى أن «الرئيس المكلف سعد الحريري لن يقدم أي تشكيلة، ما لم يكن يعلم مسبقاً أنها ستنال رضا رئيس الجمهورية ميشال عون». وسعياً إلى استمرار الحراك على خط الحلحلة للتعجيل بالتأليف والخروج من الأزمة التي تتدحرج إليها الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية والتي بدأ غالبية الأطراف يتلمس دقتها وخطورة استمرارها، أجرى الرئيس الحريري اتصالاً بالرئيس عون تم خلاله التشاور في ملف عملية تأليف الحكومة والاتفاق على لقاء قريب بينهما. وأشارت «الـ بي سي» إلى أن الرئيس بري يلاقي الرئيس المكلف ويساعده في فكفكة العقد الحكومية. ومع ترقب الموقف الذي سيصدر عن عون وما تسرب من معلومات عن خطوات سيلجأ إليها لوضع حدّ لحال الشلل التي أصابت جهود التأليف وضرب مواعيد لها من بينها الأول من أيلول (سبتمبر) المقبل، قالت أوساط سياسية مطّلعة لـ «المركزية» إن عون سيعرض على الحريري حينما يزور بعبدا في وقت غير بعيد جملة اقتراحات وأفكار تحت عنوان «استمرار التفاهم والشراكة» بينهما، وأن أطروحاته هذه إيجابية. ويجري الحريري قبل الزيارة جولة مشاورات سريعة يضع بعدها مسودة صيغة تلتزم ثوابت التشكيلة، حكومة وحدة وطنية ثلاثينية تضم المكونات السياسية وتشكل وفق معيار واحد، يبحثها مع عون الذي وبعد الاتفاق عليها يوقّعها على أن تبدأ آنذاك مهلة الثلاثين يوماً لوضع البيان الوزاري. وفي المواقف شدد رئيس كتلة «الوسط المستقل» النائب نجيب ميقاتي على أن «لا إمكان لتأليف حكومة في المدى القريب وقد نشهد تفعيلاً لدور حكومة تصريف الأعمال في حال استمر الوضع القائم»، لافتاً إلى «أننا نجدد دعمنا لمقام رئاسة الحكومة بغض النظر عن الأشخاص الذين يتولون سدة المسؤولية فيه». وأكد الوزير رائد خوري، أنّ «رئيس الجمهورية لا يمكنه أن يجلس متفرّجًا وعليه تحريك الأمور، ولديه أمور عدة يمكنه القيام به، مع العلم أنّه لا يلوم الحريري ولا يقصيه، بل يضع ضغطًا على كل الفرقاء السياسيين للإسراع في التأليف»، مبيّنًا أنّ «لا يمكن أن لا يكون لدى الرئيس عون عدة عمل أساسية هي الحكومة». ولفت النائب ميشال موسى إلى أن «ثمة مشكلة مالية كبيرة في البلد تستدعي الاستعجال في تشكيل الحكومة، ولكننا نرواح مكاننا في التأليف وما من تقدم ملموس». وذكر أن «الأكثرية الساحقة سمت الرئيس الحريري وهناك شبه إجماع عليه والمطلوب إزالة عقبات التأليف». ورأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا أن «أكثر فريق تساهل وتنازل من أجل تشكيل الحكومة هو حزب «القوات»، والفريق الآخر لم يلتزم اتفاق معراب وهدفه الأساس تحجيمنا من أجل القبض على السلطة وهذا لا ينفع، كما أن الإخلال بالتوازن في لبنان يضر ولن يمر». وزاد إن «الرئيس المكلف يدرك أننا سهّلنا التشكيل لذلك يدافع عنا ويرى أن مطالبنا محقة»، وقال: «نقبل بـ4 وزارات لكن لن نتخلى عن السيادية ولن نقبل بأقل من ذلك، نحن مكون سياسي كبير فلماذا لا يحق لنا بتولي حقيبة الدفاع؟». «العقدة الباسيلية» وأكد عضو التكتل ذاته النائب أدي أبي اللمع، أن «لا عقدة قواتية أو اشتراكية في تشكيل الحكومة، بل العقدة باسيلية»، وقال: «الوزير جبران باسيل يستطيع التعطيل فقط، لكنه لا يستطيع التشكيل أو تغيير الواقع الموجود»، مجدداً التأكيد على أن «التعقيدات ليست من القوات بل ممن ينصب نفسه على أنه منظم الحصص في الحكومة وبالتالي يقوم بأخذ الحصة الأكبر في تحد للآخرين». واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب أسعد درغام أن «الجميع اليوم لا يملك قدرة المناروة وأعتقد بأن الرئيس المكلف سيبادر في الأيام المقبلة عبر دوره الدستوري لتدوير الزوايا وتقديم الصيغة الحكومية لرئيس الجمهورية». وأوضح أن «القوات في الحكومة الماضية كانت تستحق وزيرين ولكن التيار الوطني الحر أعطاها من حصته وزيرين إضافيين نتيجة الاتفاق السياسي»، مشدداً على «أننا متمسكون بأن تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية». وكان موقف بارز لرئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بعد زيارته ونجله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط والنائب السابق غازي العريضي الرئيس بري حيث قال: «لا بد من الإسراع ومن الخروج من المأزق الحكومي لأن الوضع الاقتصادي والنقدي لا يتحمل. لقد أعطانا الوزير علي حسن خليل مؤشرات مخيفة. ولذلك، لا بد من حكومة تتخذ قرارات من أجل إخراج البلاد من هذا المأزق، وهذه هي الغاية من الزيارة اليوم». وأكد أنه »لا توجد عقدة درزية، إذا كنا نريد أن نقول عقدة درزية فلنجر الانتخابات من جديد. لقد ربحنا الانتخابات، إلا إذا كنتم تريدون أن نجري انتخابات جديدة، وإذا ربحنا مجدداً تعود العقدة، وإذا خسرنا صحتين على قلبهم.«
مشاركة :